Skip to main content
Food distribution in South Darfur
يفرغ فريق أطباء بلا حدود حمولة الشاحنة استعدادًا لتوزيع الطعام في ضواحي نيالا بجنوب دارفور. السودان، في فبراير/شباط 2025.
© Abdoalsalam Abdallah

أزمة سوء التغذية في جنوب دارفور: أوضاع مزرية تعيشها الفئات الأكثر ضعفًا

يفرغ فريق أطباء بلا حدود حمولة الشاحنة استعدادًا لتوزيع الطعام في ضواحي نيالا بجنوب دارفور. السودان، في فبراير/شباط 2025.
© Abdoalsalam Abdallah

لم يقتصر الدمار الذي ألحقه النزاع الدائر في السودان على المرافق الصحية فحسب، بل أضرّ أيضًا بالأمن الغذائي بشكل كبير، الأمر الذي جعل الملايين من الأشخاص عرضة للخطر، لا سيما في المناطق المتأثرة بالنزاع مثل جنوب دارفور. ويعد النازحون من بين أولئك الذين يعانون أكثر من غيرهم جراء هذه الأزمة، حيث يكافح الكثير منهم لتأمين أبسط الأساسيات بما في ذلك الغذاء.

ويُعد الأطفال دون سن الخامسة، وكذلك الحوامل والأمهات المرضعات من بين الفئات الأكثر تضررًا من أزمة سوء التغذية المتفاقمة هذه. ففي عام 2024، استقبلت طواقم أطباء بلا حدود أكثر من 7,200 طفل دون سن الخامسة وامرأة حامل ومرضعة من نيالا والمناطق المحيطة بها في برامج التغذية الخارجية التابعة للمنظمة نتيجة سوء التغذية الحاد. وفي ظل محدودية فرص تأمين الطعام المغذي، فإن هذه الفئات تواجه مخاطر متزايدة للإصابة بسوء التغذية الحاد الشديد الذي يهدد الحياة في حال تركه من دون علاج.

تواجد محدود للمنظمات الإنسانية واحتياجات متزايدة

ثمة شحّ في الخدمات الإنسانية التي تديرها وكالات الأمم المتحدة ولا توجد استجابة إنسانية ترقى إلى مستوى الاحتياجات، الأمر الذي يفرض تحديات على الجهود المبذولة لمعالجة الوضع الغذائي والأزمة بشكل عام في جنوب دارفور وفي أنحاء السودان. وهذا واقعٌ ينعكس في محدودية الموارد، مما يؤدي إلى استمرار الثغرات في الخدمات التي من شأنها إنقاذ حياة الناس، لا سيما على صعيد علاج سوء التغذية. وكانت منظمة أطباء بلا حدود قد بدأت أساسًا بتقديم الدعم الغذائي العاجل في بعض المناطق الأكثر تضررًا، لكن الظروف الراهنة أدت إلى زيادة الضغط على فرقنا لتوسيع نطاق هذه الجهود والحفاظ عليها.

أنشطة أطباء بلا حدود في السودان
فريق أطباء بلا حدود يقف بجانب جمل محمّل بالمواد الغذائية، استعدادًا للتوجه إلى موقع توزيع الطعام في ضواحي نيالا بجنوب دارفور. السودان، في مارس/آذار 2025.
Hani Dweik/MSF

استجابة غذائية خاضعة للضغوط

بدأت أطباء بلا حدود في شهر ديسمبر/كانون الأول بتوزيع السلال الغذائية على أسر الأطفال وأسر النساء الحوامل والمرضعات المسجلين في برامجنا لعلاج سوء التغذية. وكان الهدف من ذلك توفير بعض الإغاثة قصيرة الأجل لأولئك الذين يواجهون أقسى عواقب انعدام الأمن الغذائي، خصوصًا وأن الوضع الاقتصادي مستمر في التدهور. فقد تعرّضت المجتمعات المحلية في جنوب دارفور إلى مستويات قصوى من العنف. ونزح الكثير من الناس، حيث اضطرت النساء تحديدًا لرعاية أسر كبيرة بمفردهن في كثير من الأحيان بعد أن فقدن مصادر الدخل وشبكات الدعم. ونظرًا لقلة الخيارات المتاحة، فإن الناس يعانون لتلبية احتياجاتهم الأساسية.

وفي هذا الصدد، يقول منسق مشروع توزيع الأغذية الموجهة في أطباء بلا حدود بجنوب دارفور، هانتر ماكغوفرن، "نقوم بتوفير حصة غذائية تكفي الأسرة لمدة شهرين للحد من الحالات التي يتم فيها تقسيم الطعام العلاجي للطفل بين الأقارب الجائعين. وهذا يسمح للطفل بالحصول على كامل حصته الغذائية كما يحسّن الوضع الغذائي للأسرة بأكملها. لكن الاحتياجات ما زالت هائلة على الرغم من استمرار هذا النشاط".

وتوفر المنظمة في إطار استجابتها حصصًا غذائية تصل إلى 2,000 سعرة حرارية يوميًا لكل فرد من أفراد الأسرة، بمعدل خمسة أشخاص لكل أسرة، بحيث تكفي لمدة شهرين. ويساعد هذا البرنامج على تزويد جميع أفراد الأسرة بالغذاء الذي يحتاجونه، والذي بدوره يدعم علاج الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية كي يصبح وزنهم صحيًا.

ويضيف ماكغوفرن، "وجدنا خلال عمليات التوزيع أن متوسط حجم الأسرة أكبر بكثير مما خططنا له في البداية إذ يصل أحيانًا إلى عشرة أشخاص في الأسرة الواحدة. وهذا ما يؤكد مدى خطورة نقص الغذاء ومدى الحاجة إلى المزيد من المساعدات لتلبية الاحتياجات الحقيقية للسكان". وتجدر الإشارة إلى أنّ الناس يُسافرون عندما يسمعون أن عائلة أحد الأقارب قد تلقت مساعدات غذائية، مما يؤكد النقص الحاد في التغذية على أرض الواقع.

نقوم بتوفير حصة غذائية تكفي الأسرة لمدة شهرين للحد من الحالات التي يتم فيها تقسيم الطعام العلاجي للطفل بين الأقارب الجائعين. هانتر ماكغوفرن، منسق مشروع توزيع الأغذية الموجهة في أطباء بلا حدود بجنوب دارفور

ضرورة تعزيز عمليات الاستجابة الإنسانية والارتقاء بها

تظل أطباء بلا حدود ملتزمة بتلبية الاحتياجات الغذائية العاجلة للسكان المتضررين جراء النزاع في جنوب دارفور. بيد أن حجم الأزمة يتجاوز بكثير العدد المحدود من المنظمات التي تستجيب لأزمة سوء التغذية. كما أننا نقترب سريعًا من موسم الأمطار وفجوة الجوع، وهي الفترة من العام التي يصعب فيها على الناس في جنوب دارفور تأمين الغذاء ويصعب فيها وصول الإمدادات الإنسانية إلى الولاية. لذا يجب أن يجري الآن تخزين الإمدادات اللازمة لعلاج سوء التغذية ولبرامج توزيع الغذاء قبل أن تنقطع الإمدادات عن المجتمعات المحلية. كذلك فإن المستجيبين المحليين بحاجة إلى التمويل والدعم لمواصلة برامج توزيع الغذاء لمجتمعاتهم وتوسيع نطاقها. يشار إلى أن إدارة عمليات توزيع الأغذية وتوسيع برامج التغذية العلاجية الداخلية والخارجية في جنوب دارفور أمر صعب ولكنه ممكن، ومن شأنه أن يحول دون حدوث المعاناة والوفيات التي لا مبرر لها.

وفي ظل تدهور الأمن الغذائي وارتفاع معدلات سوء التغذية، تبرز الحاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتوسيع نطاق المساعدات الإنسانية وضمان حصول الأطفال والأسر على الدعم الذي هم في أمس الحاجة إليه، إذ ستستشري الأزمة ما لم تتضافر الجهود مما سيعرض حياة عدد لا يحصى من الناس للخطر.

المقال التالي
النزاع في السودان
بيان صحفي 21 أبريل/نيسان 2025