مع خطوط الجبهات المتحركة وهجمات القوات الديمقراطية السورية التي وصلت إلى منبج، فإنّ عدد المدنيين الفارين من بلداتهم باتّجاه المناطق المجاورة لنهر الفرات في تزايد مستمر. أصبح كل من النازحون والمجتمعات المضيفة في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية.
أفادت منظّمة أطبّاء بلا حدود الإنسانية الدولية أن هذا الوضع المزري المترافق مع الانهيار الشامل للنظام الصحي يثير المخاوف من ازدياد إضافي لأمراض الأطفال التي يمكن الوقاية منها في البلد.
وفي هذا السياق قال رجل في الحادية والخمسين من العمر من شمال شرق أبو قلقل إنه: "ما من أطباء، ولا يمكننا الحصول على الطعام. لا يمكننا التحرّك بحرية هنا. فالجميع يشعر بالخوف. أحلم بالعودة والعيش مع عائلتي بأمان في بلدتي. عندما أعود، لن أغادرها بتاتًا، ولكن لسوء الحظ، لا يمكن لذلك أن يتحقّق سوى عندما تكفّ الهجمات المُشنّة علينا مرارًا وتكرارًا".
نحن بحاجة إلى اللقاحات
منذ بضعة أسابيع فقط، في شهر مايو/أيار، تمّ نقل 28 طفلاً يشتبه بإصابتهم بالحصبة إلى المركز الصحي المحلي في صرين، شمال شرق حلب. والحالات كافة هي من مجتمعات تعيش في مناطق متضررة من النزاع وعلى مقربة من خطوط جبهات مُشكّلة حديثًا، حيث معدلات التطعيم والحصول على الرعاية الصحية من أدنى المستويات.
وفي هذا الصدد أفادت مديرة قسم الطوارئ الطبية لدى منظّمة أطبّاء بلا حدود فانيسا كراموند أن: "الحصبة معدية للغاية وتتفشى في غياب الأنظمة الصحية وتطعيم الأطفال الروتيني أو النقص فيهما". وتُضيف قائلةً: "الأطفال الأصغر سنًا هم الأكثر عرضة للإصابة بالحصبة، وخصوصًا عندما يعانون من سوء التغذية أو أمراض أخرى".
أزمة صحية تلوح في الأفق
بهدف المساعدة على وقف خطر انتشار العدوى، زادت منظّمة أطبّاء بلا حدود من دعمها للسلطات الصحية في شمال سوريا، والتي نفذت حملة تطعيم في المنطقة شرقي نهر الفرات في شمال شرق محافظة حلب. وتمّ تطعيم 2,784 طفل بسرعة ضدّ الحصبة في مجتمعات تعاني من تبعات الحرب والعمليات الهجومية البرية.
وأجرت في الوقت نفسه فرق الاستجابة الصحية المحلية حملة توزيع مواد غذائية طارئة وفحصت جميع الأطفال الذين شاركوا في حملة التلقيح للتأكّد من عدم إصابتهم بسوء التغذية الحاد.
وتمّ تحديد تسع حالات إصابة بسوء التغذية الحاد وتلقى الأطفال الرعاية الطبية العاجلة، بينما تلقى 30 طفلاً مصابين بسوء التغذية المعتدلة العلاج الغذائي المناسب.
ومن جهتها قالت نازحة في الـ27 من العمر من منبج إن: "الوضع لم يكن آمنًا في منبج، وللك قررنا الفرار برفقة أولادنا الخمسة. تنقلنا أولًا على متن دراجة نارية مع أولادنا، ولكن في القسم الأخير من الرحلة، أجبرنا على المشي. كنا محظوظين بوصولنا إلى هنا. والتحديات الرئيسية هنا تكمن في الحصول على الطعام والرعاية الطبية. هناك صيدلية واحدة خاصة تتوفّر فيها بعض الأدوية، ولكن ما من أطباء. ونحن بحاجة إلى اللقاحات من أجل أولادنا".
ستّ سنوات تقريبًا انقضت على نشوب النزاع في سوريا، وما زالت العائلات والمجتمعات المتواجدة في المسار المباشر للقتال وخلف خطوط المواجهة تختبر حالات تفشي للأمراض وتواجه صعوبة في الحصول على الرعاية لمعالجة الأمراض المزمنة مثل السكري، والصرع، وأمراض القلب، وغيرها من الأمراض التي كان يتمّ معالجتها في السابق. ومن دون رفع مستوى توفير الرعاية الطبية، فإنّ صحة السكان ستواصل الانحدار.
منذ مارس/أذار 2015، تعمل منظّمة أطبّاء بلا حدود إلى جانب هيئة كوباني الصحية من أجل إعادة إنشاء مرافق صحية أساسية، وتوفير الخدمات الطبية للمرضى في قسم العيادات الخارجية، وإعادة إدخال خدمات التطعيم، وابتكار برامج الدعم النفسي والاجتماعي. وتساعد منظّمة أطبّاء بلا حدود الهيئة الصحية على افتتاح مستشفى جديد يضمّ 36 سريرًا في مقاطعة كوباني و8 عيادات صحية في المناطق المجاورة.