أطلقت منظمة أطباء بلا حدود حملة توفير الأدوية الأساسية في عام 1999 على خلفية تفشي وباء فيروس نقص المناعة البشري/الإيدز في البلدان النامية. وفي حين قامت توليفات أدوية فيروس نقص المناعة البشري المنقذة للحياة بتحويل هذا المرض المميت إلى حالة مزمنة يمكن التحكم بها في البلدان الغنية، إلا أن أسعارها كانت بعيدة عن متناول الأشخاص غير القادرين على تكبّدها.
في الوقت نفسه، افتقر الطاقم الطبي في منظمة أطباء بلا حدود إلى العلاجات المناسبة للأمراض المهملة مثل السل والملاريا ومرض النوم (داء المثقبيات الأفريقي)، لأن شركات الأدوية لم تعتبر تطوير علاجات لهذه الأمرض مربحاً بما يكفي، كون الأشخاص الأكثر تضرراً بها لا يستطيعون دفع تكاليف باهظة.
"نطالب بالتغيير وليس بالإحسان"
بعد أن اتخذنا القرار بعدم الوقوف مكتوفي الأيدي ومشاهدة هذا الظلم الذي يودي بحياة الكثير من الناس أمامنا، أطلقنا حملة أطباء بلا حدود لتوفير الأدوية الأساسية للتغلب على الكثير من العقبات التي تحول دون حصول الناس على العلاج الذي يحتاجونه للبقاء على قيد الحياة وشفائهم من الأمراض.
تركز حملة توفير الأدوية الأساسية بشكل خاص على خفض الأسعار وضمان توفر الأدوية في البلدان التي تحتاج إليها، وتحفيز البحث في تحسين خيارات العلاج.
فشل السوق هذا هو التحدي القادم بالنسبة إلينا. ولكن التحدي الحقيقي... هو بالنسبة للحكومات... وقطاع تصنيع الأدوية وغير ذلك من المنظمات غير الحكومية من أجل مجابهة هذا الظلم. ما نطالب به كجزء من المجتمع المدني هو التغيير وليس الإحسان.د. جيمس أوربينسكي رئيس منظمة أطباء بلا حدود، خلال خطاب استلام جائزة نوبل للسلام عام 1999
نحتفل في عام 2019 بالذكرى العشرين لتأسيس حملة توفير الأدوية الأساسية، التي تعمل لضمان إمكانية حصول الأشخاص -الذين هم في رعايتنا وخارجها- على الأدوية والتشخيص واللقاحات بأسعار معقولة.
نقف عند إتمامنا العقد الثاني من الدفاع عن حقوق المرضى بالوصول إلى الأدوية لتأمل ما قد تم تعلمه وإنجازه – وما نحتاج للقيام به للمضي قدماً – في الابتكارات الطبية وإمكانية الوصول إليها.
الأرواح قبل الأرباح
في العقدين المنصرمين، أدى غضب منظمة أطباء بلا حدود والمجتمع المدني ومطالبهما بأن توضع حياة المرضى قبل براءات الاختراع وأرباح الشركات إلى حصول تقدم وتوفّر أدوية ولقاحات منقذة للحياة وانخفاض كلفتها.
فيروس نقص المناعة البشري
انخفض سعر أدوية فيروس نقص المناعة البشري في نهاية المطاف بأكثر من 99 بالمائة، من مبلغ يفوق 10 آلاف دولار أمريكي لمعالجة شخص واحد لمدة عام في عام 2000، إلى مبلغ 100 دولار سنوياً في يومنا هذا. تحقق ذلك عن طريق تحدي احتكار الشركات للأدوية بغية السماح بمنافسة قوية وإنتاج أدوية جنيسة بشكل أساسي في الهند.
الملاريا
في أوائل الألفية الثانية، عملنا نحو الانتقال إلى علاج أكثر فعالية للملاريا، إذ أطلقت حملة توفير الأدوية حملة إعلانية تحت عنوان "تصرّفوا الآن" أي "ACT Now"، التي حثت الدول على الانتقال إلى العلاج المركب القائم على الأرتيميسينين (واختصاره ACT)، الأمر الذي قامت به معظم البلدان الأفريقية بحلول عام 2008.
الأمراض المهملة
في عام 2003، شاركنا في تأسيس مبادرة الأدوية للأمراض المهملة، وهي عبارة عن نموذج مبتكر غير ربحي لتطوير الأدوية للأمراض المهملة، حيث قدمت تلك المبادرة ثمانية علاجات للملاريا وفيروس نقص المناعة البشري لدى الأطفال ومرض شاغاس ومرض النوم، بما في ذلك فيكسينيدازول وهو علاج فموي بشكل كامل جرى إطلاقه مؤخراً.
صحة الأطفال
في أواخر العقد الأول وأوائل العقد الثاني من القرن الحالي، عملت حملة توفير الأدوية الأساسية على كسب التأييد بشأن الغذاء واللقاحات ونجحت في تحسين نوعية المساعدات الغذائية المقدمة للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية من خلال حملة ’جوع خلف الكواليس‘. كما نجح الفريق في تحقيق حصول المنظمات الإنسانية وبأسعار مقبولة على لقاح الالتهاب الرئوي للأطفال في السياقات الإسعافية وذلك من خلال حملة ’فرصة عادلة‘.
التهاب الكبد C
مع إدخال أدوية جديدة لمعالجة التهاب الكبد C بدءاً من عام 2013، واجه العالم مشكلة حبة الألف دولار – وهي عبارة عن حالة، يُضاف إليها الأسعار الباهظة والمتزايدة لأدوية السرطان والأنسولين، وضعت أزمة الأسعار المرتفعة للأدوية في الواجهة.
ساهمنا مع مجموعة من منظمات المجتمع المدني في تخفيض في أسعار أدوية أساسية لالتهاب الكبد C لتصل إلى حوالي دولار واحد للحبة في بعض البلدان المحددة، من خلال تقديم الدعم للطعون القانونية في براءات الاختراع التي تمتلكها بعض الشركات مثل شركة غيلياد في عدة دول. ولكن ما زال عشرات الملايين من الأشخاص ينتظرون العلاج.
التحديات باقية
أصبحت أزمة الابتكارات الطبية وإمكانية الوصول لها أزمة عالمية بشكل متزايد، حيث يعاني الناس في البلدان النامية والمتقدمة على حد سواء بعضاً من التحديات ذاتها التي شهدناها على مدى عقود أثناء عملنا في أكثر من سبعين بلداً.
تقول المديرة التنفيذية لحملة أطباء بلا حدود لتوفير الأدوية الأساسية، د. إيلس توريلي، "حان الوقت للاعتراف بأن طريقة تطوير الأدوية وبيعها في يومنا الحالي لا تقدم العلاجات التي يحتاجها الأشخاص حول العالم بأسعار يمكنهم تحملها".
وتضيف: "نحتاج لرؤية الحكومات ومجتمع الأبحاث وهي تواجه هذا الوضع وتقترح حلولاً جريئة لمشكلة عالمية حقاً—ببساطة، الوضع الراهن قاتل".