3,240
3,24
أفادت المنظمة الدولية للهجرة بأن ما يقدر بنحو 2,297 شخصاً قد لقوا حتفهم غرقاً أو فُقدوا في مياه البحر المتوسط خلال 2018. وقد حدثت أغلبية هذه الوفيات في المياه الدولية بين ليبيا وإيطاليا ومالطا على طول طريق الهجرة الذي لا يزال الأكثر فتكاً في العالم. أما الآلاف الذين نجوا بحياتهم فقد تم اعتراضهم في عرض البحر بدعمٍ من الاتحاد الأوروبي وأعيدوا قسراً إلى ليبيا فيما يعد خرقاً للقانون الدولي. وفي ليبيا فإن اللاجئين والمهاجرين يواجهون بشكل روتيني الاعتداء والتعذيب والاستغلال في ظروف احتجاز غير إنسانية تخلف آثاراً شديدةً على صحتهم البدنية والنفسية.
ساعدت سفينة البحث والإنقاذ أكواريوس التي تديرها منظمة أطباء بلا حدود ومنظمة إس أو إس ميديتيراني ما مجموعه 3,184 شخصاً خلال 2018. إلا أن الحكومة الإيطالية المنتخبة حديثاً اتخذت في يونيو/حزيران خطوة خارجة عن المألوف تمثلت بإغلاق موانئها أمام جميع اللاجئين والمهاجرين، مما ترك سفينة أكواريوس عالقة في البحر وعلى متنها 630 رجلاً وامرأة وطفلاً لمدة ثمانية أيام، إلى أن تمكنوا من الرسو والنزول في فالنسيا، في إسبانيا، التي تبعد أكثر من 1,300 كيلومتراً.
وقد تركت هذه الخطوة تداعيات في كافة أنحاء أوروبا وشكلت سابقة خطيرة شلت جهود البحث والإنقاذ في منطقة وسط البحر الأبيض المتوسط. وقد فشلت الحكومات في أعقاب ما جرى بالتوصل إلى حل مستدام لتقاسم المسؤوليات إزاء الناجين الذين يصلون إلى الأراضي الأوروبية. وقد بقي هؤلاء الناس والسفن التي أنقذتهم خلال الفترة المتبقية من العام عالقين في البحر لأيام أو أسابيع إلى أن تم التوصل إلى اتفاقيات متفرقة بشأن كل حالة.
هذا وتعرضت سفينة أكواريوس خلال شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول لضغوط سياسية إضافية. فرغم امتثالها للقوانين البحرية والمواصفات الفنية، غير أن السفينة جُرّدت من ترخيصها أولاً من قبل جبل طارق ولاحقاً من قبل بنما، علماً أن هذا تم بتحريض من الحكومة الإيطالية. ولم تتمكن السفينة بدون عَلَم (رخصة إبحار) من مغادرة الميناء لمساعدة الناس الذين في خطر.
وقد اشتدت الحملة التي بدأت منذ وقت طويل لتجريم المنظمات غير الحكومية التي تساعد اللاجئين والمهاجرين خلال نوفمبر/تشرين الثاني وذلك حين طلب مكتب المدعي العام في كاتانيا الإيطالية مصادرة أكواريوس بناءً على ادعاءات مشبوهة بتهريب نفايات غير مشروعة في الموانئ الإيطالية. وقد فنّدنا على الفور ادعاءات أننا ضالعون في نشاط إجرامي أو أن الأغذية والألبسة التي تعود للناجين والتي تم وضعها في النفايات تشكل خطراً لانتقال أمراض على غرار فيروس نقص المناعة البشرية أو السل أو الجرب، غير أن الدعوى القضائية التي تقف وراءها دوافع سياسية قد زادت من تقويض فرص متابعتنا للعمل على أكواريوس والذي من شأنه إنقاذ حياة الناس.
وفي نهاية السنة لم يكن أمام أطباء بلا حدود وإس أو إس ميديتيراني من خيار سوى وقف عمليات البحث والإنقاذ على متن أكواريوس.
وإذ تتنصل حكومات أوروبا من مسؤولياتها وتكبح من قدرة منظمات الإغاثة على تقديم المساعدة، إلا أن الأزمة الإنسانية في المتوسط لا تزال تشكل تحديات طويلة الأمد. وطالما أن اللاجئين والمهاجرين وطالبي اللجوء يغرقون أو يُعادون قسراً إلى ليبيا في خرقٍ للقانون الدولي، فإن أطباء بلا حدود لن تكف في بحثها عن سبل للوصول إليهم وتقديم الرعاية الطبية والإنسانية.