سارة فويلستيكي هي منسقة مشاريع أطباء بلا حدود، عادت مؤخرًا من قطاع غزة بعدما نسقت العمليات مع فريق من المنظمة في شمال غزة، حيث ندير عيادات متنقلة لتقديم المساعدة الطبية للسكان عبر الاستشارات العامة وعلاج الأمراض غير السارية والتضميد والتوعية الصحية.
خلال أول أسبوعين من شهر فبراير/شباط، نشرت أطباء بلا حدود عيادات متنقلة في مخيم جباليا وفي بيت حانون. أُجريت قرابة 1,200 استشارة طبية، منها 11,6٪ للأطفال دون سن الخامسة. كانت 23,6% من الاستشارات تخص التهابات في الجهاز التنفسي العلوي، وأُجريت 169 عملية تضميد.
وفي هذا الصدد، تقول فويلستيكي، "عندما وصلنا إلى أول مركز صحي في شمال غزة في أوائل فبراير/شباط لتقييم الوضع، كان ذلك أشبه بلطمة على خدودنا جميعًا. لم يتبقَّ شيء نقيّمه: صُدمنا وشعرنا بالعجز بعدما أدركنا حجم الدمار الذي طال البنية التحتية والمباني والأرواح.
وبعيد وقف إطلاق النار [الذي دخل حيّز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني 2025]، تمثلت إحدى أولوياتنا بالنظر في كيفية دعم وصول سكان غزة إلى الرعاية الصحية الأساسية، وخاصة في الجزء الشمالي من القطاع. فقد تعرض مخيم جباليا للحصار والقصف الشديد من قبل القوات الإسرائيلية منذ السادس من أكتوبر/تشرين الأول 2024، كما قلّصت السلطات الإسرائيلية بشكل كبير كمية المساعدات الأساسية المسموح بدخولها.
بقي عشرات آلاف الأشخاص محاصرين في الشمال، وبالكاد يحصلون على أي رعاية صحية منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بينما عاد مئات الآلاف إلى هناك بعد تنفيذ وقف إطلاق النار في نهاية يناير/كانون الثاني 2025.

يصعب وصف الدمار الذي شهدناه في جباليا: لم يبقَ شيء سوى الأنقاض. حاولنا تقييم أوضاع المراكز الصحية. ولكننا زرنا المركز الأول وكان قد سُوّي بالأرض. ثم الثاني، ثم الثالث... أُحيل كل شيء إلى أكوام من الأنقاض. كان مشهدًا مروّعًا وفاجعًا. وبالنظر إلى حجم الدمار، لم يكن أمامنا خيار آخر سوى التصرف بسرعة.
تمثل التحدي الأكبر في المباشرة بالأنشطة الطبية وسط الأنقاض. احتجنا لأسبوع واحد لإزالة ما يكفي من الأنقاض بجرافتنا المستأجرة، لمجرد تشييد صرح مؤقت. في الأسبوع الأول، اصطففنا إلى جانب الطريق وبدأنا أنشطتنا. في وقت لاحق، تمكنا من نصب الخيام والمأوى حيث يمكن للمرضى الانتظار قبيل استشاراتهم. كان الطقس شديد البرودة، ومع ذلك أتى مئات المرضى كل يوم.
الناس في غزة – ومعهم فرقنا – مصممون على محاولة إعادة بناء ما فقدوه، على الرغم من صعوبات لا تطاق يواجهونها كل يوم. لا يزال الوضع غير مستقر على الإطلاق، ونحن قلقون حقًا من العواقب المترتبة على منع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
لا يزال الناس في غزة بحاجة إلى زيادة في الإمدادات الإنسانية على نطاق واسع، ونرفض أن يُمنع السكان جميعًا من تلقي المساعدات الإنسانية مرة أخرى".