Skip to main content
Faces and Voices from Wad Madani 06

تزايد الاحتياجات الإنسانية لأكثر من نصف مليون نازح جديد فروا من العنف في ود مدني

في 15 ديسمبر/كانون الأول، شنت قوات الدعم السريع هجومًا على ود مدني بالسودان، وسيطرت على عدة مدن ومناطق أخرى في ولاية الجزيرة خلال أيام. ومنذ ذلك الحين، نزح أكثر من نصف مليون شخص نتيجة القتال وانعدام الأمن الذي أعقبه، بمن فيهم نحو 234,000 تقرير مركز من المنظمة الدولية للهجرة (IOM) لتتبع النزوح. 8 يناير/كانون الثاني 2024 شخص نزحوا سابقًا إلى ود مدني مع تصاعد أعمال العنف في الخرطوم.

خلقت الفوضى التي أعقبت تطورات النزاع المتواصل وانعدام الأمن الشديد وانتشار العنف بيئة لم تعد فيها منظمة أطباء بلا حدود قادرة على العمل في ود مدني. واضطرت المنظمة إلى تعليق جميع أنشطتها وإجلاء موظفيها من ود مدني في 19 ديسمبر/كانون الأول، تاركة وراءها أناسًا بفرص أقل للحصول على الخدمات الطبية الأساسية. كما اضطررنا أيضًا إلى إجلاء موظفينا من الدمازين وأم راكوبة بولاية القضارف ودوكا. وفي الدمازين قلصنا أنشطتنا.

بسبب الاشتباكات العنيفة والأزمة هناك، ذهبنا إلى الخرطوم. لكن الحرب تبعتنا إلى الخرطوم، فنزحنا إلى ود مدني، بعد ذلك، استمرت الحكاية. سالم، نازح منطقة المفازة في القضارف

تعمل منظمة أطباء بلا حدود في ود مدني منذ مايو/أيار 2023. وكانت الظروف قاسية أساسًا بالنسبة لنصف مليون نازح يعيشون هناك، ممن شكلوا حينها 8 بالمئة من جميع النازحين في السودان، في أزمة نزوح تعتبر الأكبر في العالم لأكثر من 6 ملايين شخص أجبروا على ترك منازلهم داخل البلاد، بالإضافة لنحو1.5 وفقًا لمصفوفة تتبع المنظمة الدولية للهجرة والنزوح (IOM DTM) والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR). 15 يناير/كانون الثاني 2024 مليون شخص آخرين لجأوا إلى بلدان مجاورة.

وفي الفترة الممتدة بين مايو/أيار ونوفمبر/تشرين الثاني، أجرت فرق أطباء بلا حدود حوالي 18,390 استشارة طبية (40 بالمئة منها لأطفال دون سن 15 عامًا) في مئات المواقع التي تستضيف النازحين في جميع أنحاء ولاية الجزيرة، وفي المدارس أو المباني العامة القديمة.

وفي هذا الصدد، يقول المنسق الطبي لمنظمة أطباء بلا حدود في السودان، سليمان عمار، "عبر عياداتنا المتنقلة، قامت أطباء بلا حدود بتشخيص وإحالة 66 طفلاً يعانون من سوء التغذية الحاد مع مضاعفات خطيرة خلال الأشهر الستة الماضية - وهي حالات يمكن أن تكون قاتلة إذا لم يتم علاجها في المستشفى بشكل عاجل". 

وجوه وأصوات من واد مدني 07
سارة دينك تحمل طفلها أثناء لجوئهما إلى مخيم الصفاة بولاية الجزيرة. "أنا قلقة على مستقبل أطفالي. وتقول، "أفكر في العودة إلى أبيي حتى أتمكن من توفير التعليم لأطفالي". السودان، في ديسمبر/كانون الأول 2023.
Fais Abubakr

ويضيف، "كانت المرافق الصحية مكتظة ومع زيادة عدد سكان المدينة بنسبة 30 في المئة، إذ كان هناك المزيد من المرضى كما كانت هناك تحديات كبيرة في مجال التوظيف والإمداد اللوجستي. ومع ارتفاع أسعار جميع السلع، أصبح الوصول إلى الخدمات المنقذة للحياة عائقًا أمام النازحين والمقيمين على حد سواء. وفي الوقت الحاضر، وعلى الرغم من الجهود التي يبذلها العاملون الصحيون من المتطوعين المحليين ومع رحيل معظم المنظمات الدولية، لا يمكننا إلا أن نفترض أن الوضع قد تفاقم".

شهدت فرق أطباء بلا حدود في ولايتي القضارف وكسلا - حيث تعمل المنظمة منذ عام 2021 استجابة لأزمة تيغراي الإثيوبية - وصول آلاف الأشخاص من ود مدني وصل 64,000 نازح إلى القضارف و30,000 إلى كسلا منذ 15 ديسمبر/كانون الأول بحسب الأمم المتحدة. خلال الشهر الماضي، وتقوم حاليًا بتقييم الوضع الصحي المتصاعد والاستجابة له. وفي الطنيدبة بالقضارف، بدأت منظمة أطباء بلا حدود استجابة طارئة قصيرة المدى للاجئين الإثيوبيين والنازحين حديثًا من المواطنين السودانيين، شملت الرعاية الصحية الأوليّة وخدمات المياه والصرف الصحي وتوزيع الحصص الغذائية والتبرعات لمرة واحدة. ومع ذلك، فمن المهم الإشارة إلى أن الأنشطة في الطنيدبة قد تم تخفيضها مؤقتًا بسبب تصاعد حدة النزاع في ود مدني.

البكري الطاهر مالك، نازح من الخرطوم، أصيب مرتين بسبب القتال في السودان. "لم تجلب الحرب سوى الدمار وتشتت العائلات. لقد فقدنا وطننا وخسرنا مدينتنا الخرطوم. لقد فقدت ابن أخي الذي توفي في أول يوم من شهر رمضان بقذيفة. قد انقسم جسده إلى ثلاثة أجزاء".
Faces and Voices from Wad Madani 15

أسفر النزاع في السودان إلى معاناة لا حصر لها وتسبب في نزوح الملايين وقتل الآلاف وإصابة عدد لا يحصى من الأشخاص. والآن، تعتبر القضارف وكسلا المحطتين الأخيرتين في رحلة طويلة بحثًا عن الأمان بالنسبة للعديد من النازحين، والتي عانوا خلالها من العنف ونقص الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والمياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي والرعاية الطبية.  

وفي هذا الصدد، يقول سالم ، وهو رجل نازح وصل مع عائلته إلى منطقة المفازة في القضارف  للنازحين منذ أسبوعين من ود مدني "نحن في الأصل من دارفور، ولكن بسبب الاشتباكات العنيفة والأزمة هناك، ذهبنا إلى الخرطوم. لكن الحرب تبعتنا إلى الخرطوم، فنزحنا إلى ود مدني، بعد ذلك، استمرت الحكاية". وكانت عائلة مها قد نزحت من الخرطوم منذ ثمانية أشهر، بعد أن تم قصف منزلهم ممّا أدى إلى إصابة أحد أطفالها بجروح خطيرة.

ويضيف، "كنا ستة أشخاص في المنزل، وكانت زوجتي حاملًا في شهرها التاسع. تم تدمير منزلنا. وأصبت في ذراعي، لكن إصابة طفلي في رأسه كانت أسوأ بكثير. تمكّنّا من نقله إلى المستشفى لأنه احتاج إلى عملية جراحية عاجلة لإنقاذ حياته. ولكن بمجرد خروجه من المستشفى، اضطررنا إلى النزوح من المدينة بسبب انعدام الأمن. ووصلنا إلى مخيم النازحين في ود مدني، وأنجبت هناك".

ماري مونجا أُجبرت على الفرار من منزلها في الخرطوم برفقة أطفالها. "يبلغ طفلي من العمر شهرًا واحدًا، لكنه يبدو أصغر سنًا نظرًا لانعدام حليب الثدي. عندما أفكر في المستقبل، أود أن يحصل أطفالي على التعليم، ولا أريد أن يمروا بما مررنا به".
Faces and Voices from Wad Madani 03

وفي منتصف ديسمبر/كانون الأول، فر سالم* وعائلته مرة أخرى إلى القضارف ويضيف، "بدأت الاشتباكات، وبدأنا نسمع أصوات إطلاق النار وهؤلاء الرجال المسلحين يتقاتلون مرة أخرى. وعلى الفور قررنا الرحيل. بدأت أفكر أين يجب أن نذهب الآن. لم يكن هناك مكان آمن في ذلك الوقت".

في منطقة كانت فيها الرعاية الصحية والأدوية الأساسية محدودة للغاية أصلًا، يعاني النازحون الآن من تزايد الطلب على الخدمات الصحية الناجمة عن الآثار المباشرة وغير المباشرة للعنف، وتتزايد الاحتياجات الأساسية بشكل متصاعد مما يتطلب استجابة عاجلة.  

وفي هذا الصدد، تقول منسقة مشروع الطوارئ لمنظمة أطباء بلا حدود في السودان، بولين لينغلر، "في مواقع التجمع في مدينة كسلا، أخبر النازحون فرقنا أنهم لم يتلقوا أي مساعدة منذ وصولهم في منتصف وأواخر ديسمبر/كانون الأول. إذ تنام العائلات على الأرض، وما زال الوصول إلى الرعاية الصحية مقيدًا بشدة، فهناك عدد قليل من المرافق الطبية العاملة، ولا يتم توفير الأدوية بشكل مجاني".  

وتضيف، "وقد أخبرنا العديد من الأشخاص أنهم غير قادرين على شراء المواد الأساسية مثل الغذاء والدواء، مما يضطرهم إلى الاختيار بين شراء إحدى هذه الضروريات. ويقوم فريق منظمة أطباء بلا حدود باستمرار بتقييم الاحتياجات في المواقع الجديدة التي يتم افتتاحها لإيواء النازحين حديثًا. وفي جميع هذه الأماكن، نرى أن حجم المساعدات الإنسانية المقدمة ما زال غير كاف على الإطلاق لتلبية احتياجات الناس الأساسية وضمان ظروف معيشية كريمة لهم".

*تم تغيير الاسم حماية لهوية المريض

    المقال التالي
    النزاع في السودان
    بيان صحفي 12 يوليو/تموز 2024