على الرغم من انخفاض حدة القتال في شمال سوريا منذ عام 2020، مازال 2.7 مليون شخص في عداد النازحين ويستمرون في العيش في ظروف متردّية. ولكن إمكانية عبور المساعدات المنقذة للحياة عبر الحدود إلى شمال غرب سوريا مازالت موضع مساومة مع استمرار انخفاض التمويل كما أنه لم يبق سوى معبر واحد من بين المعابر الثلاثة التي سمحت الأمم المتحدة بعبور المساعدات من خلالها مفتوحًا. وعلاوة على ذلك، أُغلق معبر سيمالكا/فيشخابور الواقع على الحدود الشمالية الشرقية مع كردستان العراق.
شمال شرق سوريا
مازال الشمال السوري متأثّرًا بشكل كبير بالنزاع في سوريا مع توسّع نطاق الاحتياجات الطبية والإنسانية في أنحاء المنطقة.
فقد دمّرت سنوات من النزاع ونقص التمويل نظام الرعاية الصحية في شمال شرق سوريا. ومازالت المرافق الصحية متضرّرة بشكل كبير جراء النزاع بما في ذلك المستشفيات الرئيسية كمستشفى الرقة الوطني، بينما تفتقر المرافق الأخرى إلى الإمدادات الطبية الكافية أو الطواقم الكفوءة. وبالتالي، لا يستطيع الكثير من الناس الحصول على الرعاية الطبية التي يحتاجون إليها وخصوصًا رعاية الأمراض غير السارية والحالات الطبية المعقّدة.
كما تضرّرت البنى التحتية المدنية مرارًا وتكرارًا، وحدّ ذلك بشدّة من إمكانية حصول الناس على المياه. فقد شهدت محطّة علوك للمياه التي توفّر المياه لما يقدّر بنحو 460,000 شخص في محافظة الحسكة تعليق عملية إمداد المياه 24 مرّة منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2019 وعددًا أكبر من المرات في عامي 2021 و2022، وقد استمرّت أطول مدّة تعليق 42 يومًا.
وقد ساهم ذلك بالإضافة إلى الإنخفاض الحاد في مستوى المياه المتدفّقة من نهر الفرات في ارتفاع عدد الإصابات بالأمراض المنقولة عبر المياه ومستوى انعدام الأمن الغذائي وخطر الإصابة بسوء التغذية.
النازحون في المخيمات
يعتمد 700,000 شخص تقريبًا في أنحاء شمال شرق سوريا على المساعدات الإنسانية بشكل حصري. وغالبًا ما لا يتوفّر لدى الأشخاص الذين يعيشون في المخيمات والتجمّعات السكنيّة غير المنظّمة شبكة صرف صحي مناسبة، كما يعيشون في مساحات مكتظّة حيث لا يستطيعون التقيّد بتدابير الوقاية من كوفيد-19 على غرار التباعد الجسدي وتدابير النظافة الصحية.
ومن بين هذه المخيمات مخيّم الهول الذي يؤوي ما يقدّر بنحو 56,000 شخص، 90 في المئة منهم من النساء والأطفال، إذ يُنقل الصبيان والرجال من المخيّم إلى مراكز الاحتجاز.
لا يزال الوضع مؤسفًا في مخيم الهول حيث تشتدّ الحاجة إلى الرعاية الصحية والبنى التحتية للمياه والصرف الصحي بهدف تأمين المياه الآمنة الصالحة للشرب والحدّ من انتشار الأمراض. وينبغي إيجاد حلول عملية طويلة المدى تتعلّق بالوضع القانوني لهؤلاء الناس بما في ذلك إمكانية إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية.
استجابة أطباء بلا حدود في شمال شرق سوريا
في شمال شرق سوريا، قدمت أطباء بلا حدود الدعم لتلقيح الأطفال في 12 موقعًا مختلفًا، كما ندير عيادة للرعاية الصحية الأساسية وبرنامجًا للأمراض غير السارية ونخصص فريقًا متنقلًا للعناية بالجروح كما ندير مصنعًا للتناضح العكسي بهدف توفير المياه الآمنة الصالحة للشرب في مخيم الهول.
كما تدير فرقنا عيادتين للأمراض غير السارية وتقدم خدمات الرعاية الصحية العامة وتشمل رعاية المرضى المصابين بالسل في أحد مراكز الاحتجاز.
وعلاوة على ذلك، ندعم مستشفى وقسمًا للعيادات الخارجية يشمل غرفة طوارئ كما أطلقنا برنامجًا يعنى بالتغذية. وخلال جائحة كوفيد-19، دعمت فرقنا المستشفيات والمراكز الصحية في مدينتين رئيسيتين.
شمال غرب سوريا
في أواخر عام 2019 وأوائل عام 2020، أطلقت القوات التابعة للحكومة السورية وحلفاؤها هجومًا جديدًا في محافظة إدلب. وقد تعرّضت المدارس والأسواق ومخيمات النازحين لضربات أدّت إلى نزوح نحو مليون شخص جراء القتال إلى مناطق مكتظّة بالنازحين أساسًا.
وفي مرات متعددة، تلقّت الفرق الطبية في المستشفيات التي تدعمها أطباء بلا حدود تدفّقات من الإصابات الجماعية. وقد تضرّرت بعض هذه المستشفيات جراء تعرّضها للقصف، بينما اضطرّ البعض الآخر إلى تقليص أو تعليق أنشطته خوفًا من التعرّض لضربات.
وفي مارس/آذار 2020، جرى التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار لوضع حدّ للقتال في المنطقة، إلاّ أنّ القصف لم يتوقّف منذ ذلك الحين وخصوصًا في جنوب محافظة إدلب. وعلى الرغم من انخفاض حدّة القتال، مازال 2.7 مليون شخصٍ في عداد النازحين، معظمهم من النساء والأطفال، ويواصلون العيش في ظروف قاسية.
حاليًا، تبقى مسارات العمليات عبر الحدود القنوات الإنسانية الوحيدة التي تغطي الاحتياجات المتزايدة في شمال غرب سوريا. وفي يوليو/تموز 2022، قرر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تجديد القرار الذي يقضي بعبور المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى المنطقة لمدّة ستّة أشهر فقط بدلًا من 12 شهرًا وفقًا للاقتراح الأساسي. وفي حال إغلاق نقطة العبور الحدودية التي تؤدي إلى شمال غرب سوريا في المستقبل بدون إيجاد حل عملي بديل، قد تكون العواقب وخيمة بالنسبة للأشخاص الذين يعيشون في المنطقة.
استجابة أطباء بلا حدود في شمال غرب سوريا
تُقدّم فرق منظّمة أطباء بلا حدود في شمال غرب سوريا الرعاية الطبية عالية الجودة في محافظتي إدلب وحلب. ندعم حاليًا سبعة مستشفيات ومراكز أمومة إذ نزوّدها بالأدوية والإمدادات الطبية الأخرى كما نغطي تكاليف على غرار رواتب الموظّفين.
وفي أطمة، ندير الوحدة الوحيدة المتخصّصة في علاج الحروق في المنطقة حيث نجري عمليات جراحية ونقدّم خدمات التضميد والعلاج الفيزيائي والدعم النفسي الاجتماعي.
بالإضافة إلى ذلك، ندير وندعم 12 مركزًا للرعاية الصحية العامة وخمس سيارات إسعاف للإحالات. كما ندعم 11 عيادة متنقلة تقدّم خدمات في أكثر من 100 مخيّم للنازحين. وتوفّر فرقنا خدمات الرعاية الطبية الأساسية التي تشمل علاج الأمراض غير السارية وخدمات رعاية الأمومة والصحة النفسية كما تنفّذ أنشطة توعية صحيّة. ورسّخنا عمليّة المراقبة المجتمعية في 14 مخيّمًا، حيث يجمع 28 عاملًا صحيًا مجتمعيًا معلومات حول الاحتياجات الإنسانية والطبية للنازحين في المنطقة.
تدير فرقنا كذلك أنشطة المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية وأنشطة التأهّب لفصل الشتاء في حوالي 90 مخيمًا للنازحين حيث نوزّع سلل النظافة الصحية ونركّب المراحيض ونحسّن شبكات الصرف الصحي كما ندير عملية جمع النفايات ونوفّر خزانات المياه.
كما تدعم أطباء بلا حدود في شمال غرب سوريا جهود التلقيح المحلية ضد كوفيد-19 عبر إرسال فرق تلقيح ثابتة ومتنقلة بهدف تقديم اللقاحات ونشر رسائل توعية حول كوفيد-19 ومواجهة التردد السائد حول تلقي اللقاحات بين أفراد المجتمع.