غوما/كينشاسا - يتدفق الجرحى إلى مستشفى كيشيرو في غوما في جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث تعالج فرق أطباء بلا حدود العاملة في المستشفى الجرحى وسط الاشتباكات المسلحة وحالة انعدام الأمن التي شهدتها المدينة في الأيام الأخيرة. فقد تأثّرنا بالعديد من الحوادث منذ بداية الأسبوع، والتي حدّ بعضها من قدرتنا على توفير الرعاية الطبية اللازمة للناس، علمًا أننا نستعد الآن لإرسال فرقٍ جديدةٍ إلى غوما وندعو الأطراف المعنية إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية.
وإذ وصل القتال بين حركة 23 مارس والجيش الكونغولي وحلفائِهِما إلى قلب مدينة غوما في وقتٍ سابقٍ من هذا الأسبوع، سادت حالة من الذعر بين السكان إذ انقطعت غوما، عاصمة إقليم شمال كيفو، عن العالم لعدة أيام فيما يتوافد ضحايا القتال إلى المرافق الطبية كلما أمكنهم ذلك. هذا ولم تسلم المرافق الإنسانية والطبية من أعمال العنف.
وفي هذا الصدد، تشير منسقة الطوارئ في أطباء بلا حدود في شمال كيفو، فيرجيني نابوليتانو، متحدثةً من غوما، "اخترقت رصاصةٌ سقف غرفة العمليات في مستشفى كيشيرو أثناء إجراء عملية جراحية، وقد نُهب جزءٌ كبيرٌ من مخزوننا من المعدات والأدوية، مما هدّد قدرتنا على تقديم المساعدة الطبية داخل غوما وخارجها. وعلاوة على ذلك، أثرت أعمال النهب المسلح على زملائنا في غوما فأصيب أحدهم بطلق ناري في منزله أثناء وقوع هجوم وتعرضت أيضًا منظمات ومرافق طبية أخرى لإطلاق النار، وهذا أمر غير مقبول على الإطلاق".
نُهب جزءٌ كبيرٌ من مخزوننا من المعدات والأدوية، مما هدّد قدرتنا على تقديم المساعدة الطبية داخل غوما وخارجها.فيرجيني نابوليتانو، منسقة الطوارئ في أطباء بلا حدود في شمال كيفو
وعلى الرغم من هذه الأوضاع، يواصل فريق تابع للمنظمة تقديم الرعاية للجرحى في مستشفى كيشيرو، دعمًا لمستشفى ندوشو حيث تستقبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر أعدادًا أكبر من الجرحى.
ومنذ يوم الخميس، تلقى 142 جريحًا العلاج في مستشفى كيشيرو. وفي يوم الثلاثاء وحده، استقبلت أطباء بلا حدود 37 جريحًا نصفهم من المدنيين، علمًا أن معظم المدنيين من النساء. ويُشار إلى أنّ معظم الإصابات كانت ناجمة عن شظايا في حين أصيب آخرون بجروحٍ ناتجةٍ عن أعيرة نارية.
واضطر الناس منذ يوم الجمعة إلى التأقلم مع الانقطاع المستمر للمياه والكهرباء، كما باتت إمدادات وجبات الطعام التي توفرها منظمة أطباء بلا حدود للمرضى وعائلاتهم في خطر، إذ يمنعنا انعدام الأمن ومخاطر النهب وإغلاق الطرقات من تجديد مخزون المواد الغذائية التي لا تكفي سوى يومين أو ثلاثة أيام.
وأجبر تفاقم حالة انعدام الأمن والقتال العنيف المنظمة على تخفيض عدد فرقها العاملة في غوما وفي مخيمات النازحين في ضواحي المدينة مؤقتًا. وفي غضون ذلك، ستزداد الاحتياجات الطبية والإنسانية في غوما وما حولها. فقد انضم عشرات آلاف الأشخاص في الأسابيع الأخيرة إلى 650,000 شخصٍ كانوا يعيشون أصلًا في المخيمات المحيطة بغوما منذ أكثر من عامين. كما وصل القتال إلى المناطق المحيطة بالمخيمات، ممّا أدى إلى فرار الناس مرة أخرى.
وفي هذا السياق، يقول رئيس برامج منظمة أطباء بلا حدود في شمال كيفو، ستيفان غوتغيبوير، "يعدّ تأثير هذا القتال على السكان المدنيين أمرًا بالغًا. فإضافةً إلى الجرحى والقتلى، نتلقى تقارير مفجعةً من مخيمات النازحين حيث لم يعد بإمكان فرقنا زيارتها. وما زال المركز الصحي الذي ندعمه يعمل في موقع تجمع النازحين في كانياروتشينيا، لكن الفريق شهد وفاة طفلين هذا الأسبوع بسبب عدم إمكانية نقلهما إلى أي مستشفى".
وتستعدّ أطباء بلا حدود لإرسال فرقها إلى غوما لتقييم الاستجابة التي يمكن توفيرها وأفضل السبل التي تسمح لنا بتوسيع نطاق عملياتنا في أعقاب حوادث النهب التي وقعت في الأيام القليلة الماضية. كما نرغب في تجديد مخزوننا وتوسيع نطاق رعاية الطوارئ في أقرب وقت ممكن. ويمكننا نقل فرق ومعدات جديدة إلى غوما عبر ما يعرف بالحاجز العظيم الذي يفصل جمهورية الكونغو الديمقراطية عن رواندا. لكن ذلك يتطلب تسهيلات وضمانات ينبغي أن تقدمها الأطراف المعنية.
وفي ظل استمرار تدهور الوضع، تحثّ منظمة أطباء بلا حدود الأطراف المتحاربة على بذل جهود أكبر لحماية المدنيين. كما يجب عليها احترام أبسط قواعد القانون الإنساني الدولي وضمان وصول المساعدات الإنسانية حتى يتسنى تقديم الخدمات الطبية الأساسية إلى الناس. ويُشار إلى أنّ فرق أطباء بلا حدود ما زالت تعمل في مناطق أخرى متضررة جراء النزاع في إقليمي شمال وجنوب كيفو.