- يضطرّ المصابين بالسلّ المقاوم للأدوية إلى تحمّل سنتين من العلاج بالأدوية المتوفرة حالياً والتي تتسبب بأعراض جانبية خطيرة كفقدان السمع أو الميول الانتحارية
- قامت شركة جونسون آند جونسون مؤخراً بتطوير عقار "بيداكويلين" الذي يعتبر علاجاً أكثر أماناً، لكنّها تقدّمت بطلب براءة اختراع له في الهند كي تحتكر تصنيعه حول العالم
- تعيق براءة الاختراع هذه توفر الأدوية الجنيسة، وهي أدوية تحتوي التركيبة ذاتها تصنّعها شركات أخرى، ما يؤدي إلى منافسة هذه الأدوية وبالتالي انخفاض أسعارها وجعلها ميسورة التكلفة أمام مَن يحتاجها
- في حال نجاح دعوى الطعن في الهند سيتوفر عقار البيداكويلين في جميع البلدان التي تحتاجها بأسعار مقبولة، ما سينقذ حياة آلاف الأشخاص حول العالم
مومباي/كيب تاون– تدعم منظّمة أطبّاء بلا حدود دعوى الطعن ببراءة اختراع، والتي رفعتها في الهند هذا الأسبوع ناجيتان من مرض السل لمنع شركة الأدوية جونسون آند جونسون من توسيع نطاق احتكارها لدواء السل المسمى "بيداكويلين".
وتقدّمت كل من نانديتا فينكاتيسان من مومباي في الهند وفوميزا تيسيل من خايليتشا في جنوب أفريقيا بدعوى الطعن في مكتب مومباي للملكية الفكرية، وكانت كلتاهما قد نجتا من السل المقاوم للأدوية، إنّما فقدتا قدرتهما على السمع بسبب سُميّة العلاج. وتحارب كلتاهما الآن لضمان جعل الأدوية الجديدة مثل البيداكويلين – والتي هي أكثر أمانًا وفعاليةً – ميسورة التكلفة ومتاحة لكل المصابين بالسل المقاوم للأدوية، لتستبدل الأدوية السامة والمؤلمة التي تُعطى عن طريق الحقن.
1.6
1.6
558
558
25 %
25%
في عام 2017، أصيب ما يُقدّر بنحو 558 ألف شخصٍ بالسل المقاوم للأدوية، ولكن نسبة 25 بالمئة منهم فقط تلقت العلاج. ويشمل علاج السل المقاوم للأوية، والذي تستخدمه معظم البلدان حتى يومنا هذا، الأدوية التي يجب حقنها يوميًا والتي ينجم عنها العديد من الآثار الجانية الخطيرة وتحقّق معدل شفاء يبلغ 55 بالمئة فقط.
في حال تم رفض طلب الحصول على براءة الاختراع، فإن النسخات الجنيسة من هذا الدواء ستُتاح في وقت قريب وبأسعار مخفّضة، ما سينقذ حياة آلاف الأشخاص ويُقلّل من حدّة المعاناة الهائلة حول العالم.أنجا روتير، طبيبة مختصة بالسل المقاوم للأدوية في منظّمة أطبّاء بلا حدود
وتقول نانديتا فينكاتيسان التي استكملت علاجها عام 2015، "فقدت قدرتي على السمع عندما كنت أبلغ 24 عامًا بسبب الآثار الجانبية القاسية لدواء السل المقاوم للأدوية يُعطى عن طريق الحقن. دمرتني هذه الخسارة التي ألحقت بي أضرارًا كبيرةً على المستوى المالي والعاطفي والنفسي. كم من شخص آخر سوف يفقد قدرته على السمع أو حتى يموت بانتظار الحصول على الأدوية الأكثر أمانًا وفعاليةً والتي من شأنها إنقاذ الحياة من دون التسبّب بهذه الآثار الجانبية المدمّرة؟ نسعى من خلال دعوى الطعن هذه إلى منع توسيع نطاق احتكار براءة الاختراع الذي يحول دون حصول الناس على نسخات جنيسة أقل تكلفة من دواء بيداكويلين."
وأوصت منظّمة الصحة العالمية مؤخرًا باستخدام دواء بيداكويلين كجزء أساسي من النظام العلاجي الفموي بالكامل لعلاج السل المقاوم للأدوية، ونصحت بعدم اللجوء إلى الأدوية التي يتوجب حقنها والتي تتسبّب بآثار جانبية خطيرة إلا كخيار أخير. وسيؤدي اعتماد البلدان لتوصيات منظّمة الصحة العالمية إلى زيادة كبيرة في أعداد الأشخاص الذين ينبغي أن يأخذوا هذا الدواء. وبحلول نوفمبر/تشرين الثاني 2018، تلقى 28,700 شخصٍ فقط دواء بيداكويلين في جميع أنحاء العالم – حيث تمت معالجة حوالى 70% منهم في جنوب أفريقيا.
بالرغم من فوائد الدواء، إلّا أن الأسعار المرتفعة تستمر بتشكيل عائق كبير. وأعلنت شركة جونسون آند جونسون مؤخرًا عن سعر مخفّض يبلغ 400 دولار أمريكي لعلاج بدواء بيداكويلين ممتدّ على ستة أشهر لجنوب أفريقيا والبلدان التي تشتري الدواء من خلال مرفق الأدوية العالمي، ولكن ما سبق لا يجعل الدواء ميسور التكلفة في جميع البلدان المتأثرة بالسل المقاوم للأدوية.
أعرف ماذا يعني أن تختار بين فقدان السمع أو الموت لأن الأدوية الوحيدة القادرة على إنقاذ حياتك من شأنها أيضاً أن تسلبك قدرتك على السمع.فوميزا تيسيل، ناجية من السل شديد المقاومة للأدوية
وتقول الطبيبة أنجا روتير المختصة بالسل المقاوم للأدوية في منظّمة أطبّاء بلا حدود في خايليتشا في جنوب أفريقيا، "إن الدليل على تحسّن معدلات الشفاء وإنقاذ حياة الأشخاص المصابين بالسل المقاوم للأدوية باستخدام دواء بيداكويلين واضح كل الوضوح. دواء بيداكويلين أساسي، لا بل حاسم، للتقديم إلى المرضى فرصةً لمحاربة السل من دون الإصابة بالآثار الجانبية للأدوية التي يتوجب حقنها. وسبق وأصبحت هذه الثورة العلاجية حقيقةً في جنوب أفريقيا، ولكن برامج السل المقاوم للأدوية في أماكن أخرى بحاجة إلى هذا الدواء بتكلفة أقل. وفي حال تم رفض طلب الحصول على براءة الاختراع، فإن النسخات الجنيسة من هذا الدواء ستُتاح في وقت قريب وبأسعار مخفّضة، ما سينقذ حياة آلاف الأشخاص ويُقلّل من حدّة المعاناة الهائلة حول العالم."
إن الدعوى المقدّمة للطعن في طلب الشركة براءة الاختراع هي تحديدًا للصيغة الملحية لدواء بيداكيلين والتي لا تستحق براءة اختراع بموجب قانون الملكيات الفكرية في الهند. وفي حال منحها، فإن احتكار شركة جونسون آند جونسون لدواء بيداكويلين سيمتد من عام 2023 إلى عام 2027، ما سيؤخر ظهور الأدوية الجنيسة أربعة أعوام إضافية. وغالبًا ما تستخدم الشركات استراتيجية "التجديد التلقائي للبراءات" من خلال تقديم طلبات إضافية وغالبًا غير مستحَقة للملكيات الفكرية، وذلك بهدف زيادة احتكارها للأدوية بما يتجاوز الفترة الاعتيادية، وهي 20 عامًا. ومن المتوقّع أن تحثّ إزالة عائق براءة الاختراع هذا مصنعو أدوية السل من الهند على دخول السوق بأدوية جنيسة وتزويد برامج السل الوطنية ومقدّمي الرعاية لمرضى السل عالمياً بدواء بيداكويلين بأسعار أقل تكلفة.
وتقول فوميزا تيسيل التي استكملت علاج السل شديد المقاومة للأدوية عام 2013 والذي شمل الأدوية السامة عن طريق الحقن، "أعرف ماذا يعني أن تختار بين فقدان السمع أو الموت لأن الأدوية الوحيدة القادرة على إنقاذ حياتك من شأنها أيضاً أن تسلبك قدرتك على السمع. لا أتمنى أن يختبر أحد ما مررت به في مرض السل المقاوم للأدوية. يجب أن تتوقف الشركات مثل جونسون آند جونسون عن التحكّم بسعر الدواء الذي سيحدّ من وصول الناس إلى علاج السل الأكثر أمانًا وفعاليةً."
انتفع تطوير دواء بيداكويلين من الاستثمار العام الكبير، وأثمر الجهد الجماعي للمجتمع العالمي لمكافحة السل عن تحسين معدلات الشفاء وتقليل الآثار الجانبية. تحثّ منظّمة أطبّاء بلا حدود شركة جونسون آند جونسون على الامتناع عن محاولة زيادة احتكارها، ما سيؤخر توافر النسخات الجنيسة مضمونة الجودة من دواء بيداكيلين في الهند وجنوب أفريقيا وبلدان أخرى.
خاضت نانديتا فينكاتيسان معركة ممتدة على ثماني سنوات ضدّ السل المعوي الذي أصيبت به خلال عامها الأول من الدراسة الجامعية. خضعت لستّ جراحات واضطرت إلى تحمّل تأثيرات أدوية متعدّدة تشمل سلسلات من الحقن المؤلم. وبعد يومَين من عيد ميلادها الـ24، فقدت نانديتا قدرتها على السمع - وهو أحد الآثار الجانبية القاسية لأدوية مرض السل المسماة "الأمينوغليكوزيدات". استعادت قدرتها على السمع بعد خضوعها لجراحة زرع قوقعة عام 2018.
فوميزا تيسيل ناجية من مرض السل الشديد المقاومة للأدوية وتم تشخيص إصابتها بالسل عام 2010 حين أُجبرت على إيقاف دراستها في جامعة شبه جزيرة كيب للتكنولوجيا كي تتلقى العلاج. بعد حوالى خسمة أشهر من تلقيها العلاج للسل "العادي" أولًا ثم للسل المقاوم للأدوية، تمّ أخيرًا تشخيص إصابتها بالسل الشديد المقاومة للأدوية، وهو أخطر أشكال المرض. وتسبّب حقنها بالأمينوغليكوزيدات في إطار علاجها بخسارة قدرتها على السمع، وقيل لها أكثر من مرة إنها قد تموت بسبب السل بما أن فرصتها في البقاء على قيد الحياة كانت 20 بالمئة فقط. ولكن رغم كل الصعاب، تعافت فوميزا من السل شديد المقاومة للأدوية عام 2013 واستعادت قدرتها على السمع بعد خضوعها لجراحة زرع قوقعة عام 2015.
واليوم، تناشد كل من نانديتا وفوميزا بإدخال تحسينات على علاج السل المقاوم للأدوية.