بعد مرور أسبوع على الانفجار المدمّر الذي وقع في بيروت في 4 أغسطس/آب 2020، تعمل منظّمة أطباء بلا حدود على تنفيذ استجابة طارئة لتقديم الدعم الطبي للأشخاص الأكثر تضرراً جراء الانفجار. وتشمل الأنشطة المقرّر تنفيذها ضمن الاستجابة ثلاثة مجالات رئيسية، وهي العناية بجروح السكان الذين ما زالوا يعانون من الإصابات، وضمان استمرار حصول مرضى الأمراض المزمنة على الرعاية، وتقديم الرعاية النفسية للمتضرّرين.
وأنشأت أطباء بلا حدود نقطتين طبيتين في منطقتي مار مخايل والكرنتينا لتنفيذ استجابتها، علمًا أن هاتين المنطقتين هما الأكثر تضرّرًا نتيجة الانفجار. وخصّصت المنظّمة فرقًا لزيارة المنازل من أجل تحديد احتياجات سكان المناطق وتلبيتها بشكل أفضل لدى تقديم المساعدة. بالإضافة إلى ذلك، ركّبت الفرق خزّانات مياه في المنطقة ووزّعت المياه ومياه الشرب ولوازم النظافة الصّحية على الأشخاص الذين أتوا إلى النقطة الطبية، فقد كشف المسح الذي أجري في المنطقة أنّ هذه الخدمات هي من ضمن بعض احتياجات السكان الأساسية.
وتسبّب الانفجار الكارثي الذي وقع قبل أسبوع وهدّم المستودعات في المرفأ بمقتل أكثر من 150 شخصًا وإصابة أكثر من 6,000. وأوّل من استجاب عقب الانفجار هم اللبنانيون أنفسهم، الذين حاولوا بشكل تلقائي تقديم المساعدة والدعم للأشخاص المتضررين من الواقعة بالموارد القليلة المتاحة لديهم. وولّد الانفجار موجات زلزالية حطمت النوافذ ودمرت المباني وهزّت كل أنحاء العاصمة اللبنانية، المدينة التي تعاني أصلًا من أزمة اقتصادية وتزايد في حالات الإصابة بعدوى كوفيد -19.
و في هذا الصدد، يقول رئيس بعثة أطباء بلا حدود في لبنان جوليان ريكمن، "كان النظام العام يكافح لإدارة حالات الإصابة المتزايدة بكوفيد-19 قبل وقوع الانفجار. ومنذ الحادثة، ارتفعت حالات الإصابة بكوفيد-19 المبلّغ عنها في لبنان بشكل كبير جدًا، وفي بيروت على وجه الخصوص. فوصل عدد الإصابات الجديدة إلى 1,500 حالة في أسبوع
ويضيف "وتوافد عدد هائل من المرضى ليلة الانفجار إلى المرافق الصحية في أنحاء العاصمة، فكان من الصعب الالتزام بتدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها بالشكل اللازم، ما أدى بدوره إلى هذا الارتفاع في الأرقام. ويزداد الأمر صعوبة مع فقدان 300 ألف شخص لمنازلهم، حيث أمسى عليهم العثور على مكان آخر للمكوث فيه. ويشكّل الارتفاع في حالات الإصابة مصدر قلق لنا ونحاول تحديد أفضل الطرق التي علينا من خلالها موائمة أنشطتنا مع الظروف الراهنة."
وتشكّل صحة السكان النفسية مصدر قلق آخر للمنظّمة أيضًا. ويضيف ريكمن، "بعد 45 عامًا شهد خلالها لبنان سلسلة من الأحداث العنيفة، بما في ذلك الحروب والأزمات الاقتصادية والتوترات الاجتماعية، جاء هذا الحادث الأخير لينضم إلى مجموعة من الأسباب التي تولّد حالات صدمة لدى سكان لبنان. وتشير الخبرة التي اكتسبتها المنظّمة من خلال عملها في مثل هذه الأزمات إلى أنّ الحادث سيكون له تأثير هائل على سلامة السكان النفسية ولن يزول هذا الأثر لسنوات قادمة. لهذا السبب، يجب وضع استراتيجية وطنية للصحة النفسية لإدارة الآثار النفسية طويلة المدى التي ستخلّفها هذه الأزمة لدى شعب لبنان".
وبما أنّ الصحة النفسية ركيزة أساسية لنشاط أطباء بلا حدود في لبنان، استطاعت المنظّمة أن تخصّص فريقًا من 9 اختصاصيين نفسيين ليشارك في استجابتها لهذه الحالة الطارئة، إذ بدأ الفريق بتقديم الإسعافات الأولية النفسية ويسعى لوضع خطة طويلة الأمد تلبي احتياجات السكان المتضرّرين.
وقبل البدء بتنفيذ الأنشطة التي وضعتها المنظّمة، تبرّعت أطباء بلا حدود بمجموعة من معدات الإسعافات الأولية للتضميد والأقنعة الجراحية للدفاع المدني والصليب الأحمر اللبناني ليلة الانفجار وفي الأيام التي تلت أيضًا، وذلك للوقاية من انتشار عدوى كوفيد-19 واستجابة لما حصل. ومنذ ذلك الحين، تخطّط أطباء بلا حدود لتقديم تبرعات إضافية من الإمدادات الطبية لدعم الذين يعالجون أعدادًا كبيرة من الجرحى.
ويضيف ريكمن، "لقد اتسم دور هؤلاء الفاعلين والمنظمات المحلية بأهمية كبيرة، لا سيما في الأسبوع الأول بعد الانفجار. ونحن نعمل أيضًا على تكييف أنشطتنا بالاستناد إلى تلك القائمة على مستوى المجتمع المدني، لأنها حتمًا القوة الرائدة في هذه الاستجابة الجماعية لما حصل".
حول عمل منظّمة أطباء بلا حدود في لبنان:
أطباء بلا حدود هي منظّمة طبية إنسانية دولية مستقلة تقدم المساعدة الطارئة إلى المتضرّرين من النزاعات المسلحة والأوبئة والكوارث الطبيعية والحرمان من الرعاية الصحية في حوالي 70 بلدًا حول العالم. تقدم منظّمة أطباء بلا حدود المساعدة إلى الأشخاص على أساس الحاجة وبغضّ النظر عن العرق أو الدين أو الجنس أو الانتماء السياسي. بدأت المنظّمة العمل في لبنان في عام 1976 استجابةً للحرب الأهلية حين أرسلت فرقًا طبية إلى جنوب البلاد وبيروت، وجسّد ذلك أول مهمة للمنظّمة في منطقة حرب. تقدم أطباء بلا حدود اليوم رعاية طبية مجانية في مواقع مختلفة وتضمّ أكثر من 600 موظفٍ في لبنان.