في ظل استمرار الاحتجاجات الشعبية في مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار جنوبي العراق، تواصل منظمة أطباء بلا حدود مدها يد العون للمستشفيات المحلية، حيث تساعد المنظمة هذه المستشفيات على زيادة استعدادها للتعامل مع حوادث الإصابات الجماعية، سواء بسبب موجات العنف الأخيرة المصاحبة للاحتجاجات أو أي حدث آخر قد يؤدي إلى تدفق للجرحى.
في الأول من اكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، اندلعت احتجاجات شعبية واسعة في العاصمة العراقية بغداد، وسرعان ما تردد صداها في المحافظات الجنوبية، وانتقلت شرارتها إلى مدنٍ من بينها الناصرية، حيث خلفت موجات العنف المتكررة، والتي تخللها إطلاق للرصاص الحي واستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع، عدداً كبيراً من القتلى والجرحى.
تدريب الكوادر المحلية
ومنذ شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، بدأت منظمة أطباء بلا حدود دعمها قسم الطوارئ في مستشفى الحسين في الناصرية من خلال العمل مع الكوادر المحلية ذات الخبرات العالية على تعزيز الاستعداد لحوادث الإصابات الجماعية وبالتالي تحسين التعامل مع التدفق المفاجئ لأعداد كبيرة من الجرحى.
هذا وجرى تدريب الأطباء والكادر التمريضي في قسم الطوارئ لتعزيز مهاراتهم في تقديم الرعاية للمصابين، مع التركيز على الحالات الحرجة من بينهم. بالإضافة إلى ذلك، أُدخلت بعض التعديلات في قسم الطوارئ لغرض استيعاب المزيد من المرضى، بينما تبرّعت المنظمة أيضاً ببعض المعدات لقسم الطوارئ في المستشفى.
علاوةً على ذلك، وبالتعاون مع وزارة الصحة، أجرت فرق أطباء بلا حدود تدريباً للمسعفين والمتطوعين في المدينة يهدف إلى زيادة مهاراتهم في تقديم الإسعافات الأولية للجرحى، كما تبرعت المنظمة بمجموعات الإسعافات الأولية لهم.
يركز التدريب على منع نقل الفوضى من مكان الحادث إلى داخل غرفة الطوارئ في مستشفى ما، وبالتالي تمكين المستشفى من تقديم الرعاية الطبية في حالات الطوارئ دون عوائق.الدكتور محمد علي، قائد فريق أطباء بلا حدود في النجف
وإلى الغرب من الناصرية، في محافظة النجف الجنوبية، حيث يجتمع ملايين من الزوار المسلمين من العراق وبلدان أخرى سنوياً لإحياء شعائر عاشوراء والأربعين ما يؤدي الى حدوث حالات تدافع أحياناً، قدمت أطباء بلا حدود الدعم للمستشفيات هناك أيضاً.
تعزيز إدارة حوادث الإصابات الجماعية
شهدت النجف كالعديد من المحافظات العراقية على مدار الأشهر القليلة الماضية احتجاجات شعبية هي الأخرى. ولذلك أجرت المنظمة تدريبًا على إدارة حوادث الإصابات الجماعية لكوادر مستشفى الحكيم العام ومستشفى الصدر التعليمي ومستشفى الفرات الأوسط، بهدف تحسين التعامل مع حالات تدفق مفاجئ للجرحى.
وبهذا الصدد، يقول قائد فريق أطباء بلا حدود في النجف الدكتور محمد علي، إنّه "بغض النظر عن الوضع الحالي والاحتجاجات المستمرة في المحافظة، غالباً ما تشهد النجف حوادث إصابات جماعية". ويضيف، "خطة التعامل مع حوادث الإصابات الجماعية هي عملية متعددة التخصصات تشمل الكوادر الطبية وغير الطبية داخل وخارج المرافق الصحية للتنسيق معًا وسط عدم الاستقرار أو الفوضى".
ويقول الدكتور علي الذي أشرف على التدريب في النجف، "يركز التدريب أيضاً على منع نقل الفوضى من مكان الحادث إلى داخل غرفة الطوارئ في مستشفى ما، وبالتالي تمكين المستشفى من تقديم الرعاية الطبية في حالات الطوارئ دون عوائق".
دعم المستشفيات في أعقاب الاحتجاجات
المستشفيات في الناصرية والنجف هي من المستشفيات العديدة في البلاد التي غصّت بأعداد كبيرة من الجرحى في الأشهر الماضية. لكنّ العاصمة بغداد حيث أوقدت شرارة المظاهرات الأولى، تحملت وطأة العنف بغالبيته.
يقول رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود في العراق شوكت متقي، "منذ اليوم الأول للاحتجاجات، حرصت منظمة أطباء بلا حدود على مراقبة الوضع في بغداد وتواصلت مع المرافق الصحية المحلية لتحديد احتياجاتها. دعمنا البعض منها بتبرعات من اللوازم الطبية الخاصة بحالات الطوارئ".
وعلى مقربة من ساحة التحرير مركز الاحتجاجات الشعبية في العاصمة بغداد، أنشأت المنظمة وحدة طوارئ مؤقتة في أقرب مستشفى. وبالتعاون مع الكوادر المحلية، تم تطبيق عملية تقييم خطورة الإصابات، ومن ثم إما معالجة الجرحى أو إحالتهم إلى مستشفيات أخرى في المدينة.
وفي الوقت نفسه، زادت المنظمة من القدرة الإستيعابية في مركز بغداد للتأهيل الطبي من 20 إلى 30 سريراً لاستقبال المزيد من المرضى المحالين إلى المركز بعد إجراء العمليات الجراحية في مستشفيات أخرى في المدينة. تتوفر في المركز خدمات العلاج الفيزيائي المبكر ورعاية ما بعد العمليات الجراحية، بما في ذلك خدمات الدعم النفسي التي تهدف إلى معالجة المشاكل النفسية المصاحبة.
تعمل منظمة أطباء بلا حدود في العراق منذ سنة 1991، ويضم فريق عملها حالياً أكثر من 1500 موظف. تقدم منظمة أطباء بلا حدود الرعاية الطبية المجانية عالية الجودة إلى جميع المرضى بغضّ النظر عن العرق أو الدين أو الجنس أو الانتماء السياسي.
توفر منظّمة أطباء بلا حدود خدمات الرعاية الصحية الأساسية والمتخصصة ورعاية ما قبل وما بعد الولادة، وخدمات إعادة تأهيل جرحى الحرب والدعم النفسيّ وأنشطة التوعية الصحية. تعمل منظّمة أطباء بلا حدود في محافظات بغداد وديالى ونينوى وكركوك والناصرية والنجف.
وبهدف ضمان استقلاليتها، لا تستقبل المنظّمة التبرّعات من أي حكومة أو وكالة دولية لتنفيذ مشاريعها في العراق، بل تعتمد فقط على التبرّعات الفردية من عامّة الناس حول العالم.