أدى هجوم الرقة في شمال سوريا، الذي بدأ في حزيران/يونيو 2017، انتهى في 17 أكتوبر/تشرين الأول إلى سيطرة قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي على المدينة التي تم إخلاؤها من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية. غير أن نهاية معركة السيطرة على الرقة لا تعني أن الحرب في هذا القسم من سوريا قد انتهت، أو أن معاناة الشعب قد ولّت.
كيف فرّ الناس من الرقة؟
لقد تعيّن على الأشخاص الذين فرّوا من المدينة ومن القرى المحيطة بها، في الأشهر المنصرمة، اتّخاذ قرارات صعبة للغاية، بين الصمود تحت القصف الكثيف ومغادرة المدينة من خلال عبور خطوط الجبهات النشطة وحقول الألغام.
غير أنّ اتخاذ قرار الرحيل ومغادرة الرقة التي كانت معقل تنظيم الدولة الإسلامية كان محفوفًا بالمصاعب. فقد كان الناس يعاقبون لمحاولتهم الفرار، وكانت الوسيلة الوحيدة لرحيلهم عادةً هي سداد رشاوى باهظة. وفي الأيام الأخيرة قبل نهاية المعركة، وصل حتّى 1,300 شخص إلى مخيم عين عيسى للنازحين من جراء النزاع.
ما هو الوضع الانساني في الوقت الحالي داخل الرقة وبالنسبة للأشخاص الفارّين منها؟
انتهت معركة الرقة في 17 تشرين الأول/أكتوبر. وتشير معلوماتنا إلى أنّ السكان غادروا مدينة الرقة في ظلّ ظروف مرعبة، مع اقتراب الهجوم من الأحياء السكنية. ووفقًا لقوات التحالف، فقد تم إنقاذ 3,000 مدني تقريبًا في خلال الأسبوع الأخير من القتال، عقب التوصل إلى اتفاقية إجلاء مع تنظيم الدولة الإسلامية.
وقد تم، على ما يبدو، إرسال هؤلاء السكان إلى مخيم عين عيسى، الذي يستضيف في الأساس 12,000 نازح تقريبًا من الرقة ودير الزور، حيث يخضعون لتفتيشات أمنية إضافية. ومن غير الواضح ما تستوجبه عملية التفتيش هذه أو المدة التي سيبقى خلالها هؤلاء الأشخاص محتجزين في هذه المخيمات قبل تمكنهم من التوجه إلى منازلهم أو إلى مناطق أكثر أمانًا.
ومن 10 أكتوبر/تشرين الأول إلى 18 منه، أحضرت قوات سوريا الديمقراطية 1,274 شخصًا من مدينة الرقة إلى مخيم عين عيسى للنازحين، ويتم إبقاؤهم كلهم تقريبًا في منطقة أمنية خاصة تبعد 200 متر عن المخيم، ومن غير الواضح سبب فصل الوافدين الجدد من الرقة عن المخيم العادي.
إنّ معظم الأشخاص الذين فرّوا من الرقة في خلال الأسبوع الأخير من الهجوم هم من النساء والأطفال. ومن الفارّين أيضًا بعض الرجال المسنين، أما الرجال القلة الباقون، فهم معظمهم في سن الشباب، إما بُترت أطرافهم ويضعون مثبتات خارجية ما بعد الجراحة، أو تظهر على أجسادهم إصابات ناجمة عن طلقات نارية.
كيف تدعم منظمة أطباء بلا حدود الأشخاص الهاربين لتوّهم من الرقة؟
لدى النازحين من الرقة الذين يعيشون في مناطق عادية من المخيم القدرة على الوصول إلى قسم المرضى الخارجيين الذي تديره منظمة أطباء بلا حدود، وقد أنشئ مركز للاستشارات الطبية في المنطقة الأمنية الخاصة بالمخيم. بالإجمال، لقد قدّمت المنظمة 77 استشارة طبية، بخاصة إلى النساء والأطفال، وأحالت 13 مريضًا إلى مستشفى كوباني لعلاج إصاباتهم القديمة الملتهبة.
ويجري فريق آخر استجابة تطعيمية في صفوف الوافدين الجدد، لضمان تعويض الأطفال الذين لم يتلقوا لقاحاتهم لفترة طويلة، وأيضًا للتخفيف من حدة تفشي الأمراض كالحصبة وشلل الأطفال.
بالإضافة إلى ذلك، يشعر الوافدون من الرقة ودير الزور بالخوف والغموض حول مستقبلهم، وهم بحاجة للملابس والغذاء والمياه والمأوى والرعاية الصحية والحماية.
ما هي الإصابات التي تعاينها منظمة أطباء بلا حدود؟
مع تغيّر خطوط الجبهات في خلال معركة الرقة، وبخاصة مع اقترابها من الأحياء الأكثر اكتظاظًا بالسكان، بدأت فرق منظمة أطباء بلا حدود في مستشفى تل أبيض بمقابلة عدد أكبر من المرضى الذين يعانون إصابات ناجمة عن استخدام الأسلحة.
وقد صودف في بعض الأيام وصول حتّى 20 مريضًا إلى المستشفى، وكان معظمهم مصابًا بجروح ناجمة عن انفجار القنابل أو الألغام الأرضية. كما كان معظمهم مصابًا بجروح بالغة مرتبطة بشكل مباشر بانهيارات المباني من جراء القصف الجوي. غير أنّ أعداد المرضى المصابين بجروح كهذه تراجعت في الأيام الأخيرة من القتال.
وفي مستشفى كوباني، استقبلنا عددًا قليلًا للغاية من المرضى المصابين من جراء النزاع، فقد وصلنا، في تموز/يوليو، 63 مريضًا مصابًا بشكل خاص بطلقات نارية وبانفجارات الألغام الأرضية والقنابل، وفي أغسطس/آب، استقبلنا ثلاثة مرضى.
أين تعمل منظمة أطبّاء بلا حدود في محافظة الرقة؟
تعمل منظمة أطباء بلا حدود في مستشفى تل أبيض، حيث تدعم رعاية الإصابات البالغة والخدمات الجراحية والإدارة الإجمالية للمستشفى بالشراكة مع السلطات الصحية المحلية. لدينا عربات إسعاف ثمانٍ تعمل على نقل أي شخص مصاب أو بحاجة لرعاية طبية طارئة، حول مدينة الرقة، فتساعده على الوصول إلى منشآت الرعاية الصحية الثانوية التي تدعمها المنظمة في كوباني أو منبج أو تل أبيض.
وتعمل المنظمة أيضًا في نقاط طبية متقدّمة في حزيمة والطبقة شمال مدينة الرقة، وهي نقاط مخصّصة للسكان في شمال الرقة الذين يحتاجون رعاية طبية طارئة. كذلك، تعمل خمسة فرق تطعيم في أنحاء محافظة الرقة، بما في ذلك مخيم عين عيسى.
وفي مخيم عين عيسى، تدير المنظمة، قسمًا للمرضى الخارجيين، حيث نقدّم دعمًا غذائيًا للرضع والأطفال دون سنّ الخامسة، وتقيم أنشطة التوعية الصحية واستشارات الصحة النفسية وأنشطة العلاج الفيزيائي. كما ندير عيادة للرعاية الصحية الأولية في مدينة الطبقة، في حين يعمل فريقٌ في مستشفى كوباني، حيث يدعم غرفة الطوارئ ووحدة العناية المركّزة وغرفة العمليات وغرفة الإنعاش والحالات الجراحية كافة.
هل تتواجد منظّمة أطباء بلا حدود في داخل مدينة الرقة؟
كلا، فرقنا لا تتواجد داخل مدينة الرقة، بل على أطرافها. ما زال توجه المنظمات الانسانية والأشخاص الذين هم من الرقة إلى هناك يضعهم في خطر كبير، نظرًا إلى وجود الألغام الأرضية ومتفجرات أخرى تستخدم في الحرب، كما في المدينة مقدار هائل من الدمار. يجب نزع الألغام بشكل كامل من المنطقة قبل أن نتمكن من تقديم أي مساعدة هناك.
ماذا يُطلب من المنظمات الإنسانية؟
على المنظمات الانسانية أن تكون موجودة لدعم المتضررين من جراء النزاع، بالإضافة إلى تقديم دعم غير منحاز وحيادي وملموس. ويجب اعتماد نهج منظم في صفوف الجهات الفاعلة في المجال الانساني كافّة لتقييم الاحتياجات في المخيم، بما فيها المياه والصرف الصحي، والرعاية الصحية، والغذاء. والأهمّ، يجب أن يدرك الأشخاص والمنظمات الانسانية وجود احتياجات نزع الألغام والأنشطة ذات الصلة.