Skip to main content
Umdawanban hospital OCG

الأزمة الصحية الكارثية في السودان تقتضي بذل جهود أكبر

بيان خطي قدمه مدير عمليات أطباء بلا حدود، الدكتور أحمد عبد الرحمن، بمناسبة الاجتماع الوزاري رفيع المستوى بشأن السودان في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 سبتمبر/أيلول. وقد دعت إلى هذا الاجتماع بشأن تكلفة التقاعس عن العمل في السودان كل من الأمم المتحدة وحكومات مصر وقطر والمملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي.

أصحاب المعالي، الضيوف الكرام،

إننا مقبلون على أزمة صحية كارثية في السودان. ومع ذلك، فإن قدرتنا الجماعية على التصدي لهذه الأزمة وجهًا لوجه موضع شك.

تعمل أطباء بلا حدود حاليًا في 10 ولايات في السودان على جانبي خطوط المواجهة، فتقدم مجموعة من خدمات الرعاية الصحية بما فيها رعاية الإصابات البالغة لجرحى الحرب، ورعاية الأمومة والأطفال، وعلاج سوء التغذية. وما تشهده فرقنا هو بعض من أكثر النزاعات الحضرية ضراوة في أي سياق نعمل فيه حاليًا.

في السودان، ينهار النظام الصحي تحت وطأة العنف المدمر والاحتياجات الهائلة.

يكافح العاملون الصحيون في جميع أنحاء البلاد لإبقاء أبواب المرافق الصحية مفتوحة. وفي الوقت نفسه، فإن العنف المفرط وانعدام الأمن يزيدان الاحتياجات الصحية ويمنعان المرضى من التماس الرعاية التي تشتد حاجتهم إليها.

وفي المناطق التي تحتدم فيها أعمال العنف، تستجيب فرق أطباء بلا حدود باستمرار لحوادث الإصابات الجماعية، والتي ما هي إلا دليل مؤسف على وحشية النزاع والفشل التام في حماية المدنيين.

في السودان، ينهار النظام الصحي تحت وطأة العنف المدمر والاحتياجات الهائلة.

منذ بداية النزاع، أجرت فرق أطباء بلا حدود أكثر من 1,500 عملية جراحية كبرى في مستشفى واحد في الخرطوم، 90 في المئة منها كانت لعلاج جروح ناجمة عن طلقات نارية أو انفجارات. وخلال شهر أغسطس/آب وحده، عالجت فرقنا في مستشفى واحد تدعمه أطباء بلا حدود في أم درمان أكثر من 2,100 حالة إصابة بالغة، أي حوالي نصف إجمالي استشارات غرفة الطوارئ في هذا المرفق.

وحتى في المناطق التي تنعم بقدر أكبر من الأمان، يعجز النظام الصحي عن البدء في مواكبة احتياجات المجتمعات المحلية بسبب النقص في الطواقم والإمدادات الطبية، والاحتياجات الناجمة عن النزوح المتزايد باستمرار.

أما فيما يتعلق بأنشطة التطعيم، فقد توقفت بالكامل، وتدهورت الظروف المعيشية، بما في ذلك خدمات المياه والصرف الصحي. وبلغ انعدام الأمن الغذائي مستويات لم يسبق لها مثيل. وفي العديد من برامج أطباء بلا حدود، نشهد ارتفاعًا مثيرًا للقلق في عدد المرضى المصابين بالحصبة والإسهال المائي الحاد والملاريا وسوء التغذية.

في السودان، ترى فرقنا الطبية الناس يُقتلون بالرصاص والقنابل. ولكن العديد من الأشخاص يفقدون حياتهم أيضًا بسبب الافتقار إلى إمكانية الحصول على الرعاية الطبية والمساعدات الإنسانية.

تضطلع أطباء بلا حدود باستجابة إنسانية كبيرة في السودان، وتحافظ على مبادئ الاستقلال والحياد. ولكننا اليوم ولسوء الحظ، نعمل بعدد أقل من الموظفين الميدانيين مقارنة بما كان عليه الحال قبل تصاعد حدة النزاع في أبريل/نيسان، في حين أن الاحتياجات بلغت مستويات غير مسبوقة.

إن ما تتطلبه الاستجابة الإنسانية في السودان اليوم هو حلول مستقرة وعلى مستوى النظام لهذه القضايا، وليس حلولاً مؤقتة أو منفردة.

ومع انزلاق الناس في السودان أكثر فأكثر إلى أعماق الكارثة، يبقى حشد دعم كامل لتلبية الاحتياجات القائمة غير ممكن. فنحن لم نتوقع أن نضطر بانتظام إلى اجتياز متاهة معقدة ومتغيرة باستمرار من الإجراءات البيروقراطية والإدارية، رغم معرفتنا بأن انعدام الأمن على نطاق واسع سيعيق الاستجابة. ومما لا يمكن إنكاره اليوم أن هذه القيود البيروقراطية تعرقل الاستجابة الإنسانية التي تحتاج إلى تعزيز بشكل عاجل.

إن الارتقاء بمستوى الاستجابة الصحية في السودان لتلبية حجم الاحتياجات ممكن، لا بل وهو واجب علينا، وأطباء بلا حدود على أهبة الاستعداد لإرسال الموظفين الضروريين للمساعدة في تعزيز الاستجابة الصحية وتنميتها.

إن ما تتطلبه الاستجابة الإنسانية في السودان اليوم هو حلول مستقرة وعلى مستوى النظام لهذه القضايا، وليس حلولاً مؤقتة أو منفردة.

نحن واثقون من أن السلطات السودانية قادرة على بذل جهود إضافية لدعم الاستجابة الإنسانية، ونحن نحثها على تسريع عملية منح التأشيرات وتخفيف القيود المفروضة على السفر والإسراع بتخليص اللوازم الطبية والإنسانية.
وعلى نطاق أوسع، يتعيّن على أطراف النزاع أن تحترم مجددًا التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، كما فعلت بموجب إعلان جدة. حماية المدنيين واجب، ويجب تيسير العمل الإنساني القائم على المبادئ.

المقال التالي
النزاع في السودان
أصوات من الميدان 16 فبراير/شباط 2024