Skip to main content
From Rafah to Khan Younis, lives in ruins

المجازر الأخيرة في غزة تعكس تجريد الفلسطينيين الكامل من إنسانيتهم

  • منذ بداية الشهر، كثفت القوات الإسرائيلية قصفها لأجزاء من غزة، ما أدى إلى مئات الضحايا من القتلى والجرحى.
  • تبيّن هذه الهجمات تجريد الفلسطينيين الكامل من إنسانيتهم والاستهتار المطلق بحياتهم.
  • ندعو إسرائيل إلى وقف هذه المجازر فورًا، كما نناشد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والدول المؤثرة الأخرى لحث إسرائيل على وقف هجماتها.

القدس، برشلونة، بروكسل، باريس – منذ بداية يونيو/حزيران، قُتل أكثر من 800 شخص وأصيب أكثر من 2,400 آخرين في قصف مكثف وهجمات برية شنتها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة بفلسطين، بحسب ما أوردت السلطات الصحية. وقد أدت الهجمات المروعة إلى مستويات غير مقبولة من الألم والمعاناة والتي إن دلّت على شيء فعلى التجاهل الصارخ لحياة الفلسطينيين بحسب منظمة أطباء بلا حدود.

في الأسابيع الأخيرة، أدت هجمات عسكرية كثيرة إلى تدفق متكرر للإصابات الجماعية إلى المرافق الطبية التي تدعمها أطباء بلا حدود في رفح والمنطقة الوسطى في غزة. تدعو أطباء بلا حدود إسرائيل إلى وقف هذه المجازر بشكل فوري، كما ندعو حلفاء إسرائيل، بمن فيهم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، إلى بذل كل ما في وسعهم والتأثير على إسرائيل لوقف هجماتها على المدنيين والبنية التحتية المدنية في غزة.

وبحسب السلطات الصحية المحلية، قُتل 274 شخصًا يوم الثامن من يونيو/حزيران وحده. وفي ذلك اليوم، أُحيل أكثر من 60 مصابًا بجروح خطيرة إلى مستشفى ناصر الذي تدعمه أطباء بلا حدود وكان بينهم أطفال فاقدون للوعي. في الوقت نفسه، دعمنا الفرق الطبية في مستشفى الأقصى التي استقبلت 420 جريحًا و190 قتيلًا، ومن بين الضحايا أطفال كثر. كانت آثار القصف الحركي الفتاك بادية على هؤلاء المصابين في أطرافهم المقطعة وإصاباتهم البليغة والحروق والكسور المفتوحة التي يعانون منها.

برايس دي لو فين، رئيس وحدة الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود "كيف يمكن لعملية عسكرية قتلت أكثر من 800 شخص في أسبوع واحد (...) أن تكون قد التزمت بالقانون الدولي الإنساني؟ لم يعد بإمكاننا قبول التصريحات التي تزعم أن إسرائيل تتخذ ’جميع الاحتياطات‘- فهذه لا تعدو كونها تصريحات دعائية".
بريس دي لو فينغن، رئيس وحدة الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود

ويشرح رئيس وحدة الطوارئ في أطباء بلا حدود، برايس دي لو فين، "كيف يمكن لعملية عسكرية قتلت أكثر من 800 شخص في أسبوع واحد، بينهم أطفال صغار، وشوهت المئات أن تكون قد التزمت بالقانون الدولي الإنساني؟ لم يعد بإمكاننا قبول التصريحات التي تزعم أن إسرائيل تتخذ ’جميع الاحتياطات‘- فهذه لا تعدو كونها تصريحات دعائية".

هذا الأسبوع، قصفت إسرائيل بشكل متكرر ما يُعرف بالمناطق الآمنة، فضلًا عن مخيمات للاجئين ومدرسة ومستودعات إنسانية متعددة، والتي سبق أن سجلتها القوات الإسرائيلية رسميًا على أنها ’مناطق عدم اشتباك‘. وأسفرت الضربات الشديدة في 4 يونيو/حزيران في المنطقة الوسطى عن مقتل 70 فلسطينيًا على الأقل وإصابة أكثر من 300 آخرين معظمهم نساء وأطفال، وقد نُقلوا إلى مستشفى الأقصى الذي تدعمه أطباء بلا حدود وهم يعانون من كسور وحروق شديدة وإصابات بالشظايا.

ويقول دي لو فين، "منذ أكتوبر/تشرين الأول وحتى قبل ذلك، نشهد تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم وهو أمر يشكّل علامة فارقة في هذه الحرب. أما العبارات الفضفاضة بأنّ ’الحرب قبيحة بطبعها‘ فتعمي الأبصار عن واقع يُقتل فيه أطفالٌ لم يتعلموا المشي بعد وتُقطَّع أوصالهم وتهشَّم أحشاؤهم".

هذه الهجمات هي الأحدث في سلسلة واسعة من الفظائع المرتَكَبة والتي تدل على نوع الحرب التي تخوضها إسرائيل. أظهرت إسرائيل وحلفاؤها مرارًا وتكرارًا عدم وجود نقطة تحول فارقة أو خط أحمر في هذا العنف. أما الهجمات التي تُعرف بمجزرة الطحين ومجزرة الخيام، فضلًا عن قتل عمال الإغاثة وأسرهم وإبادة المستشفيات والنظام الصحي بشكل عام، فتُنتِج بأحسن الأحوال موقفًا دبلوماسيًا ضعيفًا وكلمات فارغة وتقاعسًا هائلًا.

أما العبارات الفضفاضة بأنّ ’الحرب قبيحة بطبعها‘ فتعمي الأبصار عن واقع يُقتل فيه أطفالٌ لم يتعلموا المشي بعد وتُقطَّع أوصالهم وتهشَّم أحشاؤهم". بريس دي لو فين، رئيس وحدة الطوارئ في أطباء بلا حدود

في 10 يونيو/حزيران، اعتمد مجلس الأمن تصويتًا قدمته الولايات المتحدة يطالب بوقف إطلاق النار وتوفير المساعدات الإنسانية من دون قيود. وعليه، لا بد من تسهيل اعتماد وقف إطلاق النار هذا بشكل فوري مع ما يصاحب ذلك من توفير للمساعدات، وخلافًا للقرارات السابقة والمماثلة، يجب تنفيذه بأثر فوري. فأي إخفاق في ذلك سيكلف مزيدًا من الأرواح ويشكّل وصمة عار أخرى على الضمير المشترك.

وعلى النقيض من التصريحات العلنية المتكررة للسلطات الإسرائيلية، يُعرقَل مرور المساعدات الإنسانية بشدة منذ أكتوبر/تشرين الأول هذا وإن سُمح بمرورها. وفي ظل نقص الإمدادات والمعدات الطبية الأساسية والتأخيرات الإدارية من جانب السلطات الإسرائيلية في منح الموافقة الأمنية والموافقة على الإمدادات لإنشاء مستشفيات ميدانية، أمسى توفير الرعاية الصحية الأساسية أشبه بالمستحيل. اكتسبت المستشفيات الميدانية أهميتها هذه بعد تفكيك نظام الرعاية الصحية في غزة بشكل منهجي، ولا يمكنها أن تحل محل نظام صحي قوي وفعال بأي حال من الأحوال.

قُتل أكثر من 37,000 رجل وامرأة وطفل في غزة وأصيب أكثر من 84,000 آخرين وفقًا لتقديرات وزارة الصحة. وفي هذا الصدد، لا بد من تطبيق قرار مجلس الأمن الصادر في 10 يونيو/حزيران من دون أي تأخير، فالمناطق الآمنة في غزة باتت منعدمة، فيما يُضرب بمبادئ القانون الإنساني الدولي عرض الحائط ويُعرقَل مرور المساعدات الإنسانية بشكل منهجي. لا بد من وقف فوري ومستدام لإطلاق النار، كما يجب السماح بدخول المساعدات الإنسانية من دون قيود وعلى نطاق واسع إلى غزة.

المقال التالي
حرب غزة وإسرائيل
مقال رأي 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2024