استضافت مدينة كوكس بازار، الواقعة على الساحل الجنوبي الشرقي لبنغلاديش، اللاجئين الروهينغا الفارّين من العنف الموجّه ضدّهم في ولاية راخين المجاورة في ميانمار منذ العام 1978. وتسبّبت حملة العنف الأخيرة التي بدأت في 25 أغسطس/آب 2017 بنزوحٍ لم يسبق له مثيل.

ويُضاف هذا التدفق الأخير للاجئين الروهينغا إلى 75,000 شخص سبق ووصلوا بعد تصاعد حدّة أعمال العنف ضدّهم في أكتوبر/تشرين الأول 2016. ويعيش معظم اللاجئين في مستوطنات مؤقتة أو مخيمات مسجلة من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أو ضمن المجتمعات المضيفة.

يعيش نحو 900,000 من اللاجئين الروهيغا على مساحة قدرها 26  كيلومتر مربع في كوكس بازار. وتنعدم فرص سكّان الملاجئ في الحصول على المأوى والطعام والمياه النظيفة والمراحيض.

بدأت منظمة أطباء بلا حدود العمل في بنغلاديش عام 1985 ونحن متواجدون بشكل دائم في البلد منذ العام 1992. عملنا قبل أغسطس/آب 2017 ضمن مشروع واحد في كوتوبالونغ في كوكس بازار، وأصبحنا الآن ندير عدة مستشفيات ومراكز صحيّة أساسيّة ونقاط صحيّة داخل المخيمات وحولها في شبه الجزيرة.

نعالج المرضى المصابين بمجموعة من الأمراض ويتضمن ذلك التهابات الجهاز التنفسي وأمراض الإسهال المرتبطة مباشرةً بظروفهم المعيشية التي تفتقر إلى النظافة العامة والصحية. إنّ سوء النظافة في المخيمات المكتظة والمتواجدة على أراضٍ جبلية عرضةً للفياضانات والانهيارات الجبلية تجعل هذه المخيمات أراضٍ خصبة لتفشي الأمراض.

ومنذ ديسمبر/كانون الأول 2020، نُقل بعض اللاجئين إلى بهاسن شار، وهي جزيرة طينية ظهرت في خليج البنغال منذ أقل من 20 عامًا وتبعد حوالي 30 كم عن البر الرئيسي. بقيت المنطقة خالية من السكان حتى الآن ويعود ذلك جزئيًا إلى كونها نائية بالإضافة إلى عدم استقرار مناخها.

تزعم السلطات أن القدرة الاستيعابية للجزيرة تبلغ 100,000 شخص. وبحلول أكتوبر/تشرين الثاني 2021، نُقل نحو 20,000 لاجئ رغم المخاوف المتعلقة بالظروف المعيشية وبإمكانية الحصول على الرعاية الصحية الأولية على الجزيرة.

الأمراض السارية

يصل معظم اللاجئين إلى بنغلاديش من دون تغطية لقاحية، وفي العام 2017، تزايدت أعداد أشخاص الذين يُشتبه إصابتهم بالحصبة، ما دفع الحكومة إلى مضاعفة جهود التحصين في المخيمات والملاجئ المؤقتة. وقدّمنا الدعم إلى عدد من حملات التلقيح التي تديرها الحكومة البنغلاديشية لمنع انتشار الدفتيريا والحصبة والكوليرا. ولا يزال هناك فجوات على الرغم من إجراء عدة حملات من التلقيح.

ولا بدّ من الإسراع في تعزيز الاستجابة الطارئة إلى مسائل المأوى والمياه والصرف الصحي، ذلك لأنّه إن لم تشهد ظروف الروهينغا المعيشية تحسنًا كبيرًا، فإن خطر الأمراض السارية سيبقى يُحدّق بالسكان.

وتعدّ متابعة الأمراض غير السارية والقدرة على إجراء العملية الجراحية مجالات إضافية مثيرة للقلق بسبب محدودية المرافق الصحية داخل المخيمات، ونخشى من تضاؤل عددها مع مرور الوقت. توفر أطباء بلا حدود الرعاية الصحية للمرضى المصابين بأمراض غير سارية، وقد قدمنا أكثر من 43,000 استشارة خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2021.

كوفيد-19

تم تأكيد الإصابة الأولى بكوفيد-19 بين اللاجئين الروهينغا في مايو/أيار 2021. يبقى الناس بحاجة إلى الحصول على الرعاية الصحية الأساسية غير المتعلقة بكوفيد-19 خارج العيادات بسبب الإشاعات والمعلومات الخاطئة حول فيروس كورونا المستجد، بالإضافة إلى القيود المفروضة على التنقل.

كما أثرت القيود التي فرضتها السلطات على التنقل خلال عامي 2020 و2021 على أنشطة المنظمات الإنسانية والظروف المعيشية في المخيمات.

كما يعدّ اتباع تدابير الحماية مثل التباعد الجسدي وغسل اليدين باستمرار في المخيمات المكتظة حيث امدادات المياه المحدودة أمرًا شبه مستحيل.

وفي أغسطس/آب 2021، جرى تقديم الجرعة الأولي من لقاحات كوفيد-19 للاجئين الذين تتخطى أعمارهم 55 عامًا. وقد أتحنا مرافقنا كنقاط للتلقيح، كما قدمت فرقنا في بعض المشاريع الدعم في حملة التلقيح.

الصحة النفسية

تطورت الاحتياجات النفسية للاجئين الروهينغا على مدى السنوات، إذ تفاقم عوامل مثل البطالة والقلق بشأن المستقبل والظروف المعيشية الصعبة في المخيم وشبه انعدام أو انعدام الخدمات الأساسية مثل التعليم الرسمي، ذكرياتهم المؤلمة المرتبطة بالعنف الذي واجهوه في ميانمار. ويتلقى بعض المرضى العلاج النفسي للمشاكل النفسية الشديدة بما في ذلك إضطراب ثنائي القطب وانفصام الشخصية. وشهدت فرقنا ارتفاعًا في عدد الأشخاص المصابين بأمراض نفسية في مرافقنا في أنحاء كوكس بازار.

وبالرغم من الاحتياجات الواضحة، وحدها شريحة صغيرة من الروهينغا الذين يعيشون حاليًا في بنغلاديش تحصل على خدمات الصحة النفسيّة المتخصّصة.

ومع استمرار الملاجئ بالتوسّع، تشتدّ الحاجة إلى تحسين الوصول إلى اللاجئين، ولا بدّ من توفير المزيد من الدعم لرفع مستوى المجموعة الكاملة من الرعاية الصحيّة المطلوبة.

كمرانغيرشار

تعمل فرقنا أيضًا في كمرانغيرشار، إحدى أكبر المناطق الفقيرة في العاصمة البنغلاديشية دكا. وتقدّم طواقمنا خدمات الرعاية الصحيّة والصحة النفسيّة إلى النساء اللواتي يعشن في هذا المجتمع المحلي المكتظ بالسكان.
سبق وتعرّضت معظم المريضات اللواتي يطلبن المساعدة لسوء المعاملة من قبل أحد أفراد العائلة الذي ما زلن يعشن معه أو هن على اتصال وثيق به.
وفي حين تتوفر غالبًا خيارات قليلة للنساء لتغيير أوضاعهن المعيشية، يقوم فريق المرشدين النفسيين لدينا بإنجاز عمل أساسي في مساعدتهن على تطوير المرونة والأمل.
ونوفر كذلك الرعاية الصحيّة الإنجابيّة للمراهقات وخدمات تنظيم الأسرة وبرامج الصحة المهنيّة للعاملين في المصانع.

تقع كمرانغيرشار قرب مئات المصانع الصغيرة حيث يعمل الناس في أغلب الأحيان في ظروف خطيرة. ندير برنامج صحة مهنية لعمال المصانع. وفي عام 2019، أنشأنا عيادة متنقلة مخصّصة لعمال المدابغ، إلاّ أنّها توقفت بسبب جائحة كوفيد-19.

الكوارث الطبيعية

بنغلاديش عرضة للأعاصير والفياضانات، وبالتالي، شمل عملنا في البلد على مر السنين عدة استجابات لحالات الطوارئ.