نُشرت هذه الرسالة باللغة الإنكليزية على موقع أسترو أواني في ماليزيا في 5 مايو/أيار 2020.
خلال الأسابيع الأخيرة، جرت مناقشات عديدة في ماليزيا تتعلق بقدرة البلاد على توفير ملاذ آمن للأشخاص الذين يحتاجون إلى الحماية، بعد أن نجوا من رحلة عصيبة في عرض البحر. وقد ذكرت السلطات مخاوف تتعلق بكوفيد-19 لتبرير إعادة القوارب عن موانئها، بما في ذلك قارب يحمل لاجئين من الروهينغا يبحث عن الأمان منذ 16 أبريل/نيسان. وقالت منظمة أطباء بلا حدود أن الاستجابة لكوفيد-19 يجب ألا تأتي على حساب وفاء ماليزيا بالتزاماتها الإنسانية بموجب القانون الدولي تجاه الأشخاص المعرضين للخطر في البحر.
أظهرت ماليزيا سابقاً الريادة في المنطقة من خلال السماح للاجئين وطالبي اللجوء بالنزول على أراضيها لأسباب إنسانية. وفي ظل ضوابط حدودية أكثر صرامة في المعركة ضد جائحة كوفيد-19، يتم منع القوارب حاليًا من الاقتراب من المياه الإقليمية الماليزية. وهو أمر مقلق للغاية، إذ يتم إعادة القوارب للخلف ليذهب اللاجئون في رحلة بحث عن الأمان لا نهاية لها، يشقّون رحالهم مرّة أخرى مع مخاطر الجوع والمرض والموت.
وبالتالي، إذا كانت الحكومة قلقة بالفعل بشأن قدرتها على السماح بالنزول الآمن أثناء جائحة كوفيد-19، فإن منظمة أطباء بلا حدود، باعتبارها منظمة إنسانية طبية، على استعداد لمواصلة دعم الحكومة في استجابتها لـكوفيد-19 واستجابتها للشؤون الصحية العامة فيما يتعلق باللاجئين وطالبي اللجوء.
وستساعد ماليزيا، من خلال تحمل مسؤوليتها، في إنقاذ حياة العديد من الأشخاص الذين يبحثون عن الأمان بشكل يائس، بما في ذلك الأطفال. وقد أنقذ خفر السواحل البنغلاديشي حوالي 390 شخصًا على الساحل الجنوبي الشرقي لبنغلاديش في 14 أبريل/نيسان، بعد مكوثهم لشهرين في عرض البحر. وفي مركز عبور في كوكس بازار في بنغلاديش ، أفاد الناجون الهزيلون والشاحبون موظفي أطباء بلا حدود بقصص معاناتهم خلال الرحلة المحفوفة بالمخاطر، والتي لا يمكننا توصيفها بأقل من أنها مرعبة ومروّعة. ورووا لنا أنه مع موت شخصين إلى ثلاثة أشخاص كل يوم، وعلى الرغم من حقيقة أنهم كانوا في محنة واضحة، لا يبدو أن أي دولة في المنطقة على استعداد لإنقاذهم حيث تم منعهم من النزول على البر في أي مكان.
أخبرتنا فتاة تبلغ من العمر 14 عامًا: "كان الجو حارًا للغاية، ولم يكن هناك طعام ، ولا ماء ... [...] كان الناس يشربون المياه المالحة من البحر وماتوا. نحصل على حفنة واحدة من الدال وكوب واحد من الماء يوميا. [...] كما كان الرجال يتعرضون للضرب وأصبحوا يعانون من سوء التغذية الشديد، ولم يبق منهم سوى الجلد والعظم. وكان علينا أن نجلس ونحن نرفع ركبنا إلى صدورنا طوال الوقت. كثير من الناس أصابهم تورم في أرجلهم أو أصيبوا بالشلل أو ماتوا". كان معظم هؤلاء الأشخاص من نساء ورجال الروهينغا الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و 20 عامًا، ولكن كان هناك أيضًا أطفال على متن المركب. أما أولئك الذين استسلموا للحرارة والجوع خلال الرحلة كان يلقى بهم في البحر من قبل الطاقم.
تبذل منظمة أطباء بلا حدود جهودًا جادة للسيطرة على انتشار تفشي فيروس كورونا المستجد. وبعد أن عملت على المساعدة في تلبية احتياجات الرعاية الصحية لمجتمعات اللاجئين في بينانغ لأكثر من 5 سنوات، فإن أطباء بلا حدود على استعداد وتمتلك القدرة على دعم الحكومة إذا كان ذلك مطلوبًا لتسهيل النزول الآمن. من وجهة نظر مجال الصحة العامة، فإن خطر وصول القوارب من ميانمار وبنغلادش والتي تحمل مصابين بـــكوفيد-19 منخفض للغاية، حيث تم عزلهم فعليًا على متن القوارب لأسابيع عديدة خلال رحلتهم. ومع ذلك، إذا كانت الحكومة ترى أن الحجر الصحي هو شرط مسبق نتيجة لتفشي كوفيد-19، فإن أطباء بلا حدود مستعدة لدعم الحكومة عن طريق توفير القدرات الطبية أثناء الحجر الصحي، بما في ذلك الفحص وأخذ عينات المسحات لإجراء اختبار الكشف عن كوفيد-19. ومن المهم بالقدر ذاته تلبية الاحتياجات الصحية الأخرى للناجين بعد رحلتهم الطويلة والمحفوفة بالمخاطر. منظمة أطباء بلا حدود قادرة على توفير خدمات الرعاية الصحية الأساسية وخدمات الصحة النفسية وعلاج سوء التغذية والمشورة والعلاج من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي.
وفي العديد من المناسبات منذ أزمة أندامان، بما في ذلك خلال عملية بالي، أكدت ماليزيا ودول جنوب شرق آسيا الأخرى على أولوية إنقاذ أرواح الأشخاص العالقين في البحر. ومن المهم أن تفي ماليزيا بهذا الوعد الآن.
تقف منظمة أطباء بلا حدود إلى جانب الجهات الفاعلة الأخرى الراغبة في تقديم الدعم. ونحن بانتظار رد من الحكومة الماليزية ونأمل أن يتم قبول عرضنا بحسن نية.