لم تمر سوى بضع دقائق على دخول فريق التوعية الصحية التابع لمنظمة أطباء بلا حدود إلى خيمة إحدى الأسر السورية اللاجئة حتى بدأت قطرات العرق تنساب على وجوه أفراد الفريق.
وكانت الأسابيع القليلة الماضية قد حملت معها موجة حر غير مسبوقة اجتاحت معظم أنحاء الشرق الأوسط. وفي سهل البقاع اللبناني الذي يؤوي ما لا يقل عن 410,000 لاجئ، وصلت درجات الحرارة إلى 42 درجة مئوية. ومثل هذه المستويات من الحر لا تتسبب بمضايقة الناس فحسب إنما تحمل لهم كذلك الأمراض.
يقيم كثير من السوريون هناك في مبانٍ لم يكتمل تشييدها أو في واحدة من أصل أكثر من 900 تجمع سكني في خيام تتناثر في الحقول على طول الطريق. وهذه المساكن المصنوعة جدرانها وأسقفها من البلاستيك لا يمكنها أن تقي قاطنيها من حرارة الشمس اللاذعة، في الوقت الذي يعاني فيه اللاجئون للحصول على المياه وكثيراً ما تتسرب مياه الصرف الصحي إلى المناطق المحيطة بهذه الخيام حيث يلعب الأطفال.
وفي عيادات أطباء بلا حدود الأربع المنتشرة في سهل البقاع، يعاني أكثر من نصف المرضى الذي يزورونها من أمراض ناتجة عن الجو الحار. وقال الدكتور بلال قاسم، وهو طبيب يعمل في إحدى عيادات المنظمة في البقاع: "دائماً ما نرى في الصيف التهابات المجاري التنفسية ومشاكل هضمية كالإسهال، إضافةً إلى إصابات جلدية. وهذه الأمراض مرتبطة مباشرةً بشروط المعيشة السيئة التي يقاسيها المرضى. وقد شاهدنا زيادة بنسبة 20 في المئة في أمراض الصيف المعتادة مقارنةً بالعام الفائت، وهذا قد يكون مرتبطاً بموجة الحر الأخيرة".
وخلال شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز، شكلت الالتهابات التنفسية العلوية والسفلية أكثر من 42 في المئة من مجمل الأمراض التي عالجتها فرق أطباء بلا حدود في البقاع. وفي يوليو/تموز، شكلت الإسهالات المائية والمشاكل الهضمية والمعوية حوالي 23 في المئة من الأمراض التي عالجتها الفرق.
ونظراً لصعوبة ومحدودية الوصول إلى المياه النظيفة وظروف المعيشة المزدحمة، نجد بأن أمراضاً جلدية كالجرب قد أضحت شائعة. وفيما كان فريق التوعية الصحية يتحضر لمغادرة المكان، أسرع رجل ليري الفريق بقعاً حمراء اللون تغطي بطنه وذراعيه، وهي العلامة الفارقة للجرب. وقال الدكتور وائل حرب، رئيس أنشطة المنظمة الطبية في البقاع: "نظراً للاكتظاظ، يمكن لأي شخص مريض أن ينقل العدوى إلى الجميع".
وأضاف الدكتور حرب: "نقوم بتوفير الأدوية فيما تشرح فرق التوعية الصحية كيفية تقليل انتشار العدوى، إلا أنه ليس بمقدورنا تغيير الأسباب الجذرية التي أدت إلى هذه المشاكل، والتي تتمثل في سوء النظافة وشروط المعيشة الصعبة".
تتغير التحديات التي يواجهها اللاجئون مع تغير الفصول. وقالت ليلى تم تغيير الاسم، وهي أم سورية لخمسة أطفال تعيش في أحد التجمعات السكنية قرب مجدل عنجر: "الصيف قاسٍ أجل، لكن الشتاء أقسى بكثير. ففي فصل الشتاء لا يمكننا تدفئة أطفالنا كما أن هذه المساكن البلاستيكية غالباً ما تتمزق فيما نقضي أيامنا ونحن نزيل الثلوج عن أسقفها".
بدأت منظمة أطباء بلا حدود العمل أول مرة في لبنان سنة 1976، حيث قامت بتوفير المساعدات الطبية بعد اندلاع الحرب الأهلية. وتعمل حالياً على توفير الرعاية الصحية الأولية وهذا يتضمن علاج الأمراض الحادة والمزمنة في طرابلس وسهل البقاع وبيروت وصيدا. كما تقدم فرق المنظمة خدمات الأمومة والطفولة في عرسال ومخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين. وباستثناء خدمات الأمراض المزمنة، فإن الخدمات التي توفرها فرق أطباء بلا حدود متاحة للاجئين السوريين وكذلك للسكان اللبنانيين المحتاجين واللاجئين اللبنانيين والفلسطينيين العائدين من سوريا. وتعالج فرق المنظمة جميع اللاجئين السوريين سواء أكانوا مسجلين في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أم لم يكونوا