Skip to main content
Aerial view over the MSF supported hospital in Rokero town

المجتمعات تواصل مواجهة التأثير الحاد للنزاع في السودان

منذ تصاعد العنف في عدّة مناطق في السودان في 15 أبريل/نيسان 2023، تُواصل أطباء بلا حدود تقديم المساعدة الإنسانيّة الطبيّة في سبع ولايات في البلاد. في منطقتي روكيرو وأومو الواقعتَيْن ضمن المنطقة الجبليّة بولاية وسط دارفور المعروفة باسم جبل مرة والتي عانت على مدى عقود من النزاع والإهمال والحرمان من الخدمات.

في عام 2020، قامت أطباء بلا حدود بتحويل ما يسمى بالمستشفى الريفي في مدينة روكيرو إلى مرفق رعاية صحيّة متخصص يخدم سكانًا في منطقتَيْن يزيد عددهم عن 250 ألف نسمة. ندير قسم المرضى المقيمين وغرفة الطوارئ ومركز التغذية العلاجيّة وأجنحة الولادة والأمومة وغرفة المراقبة.

اتخذ منسق مشروع أطباء بلا حدود نكيمجو روزفلت مع زملائه السودانيين والدوليين القرار الصعب بمغادرة المشروع مؤخرًا. وفي ما يلي، يستذكر نكيمجو تجاربه في البلد المنكوب جراء النزاع بينما كان في طريق عودته إلى وطنه الكاميرون.

أنشطة أطباء بلا حدود في السودان
تحضر فرق منظمة أطباء بلا حدود إمدادات من الفاشر في شمال دارفور إلى مستشفى روكيرو الذي تدعمه المنظمة. السودان، في مايو/أيار 2023.
MSF

"كنتُ في روكيرو عندما تغير الوضع في جميع أنحاء السودان. لم نتوقع حقًا هذا التصعيد الشديد للعنف. وبصفتي منسق المشروع بمساعدة فريقي، فقد وضعنا خطط طوارئ لضمان أمن طاقم عملنا ومرضانا، ولنتمكن من تقديم المساعدة في أوقات العنف وانعدام الأمن.

تخطى ما حصل توقعاتنا. فبالرغم من أنّ الوضع في روكيرو لا يزال مستقرًا وهادئًا، اندلع في جميع المدن الرئيسة في دارفور، مثل الفاشر ونيالا والجنينة وزالنجي وطويلة وكابيلا وكذلك المناطق المحيطة بها، قتال عنيف، مما أسفر عن مقتل المئات وإصابة أكثر منهم بكثير.

كان قرار نقل أعضاء فريقنا وإجلائهم من المنطقة صعبًا جدًا. قبل وصولنا، كانت معظم المناطق في جبل مرة محرومة من الرعاية الصحيّة وغيرها من الخدمات الأساسيّة لأكثر من عقد، أمّا بعض المناطق التي يسيطر عليها المتمردون فقد حُرمت منها منذ حوالي عقدَيْن.

إنّ الوضع مشحون بالمشاعر وصعب للغاية على من غادر من طاقم عملنا. أردنا البقاء، لكننا لم نتمكّن من ضمان سلامة الفريق بأكمله. نكيمجو روزفلت، منسق مشروع أطباء بلا حدود في السودان

تركنا وراءنا فريقًا أساسيًا من الزملاء السودانيين المتفانين وذوي الخبرة، بعضهم من روكيرو، وآخرون من مناطق أخرى من دارفور. يعملون بجد للحفاظ على خدمات المستشفى في روكيرو وأنشطة الرعاية الصحيّة الأساسية في أومو. كذلك يعملون في القرى النائية بمساعدة العاملين المجتمعيين في قطاع الصحة الذين دربتهم أطباء بلا حدود.

في روكيرو، واجهنا الآثار غير المباشرة لهذا التصعيد الرهيب. وبالرغم من حالة الهدوء التي تشهدها المنطقة، لا يزال فريقنا يتعامل مع تحديات متعدّدة نتيجة للعنف. ففي الواقع، لا يصل الغذاء والدواء والوقود لتشغيل المولدات أو المركبات بسهولة، كما أنّ إحضار طاقم العمل وإخراجهم لتقديم الدعم، وإحالة المرضى الذين يحتاجون إلى العمليات الجراحيّة أمران في غاية الصعوبة، حيث لا يزال الطريق خارج المدينة محفوفًا بالمخاطر.

وبصفتي منسقًا للمشروع، يصعب التعامل مع مثل هذا الوضع غير المؤكّد وسريع التغيّر، لأنّنا لا نعلم ما الذي سيحدث لاحقًا وما هي أفضل طريقة للتخطيط المسبق لفريقنا في روكيرو ولمرضانا والمجتمعات التي نقدّم فيها المساعدة. وبالتالي، كان علينا إجلاء زملائنا الدوليين، والزملاء السودانيين القادمين من مناطق أخرى من السودان، بينما اختار بعض الزملاء السودانيين البقاء ومواصلة عملنا.

أنشطة أطباء بلا حدود في السودان
يراقب فريق أطباء بلا حدود الحالة الصحية لطفل صغير في مرفق الرعاية الصحية المتخصص الوحيد في جبل مرة. السودان، في مايو/أيار 2023.
MSF

تصل أعداد متزايدة من الفارين من المناطق الحضريّة مثل الفاشر وزالنجي والخرطوم إلى جبل مرة في شاحنات تجارية من دون أيّ مقتنيات، بعد أن هربوا من العنف الشديد.

ندير مرفق الرعاية الصحيّة المتخصص الوحيد للأشخاص من منطقتيّ روكيرو وأومو، حيث يعيش أكثر من 250 ألف شخص. لقد كان قرارًا صعبًا للغاية بالنسبة لنا ولحظة مشحونة بالمشاعر للمجتمعات التي عبّرت عن عدم رغبتها في فقدان خدماتنا.

ارتفع عدد الوفيات بين النساء الحوامل والأمهات الجدد في دارفور. في الواقع، تفقد بعض النساء أطفالهنّ في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل لأنهنّ يركبن الحمير أو يضطررن إلى العمل بجهد والاهتمام بالحقول وأطفالهن. معظم الناس هنا مزارعون، يزرعون الذرة البيضاء والدُخن، لكن سنوات من النزاع والتصعيد الأخير قد عطّلت الأنشطة الزراعيّة في كثير من الأحيان، مما ترك الأسر من دون أيّ محاصيل أو محصول ضئيل. وهكذا بالكاد يستطيع معظم الناس تأمين وجبتَيْن أساسيتَيْن في اليوم.

أتذكر أزمة سوء التغذية الضخمة التي وقعت في تموز/يوليو 2022، حين سافرنا إلى القرى في الجبال مع عيادات متنقلة لعلاج الأطفال الذين كانوا في ظروف يرثى لها. أحضرنا الأطفال الأشد مرضًا إلى مركز التغذية العلاجيّة وعالجنا الكثيرين في القرى.

إنّ الوضع مشحون بالمشاعر وصعب للغاية على من غادر من طاقم عملنا. أردنا البقاء، لكننا لم نتمكّن من ضمان سلامة الفريق بأكمله. أتواصل يوميًا مع زملائنا السودانيين في روكيرو لاستيعاب ما يحدث معهم. أشعر بالارتياح لمعرفة أنّهم بخير ويواصلون عملهم المذهل في دعم المجتمعات هناك".

تستمر المرافق التي تدعمها أطباء بلا حدود في توفير الرعاية الطبيّة المنقذة للحياة في الفاشر ومخيم زمزم في شمال دارفور، وفي كرينيك في غرب دارفور، وفي روكيرو وأومو وسط دارفور، وفي الخرطوم، وفي الجزيرة، وفي أم راكوبة و طنديبة بالقضارف، وفي الدمازين بولايات النيل الأزرق.

المقال التالي
النزاع في السودان
بيان صحفي 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2023