السيد نائب الأمين العام، السيد وكيل الأمين العام، السيدة المديرة العامة، السيد المنسق الخاص، حضرات المندوبين، حضرات السيدات والسادة،
شكراً لمنحي هذه الفرصة لوضعكم في صورة ما يحدث في غرب أفريقيا جراء وباء إيبولا.
بعد مرور ستة أشهر على اندلاع أسوء وباء إيبولا عرفه التاريخ، ها هو العالم يخسر معركة احتوائه. إذ يفشل القادة في مواجهة هذا التهديد العابر للحدود.
وفي غرب أفريقيا، تزداد أعداد المصابين والقتلى يوماً بعد يوم بشكل مطرد، وتنتشر المظاهرات، وتشهد مراكز العزل اكتظاظاً لا مثيل له. ويُصاب العاملون الصحيون الذين يحتكون مباشرة بالمرضى بالوباء ويموتون بأعداد كبيرة. وغادر آخرون خوفاً على حياتهم، تاركين الناس من دون علاج حتى للأمراض الأكثر رواجاً. وانهارت أنظمة صحية برمتها.
وباتت مراكز معالجة إيبولا أماكن يلجأ إليها المرضى للموت وحيدين، حيث لا تُقدم سوى بعض الرعاية المخففة للآلام. ومن المستحيل مجاراة الأعداد الهائلة للأشخاص المصابين الوافدين إلى المرافق الطبية. وفي سيراليون، تتعفن الجثث الموبوءة في الطرق.
وعوضاً عن بناء مراكز رعاية جديدة لعلاج مرض إيبولا في ليبيريا، ها نحن مرغمين على بناء محارق.
وفي الأسبوع الماضي، توقعت منظمة الصحة العالمية إصابة 20,000 شخص خلال الأشهر الثلاثة المقبلة في ليبيريا وسيراليون وغينيا.
نحن نسير في المجهول. وقد بلغت نسب الإصابة مستويات غير مسبوقة، في حين ينتشر الفيروس بشكل سريع في مونروفيا، عاصمة ليبيريا.
ها أنا أقف اليوم هنا، بصفتي رئيسة لمنظمة طبية إنسانية تعمل على خط المواجهة مع هذا الوباء منذ تفشيه. لقد عالج زملائي أكثر من ثلثي الإصابات المعلن عنها رسمياً. وعلى الرغم من مضاعفة عدد طاقمنا خلال الشهر الفائت، غير أن الخطوة غير كافية لمواجهة الأعداد المتزايدة للمرضى.
وفي هذا الصدد، أطلقت منظمة أطباء بلا حدود ناقوس الخطر منذ أشهر؛ لكن الرد جاء غير كاف ومتأخراً. فبدأ المرض بالتفشي قبل ستة أشهر، إلا أنه وُصف بالحالة الطارئة على الصحة العامة ذات البعد الدولي يوم 8 أغسطس/آب.
لا شك أن إعلانات التمويل وخرائط الطريق والبحث عن اللقاحات والعلاجات أمور مرحب بها، غير أنها لن تقضي اليوم على الوباء.
لقد خسرنا المعركة خلال الأشهر الستة الماضية. وعلينا أن نربحها خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.
باستطاعتنا ربح المعركة.
لقد استثمرت دول عديدة ممثلة هنا اليوم بشكل كبير في سبل الرد على المخاطر البيولوجية. وتقع على عاتقكم مسؤولية سياسية وإنسانية لاستعمال هذه القدرات فوراً في البلدان التي يتفشى فيها فيروس إيبولا.
وبهدف القضاء على الوباء، من الضروري أن تنشر هذه الدول حالاً قدراتها المدنية والعسكرية الضليعة باحتواء المخاطر البيولوجية. أناشدكم بنشر فرق احتواء الكوارث، مدعومة بكامل قدراتكم اللوجستية. ويجب القيام بذلك بالتعاون الوثيق مع البلدان المعنية.
لن نتمكن أبداً من السيطرة على الوباء من دون هذا الانتشار.
تكمن الأولوية في النقاط التالية:
- تحسين مراكز العزل؛
- نشر المختبرات المتنقلة لتحسين قدرات التشخيص؛
- تخصيص جسور جوية لنقل الطاقم والمعدات إلى غرب أفريقيا وداخلها؛
- بناء شبكة إقليمية من المستشفيات الميدانية لمعالجة العاملين الطبيين المصابين أو المشكوك بإصابتهم.
وفي حين ستساعد هذه الفرق فوراً على تعزيز الرد في الميدان، على منظمة الصحة العالمية ووكالات الصحة العامة الأخرى ترجمة خريطة الطريق الخاصة بإيبولا.
كما علينا معالجة مسألة انهيار البنى التحتية الطبية. لقد انهار النظام الصحي في ليبيريا. ولا تملك الحوامل اللواتي يعانين من تعقيدات مكاناً للمعالجة. كما تودي الأمراض كالإسهال والملاريا بحياة المرضى، علماً أنها أمراض يمكن الوقاية منها وعلاجها. ويجب إعادة فتح المستشفيات وإنشاء مستشفيات جديدة.
أخيراً، علينا تغيير المقاربة الجماعية للرد على الوباء.
وتؤدي التدابير القهرية، كالقوانين التي تجرّم عدم التبليغ عن الحالات المشتبه بها والعزل القهري، إلى إخفاء الإصابات والدفع بالمرضى بعيداً عن أنظمة الصحة. وقد أدت هذه التدابير إلى تغذية الخوف والاضطراب عوضاً عن احتواء الفيروس.
ولا يمكن للدول الأعضاء في الأمم المتحدة التركيز فقط على التدابير لحماية حدودها. فعلينا محاربة الوباء من جذوره لكي نتمكن من القضاء عليه.
إنها أزمة عابرة للحدود، مع عواقب اجتماعية واقتصادية وأمنية على القارة الأفريقية.
التحرك هو من مسؤوليتكم التاريخية.
لا يمكننا عزل البلدان المتضررة بالوباء والبقاء مكتوفي الأيدي على أمل انطفاء الحريق. لكي نتمكن من القضاء على هذا الحريق، علينا الدخول إلى المبنى الملتهب.
شكراً.