تشكّل المناطق الحدودية بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر منطقة تُعرف باسم منطقة الساحل الأوسط التي باتت بؤرة أزمة إنسانية يسودها انعدام الأمن. وفصول هذه الأزمة بدأت تتكشف في عام 2012 في شمال مالي وتوسّع نطاقها منذ ذلك الحين لتصل إلى وسط مالي، وكذلك إلى شمال بوركينا فاسو وغرب النيجر.
وتسبّب ظهور وانتشار جماعات مسلحة تابعة للدولة وأخرى غير تابعة لها بتعريض المجتمعات المحلية للهجمات وعمليات القتل المستهدف والاختطاف والمضايقات. يتضرّر ملايين الأشخاص من النزاع والتهجير القسري وهم بحاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية.
في وسط مالي، يتدهور الوضع الأمني نتيجة العمليات العسكرية وتصاعد حدة العنف الطائفي بين الجماعات العرقية. ويسفر ذلك عن فرض قيود إضافية على حركة المجتمعات المحلية، بالإضافة إلى عوائق تحول دون حصولهم على الرعاية الصحية.
منذ بداية عام 2020، أدّت الهجمات المتزايدة في دوينتزا، في منطقة موبتي في مالي، إلى نزوح أكثر من 7 آلاف شخص، والتمس الكثيرون اللجوء في موقع أقامته السلطات في بوني أو لدى أسر مضيفة.
ومن المتوقع أن يتفاقم انعدام الأمن الغذائي في أوساط كل من النازحين والمجتمعات المضيفة إذا لم يتم تنفيذ التدخلات الإنسانية العاجلة. ففي جميع أنحاء مالي، بلغ عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي أعلى مستوى له منذ عام 2016، ما دفع بالحكومة في 7 أبريل/نيسان 2020 إلى إعلان حالة طوارئ غذائية وتغذوية.
مشاريعنا في مالي
تعمل فرق أطباء بلا حدود في جميع أنحاء البلاد لتقديم المساعدة الطبية والإنسانية إلى الأشخاص الأكثر حاجة في المناطق الحضرية والريفية. عندما وصل كوفيد-19 إلى مالي، دعمت فرق أطباء بلا حدود أنشطة الاستجابة للجائحة في مواقع متعددة.
التلقيح ضد الحصبة في منطقة تمبكتو
في سبتمبر/أيلول 2020، عملنا مع وزارة الصحة في منطقة تمبكتو شمال مالي لتنفيذ حملة تلقيح جماعية ضد الحصبة مقسّمة إلى ثلاث مراحل وتستهدف أكثر من 60 ألف طفلٍ تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و 14 عامًا. تم فحص الأطفال والأشخاص المرافقين لهم بحثًا عن أي أعراض مرضية لكوفيد-19 وتم توفير العلاج للحالات المشتبه فيها. استهدفت الحملة 12 منطقة صحية، بعضها في المناطق الحضرية والبعض الآخر في المناطق النائية التي استخدم موظفونا الزوارق المصنوعة من جذوع الأشجار للوصول إليها.
الرعاية الصحية والاستجابة لحالات الطوارئ في الشمال والوسط
في دوينتزا في منطقة موبتي، ندعم المركز الصحي الرئيسي ونتواصل مع المراكز الصحية المجتمعية لضمان نقل الحالات المعقدة إلى مستشفى سيفاري. قمنا بتدريب العاملين الصحيين في المجتمعات المحلية على علاج الأشخاص المصابين بأمراض شائعة مثل الملاريا حتى لا يضطروا إلى مغادرة قراهم. كما ندعم ثلاثة مراكز صحية مجتمعية في بوني وهومبوري وموندورو، وأطلقنا أيضًا أنشطة مجتمعية وأنشأنا عيادات متنقلة.
في كورو في منطقة موبتي، نقدم خدمات الرعاية الصحية الطبية والنفسية ونستجيب لحالات الطوارئ من خلال مستشفيات الإحالة في كورو وبانكاس وباندياجارا. نوزّع أيضًا مجموعات من المواد الأساسية على النازحين المتضرّرين من النزاع.
في تينينكو في منطقة موبتي، افتتحنا مشروعًا في ديسمبر/كانون الأول 2016 لتوفير الرعاية الطبية العامة. يركّز عملنا على الوقاية من الملاريا وعلاجها من خلال العيادات المتنقلة وعلى أنشطة صحة المرأة في مركز تينينكو الصحي. عياداتنا المتنقلة قادرة على الوصول إلى حوالى 40 قرية، بما فيها المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة.
في منطقة كيدال، ندعم مركزَين صحيَين مجتمعيَين في مدينة كيدال وخمسة مراكز في المناطق المحيطة. نحن نعمل مع السلطات الصحية المحلية لدعم توفير الرعاية الصحية الطبية والنفسية والمراقبة الوبائية وإحالة الحالات. كما نطوّر استراتيجيات للوصول إلى المجتمعات البدوية في المناطق المعزولة ونعالج الأمراض الشائعة التي تصيب النساء الحوامل والأطفال دون سن الخامسة في 30 موقعًا للبدو الرحل.
في أنسونغو في منطقة غاو، ندعم مركز الإحالة الصحي وننظّم أنشطة مجتمعية مع المجتمعات البدوية، بما في ذلك التثقيف الصحي وعلاج الملاريا. تقدم فرقنا الرعاية الصحية والدعم النفسي والاجتماعي إلى المجموعات النازحة والمجتمعات المحلية المتضرّرة من النزاع، وننظّم كذلك حملات توزيع مواد غير غذائية الأساسية عند الحاجة.
في عام 2019، افتتحنا مشروعًا في نيونو في منطقة سيغو، بالقرب من الحدود الموريتانية. تعمل فرقنا مع وزارة الصحة لتوفير الرعاية الصحية للنساء الحوامل والأطفال دون سن 15 عامًا في مستشفى نيونو، ودعم المراكز الصحية البعيدة وأنشطة الإحالة إلى المستشفى.
الرعاية الطبية للأطفال في الجنوب
تقدم منظّمة أطباء بلا حدود الرعاية الطبية إلى الأطفال منذ أكثر من 10 سنوات في منطقة كوتيالا (منطقة سيكاسو) التي تشهد أعلى معدل لوفيات الأطفال في مالي بسبب الملاريا وسوء التغذية.
أعدينا استجابات وقائية وعلاجية لتلبية الاحتياجات الغذائية وعلاج الأمراض الأكثر شيوعًا. يستقبل مستشفى كوتيالا للأطفال حوالى 10 آلاف طفل دون سن الخامسة كل عام، وتُجرى آلاف الاستشارات الخاصة بطب الأطفال في المراكز الصحية التي تدعمها منظّمة أطباء بلا حدود.
ومعظم هذه الاستشارات تتم خلال فترة الذروة الموسمية لمرض الملاريا وسوء التغذية الممتدة من يونيو/حزيران إلى أكتوبر/تشرين الأول. وتؤدّي الأنشطة الوقائية، مثل حملات الوقاية من الملاريا وتوزيع الناموسيات، دورًا مهمًا في تقليل عدد الحالات الشديدة والوفيات.