- بعد مرور ثلاث سنوات على قصف التحالف بقيادة السعوية والإمارات مستشفى شعارة المدعوم من قبل منظمة أطباء بلا حدود والواقع في مديرية رازح، اعتبر فريق تقييم الحوادث أنّ السبب "عطلٌ في القذيفة"
- ترى منظمة أطباء بلا حدود أن النتائج هذه لا تفرض مساءلة حقيقية، بل تعدّ تهرباً منها في ظلّ إلقاء اللوم إما على ضحايا الهجوم أو على الأعطال الفنية
- لقد فشل أطراف النزاع في اليمن في اتخاذ التدابير اللازمة لضمان عدم ضرب المنشآت الطبية المحمية وفقاً للقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك في حالات الخطأ والإهمال
فشلت النتائج التي تم إصدارها مؤخرًا من قبل الفريق المشترك لتقييم الحوادث في توفير مساءلة حقيقية مجددًا، فيما يخص ضحايا الهجمات على المرافق الطبية المحمية في اليمن. فريق تقييم الحوادث هو جهة مدعومة من قبل المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، وقد عيّنه التحالف بقيادة السعودية والإمارات للتحقيق في الحوادث باليمن.
وقد تمحورت النتائج الأخيرة الصادرة عن الفريق المشترك لتقييم الحوادث، والتي تم الإعلان عنها في مؤتمر صحفي في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2019، حول حادث وقع في 10 يناير/كانون الثاني 2016 والذي تعرض فيه مستشفى شعارة المدعوم من قبل منظمة أطباء بلا حدود والواقع في مديرية رازح، شمال اليمن، للهجوم بقذيفة. وقد أسفر القصف عن مقتل ستة أشخاص وإصابة ثمانية آخرين.
وفي النتائج الصادرة عن الفريق المشترك، والتي لا يتوفر عنها تقرير مكتوب، ألقى الفريق اللوم في الحادث على "عطل في القذيفة أدى إلى انحراف عن الهدف"، وقدم توصية "بالمساعدة الطوعية في الإصابات والأضرار المادية". بينما خلص التحقيق الذي أجرته منظمة أطباء بلا حدود في الحادث وتم الانتهاء منه في مارس/آذار 2016، إلى عدم وجود سبب مبرر أو مشروع للهجوم، حيث يظل المستشفى محميًا وفقًا للقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك في حالات الخطأ والإهمال.
ويسلط استنتاج فريق تقييم الحوادث الضوء على فشل أطراف النزاع في اليمن في اتخاذ التدابير اللازمة لضمان عدم ضرب المنشآت الطبية المحمية. كما أنه يتبع نمطًا متوقَعاً بشكل محبط، يتسم بالتهرب من المساءلة من خلال إلقاء اللوم إما على ضحايا الهجوم أو على الأعطال الفنية التي تزيح أي مساءلة أو إدانة عن التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات.
وفي مؤتمر صحفي آخر عُقِد في يناير/كانون الثاني 2019، حاول الفريق المشترك لتقييم الحوادث، تحويل المسؤولية عن ضربة نفذها التحالف في يونيو/حزيران 2018 على منظمة أطباء بلا حدود، متهمًا المنظمة -زورًا- بالفشل في اتخاذ الإجراءات والتدابير المناسبة لتجنب أن يتم استهدافها. وقد نتج عن الهجوم تدمير شبه كامل لمركز علاج الكوليرا في عبس الذي كان قد أنشئ حديثاً، وكان من المقرر أن يقدم الخدمات لسكان مناطق المستجمعات المائية والبالغ عددهم أكثر من مليون شخص.
وعلى الرغم من النداءات المتكررة من قبل الجهات الفاعلة الرئيسية في المجال الإنساني لإجراء تحقيقات موثوقة في مثل هذه الحوادث، فقد فشل الفريق المشترك لتقييم الحوادث باستمرار، في تقديم تقارير عن النتائج التي توصل إليها بسرعة وشفافية، تاركًا كلاً من وكالات العمل الإنساني وضحايا هجمات التحالف من الأفراد دون أي سبيل إلى العدالة أو المساءلة. كما أن توصيته في هذه الحالة بتقديم "مساعدة طوعية" تعد بمثابة إلزام غامض وغير مناسب يأتي متأخراً جداً بعد ثلاث سنوات.
إن الهجمات التي تمثل انتهاكًا للقانون الإنساني الدولي – مثل الهجمات التي تستهدف المنشآت الطبية والمواقع المدنية المحمية (مثل تفجير حافلة مدرسية عام 2018 والهجوم الجوي عام 2019 على سجن في ذمار) – تُرتكب بشكل روتيني من قبل جميع أطراف النزاع في اليمن دون التعرض للعقاب، وتؤدي إلى حدوث إصابات ووفيات ونزوح بين السكان المدنيين.
إن مثل هذه الهجمات ليس لها عواقب مباشرة على من فقدوا أرواحهم أو تعرضوا للإصابات في الهجمات فحسب: بل إنها تؤثر أيضًا على السكان من خلال منع الجهات الفاعلة الإنسانية من تأدية مهامها وبالتالي تقليل توافر المساعدات الإنسانية الضرورية، حتى مع استمرار زيادة الاحتياجات بشكل كبير.
تعرضت مرافق منظمة أطباء بلا حدود خمس مرات للضربات الجوية التي نفذها التحالف بقيادة السعودية والإمارات منذ مارس/آذار 2015. ولأن نصف المرافق الصحية فقط تعمل بكامل طاقتها في اليمن، فقد ترك ذلك أكثر من 11 مليون شخص في حاجة ماسة للخدمات الطبية، بالإضافة إلى تفشي الكوليرا وغيرها من الأمراض التي يمكن الوقاية منها بسهولة والتي تحدث بشكل منتظم في جميع أنحاء البلاد. وعليه فإن إمكانية الوصول إلى المرافق الطبية هو أمر بالغ الأهمية بالنسبة للسكان المدنيين.
وتؤكد منظمة أطباء بلا حدود مرة أخرى على الحاجة الملحة لإجراء تحقيقات مستقلة بشكل حقيقي، وأن تتم هذه التحقيقات بكل شفافية وفي الوقت المناسب وأن ينتج عنها تقارير مكتوبة يتم مشاركتها لتتيح تحقيق المساءلة الحقيقية. كما تدعو منظمة أطباء بلا حدود جميع أطراف النزاع إلى اتخاذ الإجراءات الضرورية بشكل عاجل لاحترام حيادية البعثة الطبية الإنسانية وطبيعتها المحمية، وتجنب إحداث الخسائر في أرواح المدنيين وتخريب أو تدمير المرافق الطبية.