لا تزال الاحتياجات الإنسانية في العراق مرتفعة للغاية. تفتقر العديد من المرافق الصحية إلى الإمدادات الطبية والمتخصصين بالرعاية الصحية، كما أن خدمات الصحة العامة الرئيسية تتحمّل ما يفوق طاقتها. وتعرّض نظام الرعاية الصحية مؤخرًا لضغوط إضافية بسبب الأعداد الكبيرة من الجرحى المُصابين خلال الحملات القمعية العنيفة ضد الاحتجاجات الشعبية والتفشي المستمر لجائحة كوفيد-19.
تعمل أطباء بلا حدود منذ عام 1991 في العراق حيث يقدم أكثر من 1,800 من موظفينا الرعاية الصحية الأساسية والتخصصية، والخدمات للأمهات الحوامل والجدد، وعلاج الأمراض المزمنة، والجراحة وإعادة التأهيل للأشخاص الذين يعانون من إصابات بالغة، والدعم النفسي، وأنشطة التوعية الصحية.
تقدم فرقنا الدعم وخدمات الرعاية الصحية في محافظات نينوى وبغداد ودهوك وأربيل وذي قار والنجف والبصرة.
نزوحٌ طال أمده
أجبر النزاع في العراق منذ عام 2014 ما يقدّر بنحو 5.7 مليون طفلٍ وبالغٍ على مغادرة منازلهم والبحث عن ملجأ في أماكن أخرى. واعتبارًا من أغسطس/آب 2021، عاد نحو 5 ملايين عراقي إلى منازلهم، إلا أن أكثر من 1.2 مليون شخصٍ ما زالوا في عداد النازحين.
وغالبًا ما يكون الأشخاص الذين بقوا في مخيمات النازحين أفقر الناس وأكثرهم حاجة، لذلك فهم يعجزون عن مغادرة هذه المخيمات وإعادة بناء منازلهم المدمرة. ويقول آخرون إنهم لا يستطيعون العودة إلى منازلهم لأنهم لا يشعرون بالأمان.
ورغم ذلك، بدأت السلطات في أكتوبر/تشرين الأول 2020 بإغلاق مخيمات النازحين وإعادة السكان إلى مناطقهم الأصلية. في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2020، تم إغلاق مخيم ليلان حيث كانت أطباء بلا حدود تُدير مركزًا للرعاية الصحية الأساسية ووحدة عزل لمرضى كوفيد-19 تضم 20 سريرًا.
وقد أخبر العديد من النازحين الذين كانوا يعيشون في المخيم فرقنا إن الإغلاق المفاجئ جعلهم خائفين على سلامتهم. وزوّدت فرقنا الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة بمخزون أدوية يكفيهم لمدة ثلاثة أشهر قبل مغادرتهم المخيم.
احتياجات طبية متنوّعة
تقدّر منظمة الهجرة الدولية أن أكثر من 50 في المائة من العراقيين العائدين إلى منازلهم رجعوا إلى مناطق تسودها ظروف معيشية قاسية. ونتيجة لذلك، يواجه أكثر من مليونَي شخصٍ إمكانيات محدودة أو حتى معدومة للحصول على الخدمات الأساسية. وغالبًا ما تتّسم أماكن العودة بأوجه انعدام الأمن المتبقية، والممتلكات والبنية التحتية العامة المتضررة.
لا يزال نظام الرعاية الصحية هشًا في الكثير من المناطق في البلاد بحيث تكافح آلاف العائلات للحصول على رعاية صحية جيدة وبأسعار ميسورة.
كما أن النقص في خدمات الصحة الجنسية والإنجابية في بعض المناطق في البلاد كالموصل وسينوني يضع النساء الحوامل ضمن الفئات الأكثر حاجة. ويعاني أيضًا المواليد والأطفال الذين يحتاجون إلى رعاية عاجلة من نقص في الخدمات التخصصية المُقدَمة على مقربة منهم.
بغية الاستجابة للاحتياجات الشديدة، تُدير أطباء بلا حدود وحدة أمومة متخصّصة في مستشفى نابلس في غرب مدينة الموصل، حيث يقدم الموظفون رعاية آمنة وعالية الجودة ومجانية إلى الأمهات والأطفال حديثي الولادة، بالإضافة إلى الرعاية في غرفة الطوارئ واستشارات الصحة النفسية في المستشفى ذاته.
في مركز الرافدين للرعاية الصحية الأساسية في غرب الموصل أيضًا، تقدم فرق أطباء بلا حدود الرعاية الروتينية للتوليد والمواليد وخدمات الصحة النفسية.
عانى العديد من العائدين إلى الموصل من إصابات مرتبطة بالحرب، بينما تعرّض آخرون للعنف أو الإصابات العرضية. فيوفر لهم مرفق الرعاية التالية للجراحة في شرق الموصل الرعاية الجراحية والتأهيلية بالإضافة إلى خدمات الصحة النفسية.
أما في مستشفى سنوني العام، فنقدم خدمات الطوارئ والأمومة وطب الأطفال. ونقدم أيضًا الرعاية النفسية وعلاج الأمراض غير السارية وأنشطة التوعية الصحية في العباسي والحويجة في محافظة كركورك إلى العائلات العائدة إلى المنطقة.
علاج الندوب المستترة
شهدت طواقم أطباء بلا حدود الاحتياجات السائدة للصحة النفسية بين مرضانا في مجالات استجاباتنا المختلفة في العراق.
لذلك، دمجنا خدمات الصحة النفسية في مشاريع إعادة التأهيل في الموصل وبغداد، وفي جناحين للأمومة في الموصل. تعالج طواقمنا الندوب المستترة للمرضى ذوي الإصابات البالغة طوال عملية تعافيهم في المدينتين.
في سنوني حيث بدأنا أولاً بدعم رعاية الأمومة، سرعان ما أدركت طواقمنا أن الصحة النفسية كانت بمثابة حاجة ضخمة غير ملباة في المنطقة، خصوصًا بين الأشخاص العائدين إلى منازلهم. لذلك، نوفر خدمات الرعاية النفسية الشاملة بما في ذلك الطب النفسي والرعاية النفسية بالإضافة إلى جلسات جماعية وأنشطة في القرى المحيطة بسنوني.
في محافظة كركوك، نقدم الدعم النفسي الذي يشمل الرعاية النفسية إلى النازحين والمجتمع المضيف والأشخاص الذين عادوا إلى منازلهم في المنطقة.
تحسين تشخيص وعلاج حالات السل المقاوم للأدوية
تدعم أطباء بلا حدود البرنامج الوطني لمكافحة السل منذ عام 2018. ويهدف البرنامج إلى تحسين الكشف عن حالات الإصابة، وتوفير علاج فعّال للسل المقاوم للأدوية يمكن للمرضى تحمُّله على نحو أفضل، وتحسين جودة الرعاية.
تقدم أطباء بلا حدود وسائل مراقبة المرضى وجلسات استشارية للمرضى بالإضافة إلى جلسات تعليمية حول السل لمرضى وعائلاتهم. كما قدمت فرقنا الطواقم وساعدت في بناء القدرة في المجال التقني وفي المختبر لتحسين عملية العثور على الأشخاص المصابين في المختبر المرجعي الوطني. ونعمل على تحسين الامتثال للعلاج ورعاية المرضى في مستشفيي الرصافة والصدر. بالإضافة إلى ذلك، ساهمنا في بناء قدرات اختصاصيي السل في العراق من خلال ورش عمل تدريبية حول رعاية المرضى وعلاجهم.
كما ركّزت طواقم أطباء بلا حدود جهودها على طرح أدوية جديدة لعلاج السل المقاوم للأدوية لتحلّ محل العلاج بالحقن القديم، والذي يُعتبر علاجًا مؤلمًا له آثار جانبية شديدة ولا رجعة فيها. ويتلقى حاليا 100 مريض مصاب السل نظام العلاج الفموي الذي يقوم على العقارَين الجديدَين لعلاج السل وهما البيداكويلين والديلامينيد.
خطة التأهب للاستجابة لكوفيد-19
منذ بداية جائحة كوفيد-19، واصلنا عملياتنا الطبية المُنقذة للحياة مع تعزيز تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها في مرافقنا. وضعنا أيضًا إجراءات فرز وإحالة لضمان حماية المرضى والموظفين.
ودعمًا للسلطات الصحية المحلية، قمنا بتعديل بعض أنشطتنا للاستجابة للحاجة المتزايدة لمرافق علاج مرضى كوفيد-19.
كانت بغداد المدينة الأكثر تضررًا من كوفيد-19 في العراق. فدعمت فرق أطباء بلا حدود مركزَين لعلاج مرضى كوفيد-19 (ابن الخطيب والكندي) في عام 2020، حيث وفرت التدريب على فرز المرضى والوقاية من العدوى ومكافحتها. تعمل فرقنا حاليا في جناح كوفيد-19 الذي جرى تشييده حديثًا والذي يضم 55 سريرًا ووحدة العناية المركزة في مستشفى الكندي حيث نقدم العلاج للأشخاص المصابين بحالات حرجة من كوفيد-19.
في شرق الموصل، بين أبريل/نيسان وأكتوبر/تشرين الأول 2020، حولنا مركز الرعاية التالية للجراحة مؤقتًا إلى مركز علاج لمرضى كوفيد-19. وفي أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2020، افتتحنا مرفقًا تبلغ طاقته الاستيعابية 16 سريرًا في مستشفى السلام في شرق الموصل لعلاج المرضى الذين يعانون من أعراض شديدة جراء كوفيد-19، وقد جرى إغلاقه في مارس/آذار 2021.
وبالانتقال إلى نينوى وأربيل ودهوك، أجرت فرق أطباء بلا حدود دورات تدريبية بشأن تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها في المستشفيات وتبرعت بمستلزمات الوقاية من العدوى ومكافحتها ومواد التنظيف لستة مستشفيات.