- بعد تأكيد أوّل وفاة بمرض كوفيد-19 في شمال شرق سوريا، تعرب أطباء بلا حدود عن قلقها حيال مدى الاستعداد في المنطقة للاستجابة للجائحة وحجم القدرات المتوفرة لذلك
- لقد خلّفت 9 سنوات من الحرب شروخاً في النظام الصحي الذي يفتقر إلى الإمدادات الطبية والموارد البشرية، كما أغلقت المرافق الصحية أبوابها أو لم تعد قادرة على متابعة عملها
- تعمل أطباء بلا حدود في مستشفى الحسكة الوطني ومخيم الهول عبر تدريب الموظفين وتجهيز المنشآت الطبية لاستقبال المصابين بكوفيد-19، كما ولدى المنظمة إمدادات وطاقم طبي جاهز لتقديم المساعدة في شمال شرق سوريا
- تحث أطباء بلا حدود السلطات في شمال شرق سوريا وكردستان العراق على تسهيل المرور بالسرعة المطلوبة للمنظّمات الإنسانية بما يشمل مرور الشحنات والموظفين الأجانب ودخولهم إلى البلدين
أمستردام/شمال شرق سوريا – نظرًا لتأكيد أوّل حالة وفاة في شمال شرق سوريا نتيجة الإصابة بمرض كوفيد-19، تعرب منظّمة أطباء بلا حدود عن قلقها حيال مدى الاستعداد في المنطقة للاستجابة لجائحة كوفيد-19 وحجم القدرات المتوفرة لذلك. إنّ النظام الصحي الهش والتأخير في إجراء الاختبارات وإغلاق الحدود تعتبر جميعها عوامل تجعل من المستحيل الاستجابة لتفشي كوفيد-19 بالشكل الضروري في المنطقة.
يعاني النظام الصحي في شمال شرق سوريا بعد مرور تسع سنوات من النزاع والعمليات العسكرية. كثيرٌ من المرافق الصحية لم تعد قادرة على متابعة عملها، وتلك التي ما زالت أبوابها مفتوحة تكافح أصلاً لتلبية الاحتياجات الطبية في المنطقة قبل وصول كوفيد-19.
ومع محدودية الإمدادات والموارد البشرية الطبية المتوفرة في المنطقة، اضطرت الكثير من المرافق إلى التوقف عن العمل، تاركةً ورائها أعدادًا من المرضى الذين يعانون من الأمراض المزمنة والمناعة الضعيفة، ما يزيد من احتياجاتهم الطبية في ظل انتشار كوفيد-19. ترى أطباء بلا حدود أنّ المرافق الطبية القليلة التي ما زالت قادرة على العمل في المنطقة يمكن أن تقع بسرعة كبيرة في دوامة من الانهاك مع تدفق المرضى المصابين بكوفيد-19، مما سيعرّض الكثيرين للخطر.
إنّ الاستجابة الراهنة في شمال شرق سوريا ليست كافية أبدًا ومن الضروري أن تزيد الجهات الفاعلة الصحية والإنسانية فضلًا عن المانحين المساعدة التي يقدمونها في المنطقة.كريستل فان لووين، مديرة الأنشطة الطبية الطارئة في سوريا في أطباء بلا حدود
تعمل أطباء بلا حدود بالتعاون مع السلطات الصحية المحلية وغيرها من المنظّمات في شمال شرق سوريا بغية الاستعداد في حال ارتفاع عدد الإصابات بكوفيد-19 في المنطقة. وتعمل أطباء بلا حدود تحديدًا في مستشفى الحسكة الوطني ومخيم الهول.
وتقول في هذا الصدد مديرة الأنشطة الطبية الطارئة في سوريا في أطباء بلا حدود كريستل فان لووين، "نحن قلقون للغاية حيال النقص في الفحوصات المخبرية، وعدم إجراء تتبع المخالطين، وعدم كفاية حجم القدرات في المستشفى على إدارة المرضى وقلة توفر معدات الوقاية الشخصية." وتردف قائلة، "إنّ الاستجابة الراهنة في شمال شرق سوريا ليست كافية أبدًا ومن الضروري أن تزيد الجهات الفاعلة الصحية والإنسانية فضلًا عن المانحين المساعدة التي يقدمونها في المنطقة".
تشعر أطباء بلا حدود بالقلق على وجه الخصوص حيال الظروف في المخيمات التي تقع في المنطقة، حيث يعيش السكان في أماكن مكتظة، كما ولا يسعهم الوصول إلى الخدمات الطبية والمياه النظيفة بسهولة أو حتى على الإطلاق. ويعيش في مخيم الهول -حيث تعمل أطباء بلا حدود منذ يناير/كانون الثاني 2019- أكثر من 65,000 شخص في ظروف الاكتظاظ ولا يمكنهم مغادرته، علمًا أنّ 94 في المائة من السكان هم نساء وأطفال.
وبحسب السلطات الصحية المحلية في شمال شرق سوريا، تأكّدت إصابة مريض واحد بكوفيد-19 في المنطقة، رغم أنّه لم يتم الحصول على النتيجة إلا بعد أسبوعين من إجراء الاختبار، وكان قد توفي المريض قبل صدور النتيجة. وحاليًا، إن المرفق الأقرب الذي يمكن فيه إجراء الاختبار اللازم لتأكيد الإصابة بكوفيد-19 في المنطقة هو المختبر المركزي في دمشق وثمة عراقيل تحول دون إجراء الاختبارات للمرضى المشتبه إصابتهم بكوفيد-19 والحصول على النتائج بالسرعة المطلوبة.
وتتابع فان لووين قائلة، "إنّ الافتقار إلى القدرة على إجراء الاختبارات في مرافق تقدّم نتائج موثوقة بالسرعة الضرورية في المنطقة يجعل من المستحيل رصد حالات الإصابة في مرحلة مبكرة، ما يعيق بدوره القدرة على الإبطاء من وتيرة انتقال العدوى بين السكان في مرحلة مبكرة أيضًا، علمًا أنّ هذا الأمر يشكّل تدبيرًا في غاية الأهمية".
بالإضافة إلى ذلك، ثمة العديد من التحديات التي تجعل من الصعب دخول الإمدادات والعاملين في المجال الإنساني إلى شمال شرق سوريا من شمال غرب العراق.
ويقول مدير الاستجابة للطوارئ في أطباء بلا حدود ويل تيرنر، "نحن نحترم التدابير التي وضعتها السلطات في كردستان العراق في ظل انتشار كوفيد-19، غير أنّه يجب منح إعفاءات وتسهيلات للعاملين في المجال الإنساني لضمان وصول حجم الدعم المناسب إلى شمال شرق سوريا. يعتمد وصول الكثير من الدعم الإنساني إلى شمال شرق سوريا على المرور عبر كردستان العراق. في حوزتنا إمدادات إضافية ضرورية ويتوفّر طاقم طبي جاهز للسفر لتقديم المساعدة، لكننا نفتقر حتى الآن إلى الضمانات التي تسمح لهم بدخول كردستان العراق والوصول عبرها إلى شمال شرق سوريا".
إنّ منظّمة أطباء بلا حدود مستعدة لتقديم الدعم في الاستجابة لكوفيد-19 في شمال سوريا والعراق، غير أنّ هذه المساعدة ستبقى محدودة ما لم يُسمح للمنظّمة بالوصول بالسرعة المطلوبة إلى المنطقة. تحث أطباء بلا حدود السلطات في كردستان العراق وشمال شرق سوريا على تسهيل المرور بالسرعة المطلوبة للمنظّمات الإنسانية بما يشمل مرور الشحنات والموظفين الأجانب ودخولهم إلى البلدين.
في شمال غرب سوريا، منذ انتشار جائحة كوفيد-19، نعمل على مراجعة أنظمة الفرز ومسارات المرضى داخل المرافق لضمان الكشف السريع عن حالات كوفيد-19 المحتملة في بعض المستشفيات والمراكز الصحية التي نقدّم لها الدعم في محافظة إدلب. تُتّخذ التدابير لوضع الأشخاص الذين يعانون من الأعراض المشيرة إلى الإصابة بكوفيد-19 تحت المراقبة إلى حين وصول سيارة الإسعاف لنقلهم إلى مرفق مخصّص لإجراء الاختبارات اللازمة والمتابعة. لقد أنشأنا أيضًا لجان نظافة وزدنا من حجم الموارد البشرية لهذا الغرض.
في المخيمات، قمنا بتكييف نظام الفرز في عياداتنا المتنقلة لحماية المرضى والطاقم الطبي، وبتنفيذ تدابير التباعد الجسدي خلال توزيع المواد غير الغذائية. كذلك نعمل على نشر التوعية والمعلومات حول كيفية الوقاية من العدوى وعن ما يجب القيام به عند الإحساس بأعراض مرضية.
لضمان الاستقلال عن الضغوط السياسية، لا تتلقى منظّمة أطباء بلا حدود أي تمويل حكومي لتنفيذ عملها في سوريا.