بعد مضي ما يقارب ستة أشهر على إعلان تفشي الإيبولا في شمال شرقي جمهورية الكونغو الديمقراطية، لا تزال فرق الاستجابة على الأرض، بما فيها طواقم أطباء بلا حدود، تكافح للسيطرة على المرض. حتى الآن، تم تسجيل 619 إصابة بالفيروس توفي منها 361 حالة فيما يُعدُّ ثاني أكبر تفشي إيبولا يتم تسجيله منذ اكتشاف الفيروس في هذا البلد في عام 1976.
ارتفاع التوتر يحدّ من إمكانية الحصول على الرعاية الصحية
وبينما يستمر عدد الحالات المسجلة من هذا المرض بالارتفاع، تزيد الأجواء المشحونة نتيجة الانتخابات الرئاسية من صعوبة حصول السكان على الرعاية الصحية في مدينة بيني وضواحيها حيث تضررت معظم المراكز الصحية خلال الاحتجاجات، مما يجعل التشخيص الفوري لحالات الإيبولا الجديدة أكثر صعوبة نظراً لاضطرار المراكز المتبقية لاستقبال أعدادٍ تفوق طاقتها الاستيعابية.
وتقول منسقة الطوارئ في بعثة أطباء بلا حدود في بيني، لورنس سايلي أنه "في مثل هذا الوضع قد لا يجد الناس خياراً آخر سوى محاولة الحصول على المساعدة الطبية في مراكز صحية لا تتبع الإجراءات الكافية لمنع انتقال العدوى أو انتشار المرض، مما يزيد من مخاطر انتشار العدوى".
وتضيف قائلة "نحن نتحدث عن أشخاصٍ قد عانوا على مدى سنوات من النزاعات في المنطقة، وفوق كل ذلك ينتشر وباء الإيبولا المميت في تفشٍ لم يشهد له البلاد مثيلاً من قبل. لقد أدت الاضطرابات التي اندلعت في الأسابيع القليلة الماضية إلى تفاقم المعاناة حيث حدَّت من إمكانية الوصول إلى الرعاية الطبية الكافية".
مع مرض مثل مرض الإيبولا، فإن مراكز العلاج وحدها لا تكفي. فالتواصل مع السكان، وبناء الثقة المتبادلة هما المفتاح للسيطرة على التفشي.روبرتو رايت، أخصائي أنثروبولوجي مع أطباء بلا حدود في كاتوا
أطباء بلا حدود تكثف أنشطة مكافحة الإيبولا
منذ الإعلان عن اندلاع التفشي في 1 أغسطس/آب 2018، كثّفت أطباء بلا حدود بشكلٍ مطَّرد من خدمات الرعاية الطبية لتتمكن من الاستجابة للأعداد المتزايدة من حالات الإصابة التي يتم تسجيلها والتي كان آخرها في مناطق بوتيمبو وكاتوا وكوماندا. ويتضمن ذلك رفع القدرة الاستيعابية لمركز علاج الإيبولا في بوتيمبو من 64 إلى 96 سريراً، وافتتاح مركزٍ لمعالجة الإيبولا في كاتوا شرقي بوتيمبو وافتتاح مركز متنقل في بوانا سورا في كوماندا في مقاطعة إيتوري، حيث تم تسجيل أماكن جديدة تنشط فيها الإصابة بالمرض.
يقول منسق مشروع أطباء بلا حدود في كاتوا إيمانويل ماسارت "مع تزايد الحالات التي تأتينا من مدينة بوتيمبو، والتي يصل عدد سكانها إلى ما يقارب المليون نسمة، كان من الضروري إنشاء مركز علاج ثانٍ على وجه السرعة. نحن نعمل أيضاً على كسب ثقة المجتمعات التي ينتشر فيها المرض. لقد صممنا مركز العلاج في كاتوا بحيث يتميز بقدرةٍ أكبر على العناية بالمرضى. النوافذ الكبيرة تسمح لمرضانا أن يروا وجوه الأطباء والممرضين الذين يعالجونهم وتجعل الزيارة أسهل بالنسبة لأفراد العائلة إذ تسمح ببعضٍ من التواصل الإنساني الذي تصعب المحافظة عليه في مراكز علاج الإيبولا".
يبقى نشر الوعي في المجتمعات حول طرق مكافحة انتشار مرض الإيبولا أحد التحديات الأساسية في الاستجابة للتفشي وقد أصبح إلى حدٍ كبير من مسؤولية الجهات التي تأخذ على عاتقها مواجهة المرض. وقد أصبح الوصول إلى التجمعات السكنية أكثر صعوبة مع تصاعد التوتر الذي تلا تأجيل الانتخابات في بيني وبوتيمبو والذي أدى إلى زيادة المسافات بين التجمعات السكنية وفعاليات الاستجابة لتفشي الإيبولا. الناس الآن قد أصبحوا أقل اهتماماً بممارسات منع انتشار العدوى ومكافحة المرض كالقيام بدفن الموتى بطريقة آمنة تحفظ كرامة المتوفى، أو تعقيم المراكز الصحية ومحتويات المنازل.
وفقاً للأخصائي الأنثروبولوجي العامل مع أطباء بلا حدود في كاتوا، روبرتو رايت إنه "مع مرض مثل مرض الإيبولا، فإن مراكز العلاج وحدها لا تكفي. فالتواصل مع السكان، وبناء الثقة المتبادلة هما المفتاح للسيطرة على التفشي".
ويشرح ذلك قائلاً "نحن بحاجةٍ إلى توجيه جهودنا لضمِّ السكان إلينا وجعلهم يساهمون في مكافحة المرض والسيطرة على التفشي. ويشمل ذلك الاستماع إلى متطلباتهم الأوسع. في نهاية ديسمبر/كانون الأول على سبيل المثال، قمنا بتوزيع مواد إسعاف على المراكز الصحية المحلية ليتمكنوا من الاستجابة لأعمال العنف التي يحتمل اندلاعها، كما أن مراكزنا المتنقلة لا تقوم فقط بتشخيص مرض الإيبولا وتحويل المصابين به إلى مراكز العلاج، بل تقدم أيضاً الرعاية الكافية للحالات المرضية الأخرى وهذه بالطبع حاجة ماسة بالنسبة لهذه المجتمعات. إن زيارة التجمعات السكنية للتعريف بفعالياتنا قبل إطلاقها بشكلٍ فعلي يمكن أن يكون له أثر كبير في تحسين التفاهم المتبادل والتمهيد لتعاونٍ أكبر على المدى البعيد".
تقوم طواقم العمل التابعة لأطباء بلا حدود بالاستجابة لتفشي الإيبولا في شمال كيفو ومقاطعة إيتوري المجاورة منذ إعلان التفشي في 1 أغسطس/آب 2018. تدير منظمة أطباء بلا حدود مراكز علاج الإيبولا في مدن بوتيمبو وكاتوا ومراكز الإحالة في بيني وبوان سورا (منطقة كوماندا الصحية) ومركز عزل صحي في بونيا. قامت منظمة أطباء بلا حدود أيضاً بالمساعدة في تلقيح العاملين الصحيين الذين هم المخالطين للمرضى كما تقوم أيضاً بفعاليات منع انتشار العدوى ومكافحة المرض وأنشطة نشر الوعي بين العاملين في مجال الرعاية الصحية والمجتمعات المتضررة.
تحافظ منظمة أطباء بلا حدود على استقلاليتها التامة عن كافة الجهات السياسية أو الدينية أو العسكرية وتؤكد على التزامها الحياد في كافة أنشطتها، بناءً على تقييمها للاحتياجات الطبية. تضمن المنظمة استقلاليتها عن طريق مصادر التمويل، والتي يأتي 96 بالمئة منها من خلال تبرعات الأفراد والقطاع الخاص.