كييف - شهدت كييف ليلة أمس موجة أخرى من القصف المكثف، ويأتي ذلك في أعقاب هجمات مدمرة في إقليمي دنيبرو وكريفي ريه، والتي أسفرت جميعها عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا، علمًا أنّ الاستخدام المكثف للقوة من قبل القوات الروسية في جميع أنحاء أوكرانيا مستمر بلا هوادة. ولم تسلم المستشفيات والمباني السكنية والعاملون في المجال الإنساني والمرضى من القصف، فمع استخدام الطائرات بدون طيار والصواريخ بعيدة المدى، لم يعد أحد في البلاد بمأمن.
شهدت كييف ليلة أمس سقوط صاروخ على مبنى سكني، ويُشار إلى أنّ فرق الطوارئ ما زالت تبحث بين الأنقاض عن ناجين. وقد تأكد مقتل 12 شخصًا وإصابة أكثر من 70 آخرين، بينهم ستة أطفال، علمًا أنّ الكثير من الأشخاص الذين يعانون من جروح تهدّد حياتهم ما زالوا في المستشفى.
ويُشار إلى أنّ كييف تحتضن مكاتب تنسيق منظمة أطباء بلا حدود في أوكرانيا، حيث تعيش فرق أطباء بلا حدود وتعمل فيها.
وفي هذا الصدد، يقول مدير برنامج أطباء بلا حدود في أوكرانيا، توماس مارشيز، "يواجه موظفونا حاليًا، كغيرهم من ملايين الأشخاص، غارات جوية شبه ليلية. ليلة أمس، قضى بعض زملائنا ليلتهم في محطات المترو، بينما اضطر آخرون إلى إيقاظ أطفالهم والاحتماء في منازلهم قدر استطاعتهم، بينما كانت الانفجارات تهز الأرض وتهز النوافذ. لا أحد في مأمن، والناس منهكون، ويعيش الكثيرون في خوف دائم".
لا يوجد إنذار، ولا مكان آمن - مجرد ثوانٍ تفصل الحياة الطبيعية عن العنف الشديد. يجب ألا يكون المدنيون أهدافًا أبدًا.توماس مارشيز، مدير برنامج أطباء بلا حدود في أوكرانيا
ويُمثل هذا الهجوم الأخير على كييف استمرارًا لنمط القصف في أوكرانيا: إذ تُشن هجمات يومية على المباني السكنية والمستشفيات والمدارس. ففي 5 أبريل/نيسان، استجابت فرق إسعاف أطباء بلا حدود لغارة جوية في كريفي ريه، حيث قُتل 20 شخصًا، بينهم تسعة أطفال. كانت إحدى الناجيات اللواتي أحالهن مسعفو أطباء بلا حدود في السابعة من عمرها فقط، وكانت تعاني من كسر في الورك وصدمة نزفية وجروح ناجمة عن شظايا.
وفي 23 أبريل/نيسان، أصابت غارة جوية شنتها القوات الروسية بطائرة بدون طيار حافلة في مارهانيتس بإقليم دنيبرو، مما أسفر عن مقتل تسعة أشخاص وإصابة 50 آخرين. وقد دعمت فرق الإسعاف التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود وزارة الصحة في خطة التعامل مع الإصابات الجماعية، إذ أحالت المرضى الذين يعانون من فقدان نسبة كبيرة من الدم وجروح ناجمة عن الشظايا.
وتجدر الإشارة إلى أنّ حوالي 2,000 مرفق طبي قد تعرّض للضرر أو الدمار منذ تصاعد الحرب في أوكرانيا عام 2022. وقد واجهت المستشفيات في جميع أنحاء البلاد حوادث إصابات جماعية متعددة خلال الأشهر الأخيرة، بل وأصبحت أهدافًا، لا سيما في المناطق القريبة من خطوط المواجهة، حيث يعاني النظام الصحي أصلًا من ضغط هائل.
ويضيف مارشيز، "إن حجم الهجمات التي يتعرض لها الناس هائل، وقد شهدت عياداتنا المتنقلة ارتفاعًا في حالات النوبات القلبية والسكتات الدماغية، وهي حالات مرتبطة ارتباطًا مباشرًا بالتوتر المطول. في أوكرانيا، لا يخلو أي جانب من جوانب الحياة اليومية من آثار الحرب. فقد يتعرض الناس للقصف أثناء تنقلاتهم أو شراء الخبز أو توصيل أطفالهم إلى رياض الأطفال. لا يوجد إنذار، ولا مكان آمن - مجرد ثوانٍ تفصل الحياة الطبيعية عن العنف الشديد. يجب ألا يكون المدنيون أهدافًا أبدًا".
تدعم فرق منظمة أطباء بلا حدود الطبية المساعدة حاليًا الاستجابة للطوارئ في مناطق سومي ودنيبروبيتروفسك وخاركيف وخيرسون وميكولايف، بينما تواصل الفرق الجراحية تقديم الرعاية المنقذة للحياة في المستشفيات القريبة من مناطق النزاع. ويستمر تقديم خدمات إعادة التأهيل، بما في ذلك العلاج الطبيعي والرعاية النفسية، في تشيركاسي وأوديسا، بينما يقدم فريق الصحة النفسية في فينيتسا العلاج لمتلازمة ما بعد الصدمة الناجمة عن الحرب. ومن بين المرافق الطبية في أوكرانيا، ثمة أمر واحد ثابت: تدفق الجرحى لا يتوقف أبدًا.