في ما يلي، يتوجّه الرئيس الدولي لأطباء بلا حدود كريستوس كريستو برسالة إلى موظفي المنظمة وداعميها.
زملائي وأصدقائي وداعمي منظمة أطباء بلا حدود الأعزاء،
في منظمتنا الطبية الإنسانية، بفِرَقها ومشاريعها حول العالم، نجد أنفسنا في خِضمّ جائحةٍ ستلامس كلّ فردٍ منّا وعائلاتنا وأصدقاءنا ومجتمعاتنا، وبالطبع لن تنسى الأشخاص الذين نقدّم لهم رعايتنا.
وبينما نضع خطة استجابتنا، من الضروري أيضاً أن نساند وندعم بعضنا البعض بجميع أشكال التضامن. وعليه، أودّ أن أتوجّه بجزيل الشكر لكم أنتم الذين تعملون بشكلٍ أو آخر في سبيل تحقيق استجابة المنظمة، وأعبّر لكم عن الامتنان لجهودكم التي بذلتموها حتى اليوم وستبذلونها على مدى الأشهر القادمة.
فيما أكتب هذه الرسالة، أعلم أنّ جائحة كوفيد-19 قد وصلت إلى العديد من البلدان حول العالم، غير أنّها لن تتوقّف وستستمرّ في التسلّل إلى مجتمعات أخرى خلال الأسابيع والأشهر المقبلة. وبينما تتكشّف المجريات هذه، علينا أن نتابع الاستجابة وندعمها أينما وكيفما استطعنا إلى ذلك سيبلاً، معتمدين على خبرتنا الطويلة كمنظمة لطالما استجابت لحالات الطوارئ وعملت في مكافحة أكثر الأوبئة فتكًا.
إحدى أولوياتنا الرئيسية هي مواصلة برامجنا الطبية المعتادة التي يعتمد عليها مئات آلاف المرضى الذين نقدم لهم الرعاية والفئات الأشدّ احتياجاً التي نساعدها في أرجاء العالم.
في معظم البلدان التي تعمل فيها أطباء بلا حدود، نقوم بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية ووزارات الصحة لنرى كيف يمكننا المساعدة في الوقاية من انتشار العدوى أو التصدي لها في حال ازدادت أعداد المرضى المصابين بكوفيد-19. كما أننا نجري تدريبات في مرافق الرعاية الصحية حول تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها وطرق حماية العاملين والعاملات في الرعاية الصحية والمرضى على حدّ سواء.
في هذا الإطار، نبذل ما في وسعنا للحفاظ على سير العمل في برامجنا وتوفير الخدمات الطبية، ونحاول تجهيز فرقنا لأي تطوّرات. الأمر المقلق على وجه الخصوص هو حال المجتمعات والمجموعات التي تعيش في ظروف غير مستقرّة حيث يسود الاكتظاظ والنقص في المياه ومرافق الصرف الصحي وصعوبة الحصول على الرعاية الصحية.
في الواقع، نحن نواجه تحديات هائلة، إذ نحاول تخطّي الصعوبات التي تكبّل تنقّل موظفينا المتمرّسين الذين نودّ إرسالهم إلى المشاريع التي تحتاجهم، كما ونعمل على تأمين المستلزمات الطبية -وخصوصاً معدات الوقاية الشخصية- الضرورية لبرامجنا الطبية الاعتيادية كما واستجابتنا المرتبطة بكوفيد-19.
علينا أن نضع تأثيرنا في خدمة تشجيع أشكال التآزر، فهذا الفيروس لا يعرف حدوداً، ولذا فيجب أن تكون استجابتنا الجماعية بلا حدود أيضاً.د. كريستوس كريستو، الرئيس الدولي لأطباء بلا حدود
من غير الواضح كيف ستؤثر هذه الأزمة على الأنظمة الاقتصادية في العالم، أو حتى على مواردنا المالية أو قدرة بعض المتبرعين على مواصلة دعمنا. لكنّي مقتنعٌ أننا بطاقاتنا ودعمكم المتواصل سنجد حلولاً لهذه المشاكل.
ومع أنّ قدرتنا على الاستجابة للجائحة ستكون محدودة، إلا أننا بدأنا بعض الأنشطة وقدمنا الدعم في أماكن عديدة:
- في إيطاليا التي أصبحت ثاني البلدان الأكثر تضرراً بعد الصين، بدأت أطباء بلا حدود تدعم مستشفيات في بؤرة تفشي الوباء شماليّ البلاد. تقدم فرقنا الدعم على مستوى تعزيز تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها كما ورعاية المرضى.
- في فرنسا وبلجيكا، سنساعد في توفير الرعاية للفئات الأكثر عرضة للإصابة كالمهاجرين والأشخاص دون مأوى.
- في اليونان، تتواصل فرقنا مع منظمة الصحة العامة المحلية لتنسيق الجهود التي تتضمّن نشر المعلومات الصحية ورعاية مرضى كوفيد-19 من السكان المحليين وطالبي اللجوء على حد سواء. كما وناشدت أطباء بلا حدود مراراً بضرورة إخلاء مخيمات اللاجئين في الجزر اليونانية، خصوصاً مع ظهور بعض حالات الإصابة.
- في هونغ كونغ، تقدم فرقنا خدمات التوعية الصحية والدعم النفسي للفئات الأكثر عرضة للإصابة.
- في إيران وأفغانستان وقيرغستان وبلدان أخرى نعمل فيها، تواصلنا مع السلطات لتقييم احتياجاتهم واقتراح المساعدة كما قدمنا المشورة عندما طُلب ذلك منّا.
لا يمكن لأدوات التشخيص أو العلاجات الفعالة أو اللقاحات المحتملة أن تصبح سلعاً تبيعها شركات الأدوية لأعلى المزايدين في مزاد عالميّ. في كفاح العالم بوجه هذه الجائحة، لا يمكن أن نتخلّى عن أحد.د. كريستوس كريستو، الرئيس الدولي لأطباء بلا حدود
في الوقت نفسه، علينا أن نعلي صوتنا أكثر من أي وقتٍ مضى لنتأكد أن لا تلتفت الأنظار بعيدًا عن الفئات الأشدّ احتياجاً التي لا نراها بينما يخطف كوفيد-19 الاهتمام. فعلى الرغم من أنّ تفشي الإيبولا الأخير في جمهورية الكونغو الديمقراطية ينحسر ويبدو أنه سينتهي، لا تزال فرقنا تشهد على أزمات عديدة تطال مجتمعات حول العالم. والأسوأ من ذلك وجود أشخاص لا يقدرون على الوصول إلى الرعاية الصحية ولا نقدر نحن على الوصول إليهم.
علينا أن نضع تأثيرنا في خدمة تشجيع أشكال التآزر، فهذا الفيروس لا يعرف حدوداً، ولذا فيجب أن تكون استجابتنا الجماعية بلا حدود أيضاً. يجب أن تصل الإمدادات الطبية إلى أولئك الذين تشتدّ حاجتهم إليها. علينا حماية العاملين والعاملات في الرعاية الصحية كي يتمكنوا من متابعة الاستجابة على مدى أسابيع وشهور مقبلة. إنّ تشارك البيانات والمعرفة والموارد والكوادر الصحية يمكن أن يقلب الموازين فعلاً، ما يمكّن خدمات الرعاية الصحية الوطنية من الصمود.
يتسابق العالم مع هذا المرض لاكتشاف وسائل جديدة للتعامل معه، لكن لا يمكن لأدوات التشخيص أو العلاجات الفعالة أو اللقاحات المحتملة أن تصبح سلعاً تبيعها شركات الأدوية لأعلى المزايدين في مزاد عالميّ. في كفاح العالم بوجه هذه الجائحة، لا يمكن أن نتخلّى عن أحد.
لا شك في أنّ مرض كوفيد-19 هو حالة طارئة صحية عالمية، والاستجابة للأزمات هو جزء من هويتنا في هذه المنظمة. فرعاية المرضى والمحتاجين هو ما تجيد منظمة أطباء بلا حدود فعله بفضل العاملين والعاملات معنا الكادحين والمتفانين أينما كانوا حول العالم. بدعمكم سنباشر عملنا ونؤدي دوراً في الاستجابة العالمية.
،مع مودّتي
د. كريستوس كريستو
الرئيس الدولي