Skip to main content
Boost Hospital, Lashkar Gah, Helmand, Afghanistan

الأفغانيون يواجهون خيارات شديدة الصعوبة في كفاحهم للحصول على الرعاية الطبية

في تقرير نشرته منظّمة أطباء بلا حدود تحت عنوان "نظرة عن كثب: الأزمة المنسية التي تطال الرعاية الصحية في أفغانستان"، أفادت المنظّمة أنّه على الرغم من المساعدات والاستثمارات التي قُدّمت على مر عقود في أفغانستان، فما يزال الأفغانيون يعانون للحصول على خدمات الرعاية الصحية الأساسية والطارئة على حد سواء، وذلك نتيجة انعدام الاستقرار الأمني وطول المسافات وارتفاع التكلفة وافتقار الكثير من المرافق الصحية للموارد البشرية والمعدات الطبية اللازمة. 

كشفت مقابلات مطوّلة أجريت في إقليمي هرات وهلمند مع المرضى ومقدمي الرعاية لهم وأفراد الطاقم الطبي في أطباء بلا حدود أنّ الكثير من الأفغانيين يواجهون عوائق تحول دون حصولهم على الرعاية الطبية، حيث يشكّل ذلك حالة من المعاناة لم تتحسّن منذ نشر أطباء بلا حدود لتقرير في العام 2014 حول الرعاية الصحية في أفغانستان. ما زال التزعزع الأمني والفقر المنتشر يقفان عائقاً أمام وصول الكثيرين إلى الرعاية الصحية التي يحتاجون إليها وينبغي ضمان حصول هؤلاء على رعاية صحية مجانية وعالية الجودة.

يحكي لنا السكان عن الرحلات الطويلة والخطيرة التي يجب عليهم القيام بها لإحضار الأطفال أو الحوامل أو المصابين من بين أفراد عائلاتهم أو أحبابهم إلى المستشفى. جوليان ريكمان، ممثّل أطباء بلا حدود في أفغانستان

تُعرقل نتائج القتال والعنف الذي لا يستثنى منه أحد دوران عجلة الحياة اليومية في أفغانستان بشكل مستمر، ما يشمل عرقلة قدرة الوصول إلى الرعاية الطبية. على الكثير من المرضى الذين يصلون إلى مستشفى بوست في لشكر كاه التفكير مليًا آخذين في الحسبان عوامل كثيرة قبل اتخاذ قرار القدوم إلى المستشفى أو مغادرته. وتشمل هذه العوامل احتمالية انتشار الألغام والحواجز على طول الطريق، بالإضافة إلى ارتفاع خطورة السفر خلال ساعات الليل أو في خضّم احتدام المعارك.

ويقول في هذا الصدد أحد مرافقي مريضة في قسم الولادات في مستشفى بوست، "نحن نخشى المغادرة ليلًا، لذلك ننتظر طلوع الصباح للقدوم إلى المستشفى. وكذلك الأمر بالنسبة لجميع أفراد العائلة، ننتظر دائمًا، حتى ولو كان المريض يحتضر".

في الحقيقة، يرى الطاقم الطبي العامل في المرافق الصحية التي تديرها أو تدعمها أطباء بلا حدود بشكل متكرّر تأثير تأجيل القدوم إلى المستشفى على صحة المرضى - التأجيل الذي قد يشكّل الفارق بين الحياة والموت. خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2019، 44 في المئة من الأطفال الذين توفوا خلال 24 ساعة من وصولهم إلى وحدة العناية المركزة للأطفال في مستشفى بوست هم أطفالٌ وصلوا بعد التأجيل وفي مرحلة متقدّمة جدًا من المرض.

نحن نخشى المغادرة ليلًا، لذلك ننتظر طلوع الصباح للقدوم إلى المستشفى. وكذلك الأمر بالنسبة لجميع أفراد العائلة، ننتظر دائمًا، حتى ولو كان المريض يحتضر. أحد مرافقي مريضة في مستشفى بوست

وزد على ذلك أنّ للفقر تأثيرٌ كبير للغاية على حصول الأشخاص على الرعاية الطبية. أفاد 89 في المئة من المرضى الذين شاركوا في استبيان جرى في مستشفى هرات العام أنّهم أجلوا اللجوء لخدمات الرعاية الطبية بسبب صعوبات مالية. وأشار أحدهم أنّه انتظر ثمانية أيام قبل إحضار طفله الذي يعاني من سوء التغذية لتلقي العلاج ريثما جمع المبلغ اللازم من المال لاستئجار سيارة، وفي النهاية اقترض المال من الأصدقاء والأقارب. وقال أحدهم الآخر بكل صراحة، "لا نملك مالًا لشراء طعام وجبة العشاء الليلة، فكيف عسانا أنّ ندفع ثمن الأدوية وأتعاب الأطبّاء؟".

يعيش الأفغانيون نتائج متراكمة جراء عقود من العنف والتزعزع الأمني. وتُظهر المقابلات التي أجريت في إطار صياغة التقرير" نظرة عن كثب: الأزمة المنسية التي تطال الرعاية الصحية في أفغانستان" الواقع الذي يواجهه أفغانيون كثر في سعيهم إلى الحصول على الرعاية الطبية. بالإضافة إلى ذلك، تؤكّد المقابلات على التناقض الذي يظهر بين ما ترويه الهيئات الرسمية عن أداء النظام الصحي الأفغاني وقدرته على تلبية احتياجات السكان وبين ما يمر به مرضانا في حياتهم اليومية.

ويقول ممثّل المنظّمة في أفغانستان جوليان ريكمان، "يحكي لنا السكان عن الرحلات الطويلة والخطيرة التي يجب عليهم القيام بها لإحضار الأطفال أو الحوامل أو المصابين من بين أفراد عائلاتهم أو أحبابهم إلى المستشفى. بالإضافة إلى ذلك، يخبرنا المرضى عن وصولهم إلى عيادات تفتقر الأدوية والموارد البشرية اللازمة، وعن اضطرارهم لتلقي العلاج بالاستدانة."

تعمل منظّمة أطباء بلا حدود في أفغانستان منذ العام 1980 وتدير اليوم ستة مشاريع في ستة أقاليم: كابول وخوست وقندهار وقندوز وهلمند وهرات. وفي 2018، قدّمت المنظّمة 411,700 استشارة في العيادات الخارجية، وأجرت 74,600 ولادة و6,890 عملية جراحية. تقدّم أطباء بلا حدود خدماتها بالمجّان وتعتمد بشكل حصري على التمويل الخاص لإدارة انشطتها في أفغانستان ولا تتلقى أي تمويل حكومي.

المقال التالي
أفغانستان
بيان صحفي 16 يونيو/حزيران 2020