في يوليو/تموز 2017 تعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بضمان إقامة أولئك الذين ينتظرون اللجوء في فرنسا حيث اكد أنه لا يرغب في رؤية أي رجال أو نساء في الشوارع قبل نهاية العام. ولكن مع انخفاض درجات الحرارة واقتراب فصل الشتاء، لا يزال حوالي 1,000 لاجئ ومهاجر ينامون في شوارع باريس اليوم وخاصة في شمال شرق المدينة في حي سين-سانت-دينيس وذلك وفق معطيات أطباء حول العالم وأطباء بلا حدود.
يحاول اللاجئون والمهاجرون العثور على مأوى بعيد عن أعين عن السلطات، ولكن أيضا بالقرب من مركز استقبال المهاجرين في بورت دو لا شابيل في باريس أين تتواجد المنظمات التي تقدم الدعم للمهاجرين في مركز الاستقبال، حيث يمكن للمهاجرين البدء بتقديم طلب اللجوء.
أصبح الوضع أكثر صعوبة بالنسبة للمهاجرين في باريس منذ تدمير المخيمات في منتصف آب/أغسطس، حيث يعيش أكثر من 2,700 شخص حول منطقة بورت دي لا شابيل. ومنذ ذلك الحين، يتم نقلهم باستمرار كما يتعرضون للمضايقة من قبل السلطات في الليل. وعند الحاجة إلى النوم يضطر اللاجئون والمهاجرون إلى الاختفاء وغالبا ما يكونون بدون لحاف أو أي نوع من الأغطية أو خيمة.
يقول إبراهيم* من السودان: "المطر وملاحقة الشرطة تجعل الوضع لا يُطاق هنا. الأمطار تدفعنا الى اللجوء تحت الجسور، وبمجرد ان نكون قد اقمنا مأوى تأتي الشرطة وتأمرنا بالتحرك". ويُضيف: "منذ أن غادرت السودان وأنا في تنقل مستمر، تابعتني الشرطة باستمرار. لم أكن أعتقد أن المعاملة ستكون هي نفسها في فرنسا. ليس لدينا مكان للنوم. وبمجرد أن نجلس في مكان ما تصل الشرطة وتطلب منا التحرك. في منتصف الليل الشرطة توقظنا وتحركنا. في كل مرة نقول لهم "نتحرك، ولكن إلى أين؟ أين يمكننا أن نذهب؟"، وفي كل مرة يجيبوننا "لا نعرف، فقط غادروا المكان". "ليس لدي أي خيار آخر سوى طلب اللجوء هنا. في السودان هناك موت فقط".
أصبح الحصول على الرعاية والخدمات الصحية الأساسيّة أكثر صعوبة بالنسبة للاجئين والمهاجرين، وهي فئة غير مرئية للسكان المحليين ومعزولة في شوارع باريس. يوميا في عياداتنا ومن خلال التقييمات الطبيّة في الشوارع، تلاحظ فرقنا الطبية تدهور الوضع الصحي المُهاجرين. وضع يزداد تعقيدا مع اقتراب الشتاء فليس لديهم أي فرصة للحصول على المأوى المناسب والخدمات الأساسيّة.
تقول كورين توري، رئيسة بعثة منظمة أطباء بلا حدود في فرنسا: "انخفضت درجة الحرارة ولا يزال المهاجرون يعيشون في الشوارع بدون أي حل للسكن. لا يسمح لهم حتى غسل أنفسهم في الفضاءات المفتوحة. الحل الوحيد أمامهم هو استخدام مرافق الحمام العامة ولكن غالبا ما يضطرون للدفع مقابل هذا وأحيانا يتم إبعادهم. وبسبب الظروف الرهيبة التي يواجهونها، يوجد خطر حقيقي يتمثل في زيادة الالتهابات الجلديّة والجرب".
يُضاف إلى هذه السياسة التي تجعل من الصعب على اللاجئين والمهاجرين طلب اللجوء، وتجبرهم على التنقل المستمر النُقص الشديد في المعلومات المتاحة لهم. ما يزيد في هشاشة وضع هؤلاء الناس اللذين مروا برحلة خطرة للوصول إلى باريس . وبدلا من خلق بيئة يرحب بهم فيها بكرامة واحترام تُحاول الدولة الفرنسية حرمان اللاجئين والمهاجرين من احتياجاتهم الأساسيّة.
وقال جمال*، وهو لاجئ من اثيوبيا، يقيم في باريس لمدة شهر، "هذا الوضع عدمي بما انني أعرف مخيمات اللاجئين في افريقيا فمخيمات الأمم المتحدة يمكن أن تكون فوضوية وغير مستقرة، ولكن على الأقل في معظم الوقت كانت لدينا خيمة، وشيء للأكل، ويمكننا الحصول على المعلومات، ونحن في مأمن. هنا المعلومات الوحيدة التي نحصل عليها هي الإشاعات والشرطة التي تضطهدنا كما لو كنا مُجرمين".
وتدعو منظمة أطباء حول العالم ومنظمة أطباء بلا حدود إلى التوفير الفوري و الغير مشروط لمأوى لائق للاجئين والمهاجرين، فضلا عن إنهاء مضايقة الشرطة. يقول الدكتور فرانسواز سيفينون، رئيس منظمة أطباء العالم في فرنسا، "مع وصول الشتاء، ليس هناك وقت للأقوال والتعهدات دون أفعال. يحتاج المهاجرون إلى الوصول إلى الملاجئ وبصورة ملحة، ونحن بحاجة إلى أن نرى افتتاح المزيد من مراكز الاستقبال قريبا. من الضروري حماية المهاجرين والحصول على الدعم الضروري الذي يحتاجونه. ويجب على السلطات العمل على ذلك بأسرع ما يمكن".
*تمّ تغيير الأسماء