أثينا – بدأت منظمة أطباء بلا حدود بتلقيح أطفال اللاجئين في الجزر اليونانية خيوس وساموس وليسبوس باستخدام برنامج تم إعداده لتوفير اللقاح ‏المزدوج لمرض الالتهاب الرئوي بسعر معقول في حالات الطوارئ الإنسانية. ‏

أطلقت كل من منظمة الصحة العالمية واليونيسيف ومنظمة أطباء بلا حدود ومنظمة أنقذوا الأطفال برنامج "الآلية الإنسانية" في مايو/أيار 2017. ‏وتهدف هذه الآلية إلى تسهيل إمكانية الحصول على اللقاحات في الوقت المناسب وبأسعار معقولة لجهات محددة، مثل منظمات المجتمع المدني أو ‏الحكومات أو وكالات الأمم المتحدة، التي تشتري هذه اللقاحات بالنيابة عن السكان الذين يواجهون حالات الطوارئ الإنسانية.‏

وتعد هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها استخدام "الآلية الإنسانية" في بلد مرتفع الدخل كاليونان، إذ يوفّر البرنامج اللقاح بسعر مخفض خاص يبلغ ‏حوالي 9 دولارات أمريكية للطفل الواحد (تشمل الجرعات الثلاث اللازمة للتحصين الكامل) للاستخدام الإنساني من قبل منظمات المجتمع المدني ‏ووكالات الأمم المتحدة. ولا يزال التهاب ذات الرئة أكبر قاتل للأطفال دون سن الخامسة في جميع أنحاء العالم، والأطفال الذين يعيشون في ظروف ‏محفوفة بالمخاطر – بما في ذلك أولئك الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين – يكونون عرضة لخطر كبير للغاية.‏

تعدّ كل من الشركات الدوائية فايزر وغلاكسو سميث كلاين الشركتان المنتجتان الوحيدتان للقاح التهاب الرئة، وهو المنتج الأغلى في مجموعة التلقيح ‏الأساسية المخصصة للأطفال في وقتنا الحالي. ويصل سعر اللقاح في الولايات المتحدة، التي تعترض على التفاوض مع الشركات تصنيع الأدوية، ‏إلى 540 دولارًا للطفل الواحد. وتدفع فرنسا، وهي بلد آخر ذو دخل مرتفع، 189 دولارًا مقابل اللقاح نفسه. أما الدول الأصغر التي لا تملك قدرة كبيرة ‏على التفاوض غالباً ما تكون عالقة بينهما، فعلى سبيل المثال، يدفع لبنان حوالي 243 دولار. أما سعر اللقاح في الصيدليات المحلية في اليونان هو ‏‏168 دولاراً للطفل الواحد.‏

وقال مدير الدعم الطبي للعمليات لمنطقة أثينا لدى منظمة أطباء بلا حدود الدكتور أبوستولوس فيزيس،: "أدى السعر المرتفع للقاح التهاب الرئة إلى ‏سد الطريق أمام توفير الحماية للأطفال من قاتل الطفولة هذا، في حين أن تحقيق الوقاية من المرض أمر سهل ويقتصر على استخدام اللقاح. وإنها ‏لخطوة تاريخية تمكننا من تطعيم الأطفال اللاجئين حتى في بلد مرتفع الدخل وبسعر منخفض للغاية، ولكننا بحاجة إلى مزيد من اللقاحات لإدراجها ‏ضمن" الآلية الإنسانية" ولكي تتمكن الحكومات التي تستضيف الأطفال الذين يعانون من أزمات ليتمكنوا من تحمّل هذه الأسعار أيضًا. ينبغي أن ‏يكون جميع الأطفال في العالم قادرين على الحصول على هذا اللقاح بسعر معقول".‏

سهّل برنامج "الآلية الإنسانية" إمكانية الوصول إلى 613,000 جرعة من لقاح التهاب الرئة للأشخاص الذين أصيبوا في حالات الطوارئ الإنسانية، ‏والتي تمكنت منظمة أطباء بلا حدود من الوصول إلى 360,000 منها في 12 حملة تلقيح في كل من جمهورية إفريقيا الوسطى ونيجيريا والنيجر ‏وجنوب السودان وسوريا منذ سبتمبر/أيلول 2018. كما اشترت منظمة أطباء بلا حدود مؤخراً 4,800 جرعة من اللقاح في اليونان.‏

وقبل البدء بهذا البرنامج، كانت الطريقة الوحيدة للوصول إلى السعر المخفض من اللقاح عن طريق تحالف اللقاحات المعروف بجافي، وهي منظمة ‏تمولّها الجهات المانحة وتساعد الدول الأكثر فقراً لتتمكن من الحصول على لقاحات أحدث. ولكن هذا الأمر ترك الأطفال في العديد من البلدان – بما ‏في ذلك في مخيمات اللاجئين في جميع أنحاء العالم – دون إمكانية للحصول على اللقاح، ولم تتمكن منظمات مثل منظمة أطباء بلا حدود من ‏شرائه بهذا السعر الخاص لحماية الأطفال المحتاجين.‏

ولقد تم استخدام برنامج "الآلية الإنسانية" حتى الآن من قبل منظمات في العديد من البلدان ذات الدخل المنخفض، إذ استخدمته منظمة أطباء بلا ‏حدود لتلقيح الأطفال في جمهورية أفريقيا الوسطى والنيجر ونيجيريا وجنوب السودان وسوريا. ومع ذلك، تقتصر هذه الآلية حاليًا على لقاح واحد فقط، ‏وينبغي توسيع نطاقها لتشمل لقاحات أخرى لاستخدامها في حالات الطوارئ الإنسانية التي لا تغطيها أي إجراءات أخرى.‏

من جهتها قالت سوزان شيلي، مستشارة سياسة اللقاحات في حملة منظمة أطباء بلا حدود لتوفير الأدوية الأساسية: "يعد الأطفال الذين وجدوا أنفسهم ‏في خضم حالات الطوارئ من بين أكثر الفئات حاجة في العالم، ومع ذلك لا يتم توفير الحماية لهم بشكل روتيني من الأمراض التي تهدد الحياة. ‏وقد ساعد برنامج "الآلية الإنسانية" في الوصول إلى الأطفال الذين تركوا في السابق دون حماية من الالتهاب الرئوي الذي يمكن الوقاية منه والذي ‏يهدد حياتهم. كما نحث شركات تصنيع الأدوية على تسهيل شراء الحكومات ومقدمي العلاج مثل منظمة أطباء بلا حدود للقاحات بأسعار معقولة ‏لحماية الأطفال المعرضين للخطر بشكل لا يصدق والذين هم في أمس الحاجة إلى التلقيح".‏

وفي حين أن برنامج "الآلية الإنسانية" كان مفيدًا في حماية الأطفال الذين يعانون من أزمات، ولا تزال الدول، من كافة مستويات الدخل، تكافح من ‏أجل الحصول على لقاح التهاب الرئة بسعر يمكن تحمله. ولم يتمكن ما يقرب من ثلث الدول على مستوى العالم من إدراج لقاح التهاب الرئة في ‏حزمة التلقيح الأساسية الخاصة بهم بسبب سعر اللقاح الباهظ الذي تتقاضاه شركتي فايزر وغلاكسو سميث كلاين.‏

يعاني الأردن، على سبيل المثال، من ارتفاع أسعار اللقاحات تزامنًا مع معاناته من أزمة اللاجئين التي جعلت منه البلد المضيف لثاني أعلى نسبة من ‏اللاجئين مقارنة بعدد السكان في العالم. وفي حين أن الأردن قد وفّر التلقيح المجاني لجميع الأطفال بغض النظر عن حالة الجنسية أو الهجرة، إلا ‏أنه لا يستطيع تحمل تكلفة مثل هذا اللقاح، مما يجعل جميع الأطفال في البلاد عرضة للإصابة بالتهاب المكورات الرئوية.‏

وتضيف شيلي: "برنامج "الآلية الإنسانية" ما هو إلا مؤقت تم تطويره بشكل أساسي لأن أسعار لقاح التهاب الرئة مرتفعة للغاية. الأمر الذي سيحدث ‏فرقًا حقيقيًا هو عندما يقوم مصنّعون جدد بإطلاق لقاحات التهاب الرئة بأسعار أكثر يسرًا حتى لا تتعرض حياة الأطفال للخطر بسبب جشع الشركات. ‏ونحن لم يعد بإمكاننا العيش في عالم تظل فيه اللقاحات التي يمكن أن تحمي الأطفال من الأمراض الفتاكة عبارة عن رفاهية أو كمالية بالنسبة ‏للكثيرين".‏

تجدر الإشارة إلى أن كل من شركتي فايزر وغلاكسو سميث كلاين حققتا في عام 2009 ما مجموعه‎49.1‎‏ مليار دولار من مبيعات لقاح التهاب الرئة ‏وحده (43.5 مليار دولار لشركة فايزر و5.6 مليار دولار لشركة غلاكسو).‏