Skip to main content
Cervical Cancer Prevention and Treatment

لماذا تفارق أعداد كبيرة من النساء الحياة جراء سرطان عنق الرحم؟

توفيت حوالي 311,000 امرأة خلال سنة 2018 بسبب سرطان عنق الرحم، علماً أن أكثر من 85 بالمئة من هؤلاء النساء كنّ يعشن في بلدان ذات دخل منخفض ومتوسط. كما شهدت السنة ذاتها تشخيص 570,000 إصابة جديدة بهذا المرض.

وهنا تبرز عدم المساواة في وفيات سرطان عنق الرحم، وهذا أمرٌ محزن، فهذا المرض يعتبر السرطان الأكثر فتكاً بين النساء في 42 بلداً، لكنه في المقابل يحتل المرتبة 19 في سويسرا، مما يجعله مرضاً أقل فتكاً. وتسجل ملاوي حالياً أكبر معدل للوفيات في العالم، وهناك تدير منظمة أطباء بلا حدود برنامجاً تعتبره الأشمل، علماً أن معدلات الوفيات في مالي وزيمبابوي ليس بعيداً جداً عما تشهده ملاويآربين إم، وايدرباس إي، بروني إل، دي سان خوسيه إس، سارايا إم، فيرلاي جيه، براي إف. تقديرات حالات ووفيات سرطان عنق الرحم في 2018: دراسة تحليلية عالمية. مجلة ذا لانسيت الصحية العالمية. 1 فبراير 2020؛ 8(2): الصفحات 191 – 203..

لكن الأهم أن سرطان عنق الرحم مرضٌ يمكن الوقاية منه وحتى شفاؤه إن اكتشف في وقت مبكر.

ولهذا يبرز السؤال التالي: لماذا لا تزال النساء ضحايا لسرطان عنق الرحم؟ وللإجابة، لا بد أن نفهم أكثر في البداية كيفية ارتقاء هذا المرض.

يتوقع أن يرتفع هذا الرقم خلال الأعوام المقبلة، غير أن العالم لا يزال صامتاً إلى حد بعيد فيما يخص هذه الوفيات. د. سيفيرين كالويرتس، طبيبة نسائية، منظمة أطباء بلا حدود

كيف تحدث الإصابة بسرطان عنق الرحم؟

تعزى جميع حالات سرطان عنق الرحم تقريباً إلى استمرار الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري الذي ينتقل عن طريق الجنس ويعد في الحقيقة واحداً من أشيع الأمراض المنقولة جنسياً ويصيب الرجال والنساء. ثمة أكثر من 100 سلالة من الفيروس، لكن السلالتين 16 و18 الخبيثتين بصورة خاصة مسؤولتان عن حوالي 70 بالمئة من إجمالي حالات سرطان عنق الرحم.

تشفى نساء كثيرات من الفيروس تلقائياً، لكن الإصابة المزمنة التي تلازم غيرهن تؤدي بمرور الوقت إلى حدوث تغيرات شاذة في خلايا عنق الرحم، والتي تعد مرحلة ما قبل سرطانية ترتقي في صمت ما لم تعالج وتتحول إلى سرطان بعد مرور 15 إلى 20 عاماً، غير أن كل هذا لا يحدث في الخفاء كما سنرى فيما يلي. 

مع هذا فإن الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري تكون عدوانية بشكل خاص لدى النساء والفتيات المصابات بفيروس نقص المناعة البشرية، وهذا يعني إمكانية سرعة تحول الإصابة إلى سرطان خلال أقل من نصف تلك الفترة.

أما في ملاوي، ونظراً لتأخر كشف الإصابات، فإن معدل الأعمار عند تشخيص السرطان يبلغ 49 عاماً، أي أن الوقت غالباً ما يكون قد تأخر لتجنب المرحلة المميتة من المرض والمعاناة التي تترافق بها.

تلك هي الحالات التي لا ينبغي أن تتواجد أصلاً نظراً لإمكانية الوقاية منها.

فيديو

فيديو توضيحي حول سرطان عنق الرحم

كيف يمكننا الوقاية من الإصابة؟

ينبغي أن تبدأ عملية الوقاية من سرطان عنق الرحم بعمر التسعة أعوام، أي قبل أن تتعرض الفتيات لفيروس الورم الحليمي البشري.

وتعتبر هذه الوقاية أولية على شكل لقاح مضاد للفيروس تنصح به منظمة الصحة العالمية للفتيات بين عمر 9 إلى 14 عاماً.

أما الخطوة الثانية فتتمثل في فحوصات الكشف عن المرحلة ما قبل السرطانية، والتي تترافق بالعلاج. إذ يسمح اعتماد برنامج "افحص وعالج" في البلدان منخفضة الدخل بكشف الآفات ما قبل السرطانية والقضاء عليها. وفي حال متابعة الفحوصات الدورية وكشف أية حالات نكس، فإنه يمكن علاجها أو إحالة المريضة إلى رعاية ذات مستوى أعلى.

التحصين باللقاحات

منذ أن ظهر أول لقاح للفيروس عام 2006 وبرامج التحصين التي اعتمدتها أوائل البلدان مثل أستراليا تحقق نجاحاً مذهلاً. وتشير توقعات واثقة اليوم بأن القضاء على سرطان عنق الرحم في البلدان ذات الدخل المرتفع سيتحقق في المستقبل القريب.

ثمة حالياً شركتا أدوية تنتجان ثلاثة لقاحات تستهدف سلالات الفيروس المسببة لسرطان عنق الرحم، علماً أن شركة ميرك تسيطر على مبيعات اثنين من هذه اللقاحات الثلاثة.

إلا أن شركة ميرك فشلت في تلبية الطلب في البلدان الأكثر تضرراً بسرطان عنق الرحم، حيث لا يزال اللقاح باهظ الثمن وغير متوفر في الكثير من البلدان، خاصةً وأن الشركة تضع زبائنها الأثرى في أسواق أوروبا وأمريكا الشمالية في موضع الأولوية. ولهذا فقد بدأت 21 بالمئة فقط من البلدان منخفضة الدخل باستخدام اللقاح، مقارنةً بما معدله 79 بالمئة من البلدان مرتفعة الدخلالبيانات الأولية حتى مايو/أيار 2019 والتي يمكن الاطلاع عليها في قاعدة بيانات منظمة الصحة العالمية المخصصة للتحصين واللقاحات والمستحضرات البيولوجية، والمتوفرة على الرابط: https://www.who.int/immunization/documents/en/. ولهذا فقد اتخذت منظمة الصحة العالمية إجراءً مؤقتاً بهدف التصدي لنقص اللقاح، حيث أصدرت دليلاً إرشادياً جديداً شمل توجيهات لبعض البلدان بتحصين مجموعة عمرية معينة فقط، كالفتيات في عمر التسع سنوات.

ونتيجة لهذا ترى منظمة أطباء بلا حدود اضطرار بعض البلدان المتلزمة بنشر اللقاح إلى ترك ملايين الفتيات دون حماية، علماً أن قدرات منظمتنا محدودة فيما يخص إمكانية توفير لقاحات إضافية.

HPV Vaccination Campaign Chiradzulu Malawi
فانيسا البالغة من العمر تسع سنوات تتلقى لقاحاً ضد فيروس الورم الحليمي في المدرسة في مقاطعة شيرادزولو في ملاوي. يناير/كانون الثاني 2020
MSF/Nadia Marini

تشير التقديرات الحالية إلى أن ملاوي تعاني من أعلى معدل في العالم للوفيات بسرطان عنق الرحم، كما أنها تحتل المرتبة الثانية في عدد الإصابات الجديدة المسجلة سنوياً. 

وكانت ملاوي قد بدأت في يناير/كانون الثاني 2020 حملة تحصين وطنية ضد فيروس الورم الحليمي البشري للمرة الثانية، حيث استهدفت الفتيات بعمر التسعة أعوام من أجل الجرعة الأولى من اللقاح والفتيات بعمر العشرة أعوام من أجل الجرعة الثانية.

وقد عملت طواقم أطباء بلا حدود ووزارة الصحة خلال ثمانية أيام في منطقة شيرادزولو الريفية على تحصين أكثر من 8,500 فتاة في 100 مدرسة و17 مركزاً صحياً.

فحوصات الكشف

فحصت طواقم أطباء بلا حدود خلال عام 2018 أكثر من 20,000 امرأة في خمسة بلدان كانت قد تدخلت فيها وعززت أنشطتها بهدف وقف ترقّي المرحلة ما قبل السرطانية.

وهنا تعتبر الفحوصات عاملاً مهماً للوقاية من سرطان عنق الرحم بالرغم من فعالية لقاح فيروس الورم الحليمي البشري، خاصةً وأن الكثير  من النساء اليوم قد نشأن قبل وجود اللقاح، كما أن الكثير من الفتيات لم يحصلن عليه بعد. لكن إن بدأنا بالفحص فلا بد من أن نكون قادرين على العلاج.

ولهذا فقد صمم برنامج "افحص وعالج" القائم في البلدان التي تفتقر إلى الموارد كي يحقق أكبر قدر ممكن من الفائدة خلال زيارة واحدة للمريضة إلى العيادة المحلية.

ويعتمد الفحص على المعاينة المباشرة باستخدام حمض الخل، حيث تتلقى الممرضات والقابلات تدريبات تسمح لهن بكشف الشذوذات أو التحولات ما قبل السرطانية التي تطرأ على عنق الرحم بالعين المجردة أو باستخدام الكاميرا أو الهاتف الذكي (تصوير عنق الرحم). كما أنهن قادرات إلى حد ما على علاج المشاكل التي قد يجدنها، حيث يمكنهن استخدام مسبر كهربائي لتجميد الآفات (العلاج بالتبريد) أو تسخينها (الاستئصال الحراري) للقضاء عليها. وهكذا يمكن إتمام الجلسة بأكملها، والتي تتضمن جانباً إرشادياً، خلال 30 دقيقة.

أما  في حال مواجهة آفات ما قبل سرطانية لا يمكن علاجها فوراً، فتتم إحالة المريضة كي تخضع للاستئصال الجراحي الكهربائي بالعروة (عملية خاصة باستئصال الخلايا والأنسجة المصابة)، لكن في حال الاشتباه بالسرطان فإن منظمة أطباء بلا حدود قادرة على ترتيب خزعة للمريضة.

وهكذا فإن البنى التحتية والمعدات البسيطة نسبياً التي يتطلبها برنامج الفحص والعلاج المباشر تجعل منه استراتيجية غير مكلفة يمكن اتباعها في مناطق تفتقر إلى أساليب تحليل متطورة نظراً لكلفتها أو بعدها أو الموارد المعقدة التي تتطلبها. كما تنفذ المنظمة هذا البرنامج في إطار عياداتها المتنقلة بهدف تغطية عدد أكبر من النساء، حيث تعتمد مثلاً على الحافلات في الفلبين أو تنصب خياماً مؤقتة كما في زيمبابوي.

وفي مسعى منها لتعزيز قدرات وزارة الصحة وشركائها المحليين، فإن منظمة أطباء بلا حدود تركز أيضاً على مراقبة الممرضات وتنفيذ إجراءات منتظمة لضمان الجودة بالاعتماد على مراجعات المختصين ودعم الخبراء. كما تعتبر الأنشطة المجتمعية جزءاً هاماً من هذه الجهود، وتتضمن سرد قصصٍ عن كيفية الوقاية من السرطان بالاعتماد على برنامج الفحص والعلاج، وكيف أن انتظار ظهور الأعراض يعني فوات الأوان، أو كيف أن كشف الإصابة لا يعني بالضرورة الإصابة بالسرطان إنما فرصة للحفاظ على صحة جيدة.

يشار إلى أن البرنامج الذي جرى اتباعه في منطقة غوتو في زيمبابوي قد غطى 75 بالمئة من المجموعة المستهدفة.

فيديو

برنامج الفحص والعلاج في زيمبابوي

الأخت ميرسي مانديزفو مرشدة تمريضية تعمل في مشروع الوقاية من سرطان عنق الرحم وعلاجه التابع لمنظمة أطباء بلا حدد في غوتو، في زيمبابوي، وهي متحمسة جداً لما يمكن أن يحققه البرنامج لمساعدة النساء في الحصول على الرعاية التي يحتجن إليها.

ماذا لو ترقت الإصابة إلى سرطان عنق الرحم؟

الجراحة

في حال لم تخضع المريضة للكشف وأصيبت بسرطان عنق الرحم، فإن خيارات شفائها محدودة في المناطق التي تفتقر إلى الموارد، حيث الجراحة خدمة تتطلب مهارة عالية وغالباً ما لا تكون متوفرة، والأندر منها حتى العلاج الكيميائي والشعاعي.

لا يمكن علاج سرطان عنق الرحم الذي يعد سرطاناً معقداً وغازياً إلا بالجراحة في مراحله المبكرة، أي بالخضوع لعملية استئصال رحم واسع، علماً أن بقاء المريضة وأسرتها في المستشفى في المرحلة التي تتلو العملية قد يكون أمراً شاقاً للغاية.

هذا وقد افتتحت منظمة أطباء بلا حدود في ديسمبر/كانون الأول 2019 غرفةً للعمليات وجناحاً للمرضى الداخليين في العاصمة بلانتاير وذلك لاستكمال برنامج الوقاية والعلاج الشامل الذي تديره في ملاوي. أما في زيمبابوي ومالي على سبيل المثال، فإننا ندعم النساء مباشرةً عن طريق إحالتهن إلى مستشفيات تخصصية قادرة على توفير خيارات علاجية من شأنها إنقاذ حياتهن.

فيديو

النجاة من السرطان

سمعت رومبيدزاي موشاي بفحوصات الكشف لأول مرة في العيادة الصحية المحلية التي ترتادها في زيمبابوي، ولهذا قررت أن تخضع لها. لكن سلسلة من الفحوصات والعلاجات فشلت في إيقاف تدهور حالتها إلى أن خضعت لعملية جراحية في العاصمة.

ما الذي تقوم به منظمة أطباء بلا حدود بالضبط لمواجهة هذه المشكلة؟

عملت المنظمة خلال عام 2019 على توفير رعاية سرطان عنق الرحم في خمسة مشاريع رئيسية حول العالم.

زيمبابوي

تفحص فرق أطباء بلا حدود العاملة في غوتو، في زيمبابوي، النساء للكشف عن أية شذوذات أو آفات ما قبل سرطانية بالاعتماد على المعاينة المباشرة باستخدام حمض الخل وتصوير عنق الرحم. كما تقدم فرقنا العلاج الفوري (العلاج بالتبريد) للآفات ما قبل السرطانية وتحيل أيضاً النساء للخضوع لعمليات جراحية أو الحصول على العلاج الشعاعي حسبما تقتضي الحاجة.

الفلبين

تعمل منظمة أطباء بلا حدود بالتعاون مع منظمة ليكان غير الحكومية المحلية على إجراء فحوصات الكشف عن سرطان عنق الرحم وتوفير العلاج بالتبريد، إلى جانب خدمات الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية، وذلك في العاصمة الفلبينية مانيلا. وقد حصّنت الطواقم خلال عام 2017 ما مجموعه 22,000 فتاة تتراوح أعمارهن بين 9 و13 سنة ضد فيروس الورم الحليمي البشري.

إسواتيني

بدأت المنظمة عام 2016 بتوفير فحوصات المعاينة المباشرة باستخدام حمض الخل وخدمات العلاج بالتبريد في إسواتيني. وقد أشرفت المنظمة على تدريب الممرضات وبدأت برنامجاً للعيادات المتنقلة والطب عن بعد هدفه تمكين الممرضات من إجراء التشخيص، إلى أن سلمت المشروع لوزارة الصحة عام 2019.

مالي

تدير فرق المنظمة العاملة في العاصمة باماكو مشروعاً لطب الأورام يشمل على خدمات رعاية سرطان عنق الرحم. كما أننا نقدم منذ عام 2018 الرعاية الملطفة وخدمات الدعم في مستشفى بوينت جي الجامعي وكذلك في منازل المريضات. بدأنا أيضاً في عام 2020 بدعم خدمات فحص النساء في باماكو.

ملاوي

تدير المنظمة برنامجاً شاملاً للتصدي لسرطان عنق الرحم في شيرادزولو وبلانتاير، في ملاوي، حيث تقدم من خلاله لقاحات فيروس الورم الحليمي البشري وفحوصات المعاينة المباشرة باستخدام حمض الخل وكذلك علاج الآفات ما قبل السرطانية. كما تشمل الخدمات الرعاية الملطفة والجراحة، والتي بدأ العمل بها بعد افتتاح غرفة العمليات في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2019.

Tondo project
جلسة توعية صحية حول الصحة الجنسية والإنجابية في توندو في مانيلا عاصمة الفلبين. يونيو/حزيران 2019
Melanie Wenger

ما الذي يحصل في حال الفشل في سد الفجوات؟

لا تزال فرق أطباء بلا حدود ترى نساءً في الأربعينات والخميسنات من العمر وقد فات الأوان على علاجهن، حيث يجري تشخيص إصابتهن بالسرطان وهو في مراحل متقدمة عصية على العلاج.

قد تعاني النساء في المجتمعات التي لا تعرف الكثير عن المرض وقد تتدهور حالتهن. وربما ينفقن أموالاً كثيرة طلباً للرعاية وهن يعانين من أعراض غير مفهومة، أو يخسرن ببساطة أموالاً لعدم قدرتهن على العمل. قد يؤدي هذا السرطان إلى تشوههن وعزلتهن.

لقد أدى العبء الذي يشكله سرطان عنق الرحم إلى احتياجات هائلة على صعيد الرعاية الملطفة، وهي فجوة أدركتها منظمة أطباء بلا حدود في ظل مساعيها للتخفيف من هذه المعاناة.

وفي هذا السياق، تعمل المنظمة في العاصمة المالية باماكو على دعم برنامج للرعاية الملطفة في المستشفى والبيت، وذلك في واحد من المستشفيات القليلة في العاصمة التي تقدم مثل هذه الخدمات، علماً أن نحو 50 بالمئة من المريضات يأتين من خارج المدينة. وتشمل الخدمات الوقاية وعلاج الأعراض وتسكين الألم والدعم النفسي والمعنوي. كما تعالج الطواقم النساء من الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي والأمراض الأخرى والجروح التي تتسبب بها الأورام.

كما يزور فريق متخصص مرتين أسبوعياً بيوت المريضات اللواتي غالباً ما يكنّ معدمات وفي حالة سيئة لا تسمح لهن بالذهاب إلى المستشفى.


كيف يمكننا أن نضع حداً لوفيات سرطان عنق الرحم التي يمكن الحؤول دون وقوعها؟

لقد حققت البلدان ذات الدخل المرتفع تقدماً هائلاً على هذا الصعيد، غير أن ثمة فجوات تزداد اتساعاً بين أفضل أشكال الرعاية المتاحة وما يتوفر في السياقات التي تفتقر إلى الموارد. وقد أصدرت منظمة الصحة العالمية مسودة استراتيجية للقضاء على سرطان عنق الرحم وستطرحها للموافقة خلال انعقاد جمعية الصحة العالمية في مايو/أيار. لكن دون تعزيز وتوسيع خدمات التحصين والفحص والعلاج، فإن الوفيات ستستمر بالارتفاع. لكن ماذا عسانا أن نفعل أيضاً؟

لا بد من تأمين إمدادات أكبر من لقاحات فيروس الورم الحليمي البشري للفتيات الأكثر عرضة للخطر، كما لا بد أن تتوفر هذه اللقاحات بأسعار أقل لضمان حصول جميع البلدان عليها. كذلك ينبغي أن تكون المنظمات الإنسانية من قبيل أطباء بلا حدود قادرة على تأمين هذه اللقاحات بأسعار معقولة خدمةً للناس الذين تقدم لهم الرعاية.

كما لم يعد هناك وقت نضيعه وعلينا أن نبدأ فوراً بفحص وعلاج المزيد من النساء. وهذا يستدعي تدريب عمال الرعاية الصحية والحفاظ عليهم، وتأمين الإمدادات دون انقطاع. كذلك لا بد من اعتماد برنامج "افحص وعالج" في سياق الرعاية المعتادة التي تقدمها الخدمات الصحية، وهذا يشمل مراكز الرعاية الصحية الأولية في المناطق الريفية وكذلك في إطار برامج مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية. لا بد أيضاً من العمل بجد لتعزيز خدمات الفحص، إذ ينبغي الاعتماد على سبل أحدث وأفضل تسمح بالكشف عن فيروس الورم الحليمي البشري في مرحلة أبكر. وكانت المنظمة قد نجحت بين عامي 2017 و2018 بمضاعفة تغطية خدمات الفحص والعلاج التي تقدمها كما كرست الموارد لوضع برامج رعاية يمكن استنساخها. غير أن هذه الإسهامات لا تزال متواضعة في وجه هذه المشكلة الخطيرة.

يجب الإسراع في توسيع خدمات علاج السرطان. إذ أن حصيلة الوفيات التي لا تزال مرتفعة تؤكد على ضرورة توفير خدمات العلاج الكيميائي والشعاعي والجراحي للنساء اللواتي تشخص إصابتهن في أسرع وقت ممكن. أخيراً وكي نساعد النساء ومجتمعاتهن في التعاطي مع السرطان والآفات ما قبل السرطانية، فلا مجال للتغاضي عن اعتماد أنظمة للدعم النفسي والاجتماعي.

من المرفوض أن يعتمد احتمال وفاة امرأة ما بسرطان عنق الرحم إلى حد كبير على المكان الذي تعيش فيه.

ولهذا نرجو منكم مساعدتنا في نشر التوعية وندعوكم إلى مشاركة هذا الموضوع مع أصدقائكم وعائلاتكم وقد بات اليوم العالمي للمرأة على الأبواب.

المقال التالي
مرض الكورونا كوفيد-19
تحديث حول مشروع 27 مايو/أيار 2020