تشير المنظمة الطبية الإنسانية الدولية أطباء بلا حدود إلى أن المجتمع في اليمن لا يزال يمارس التمييز ضد الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية والإيدز. إلّا أن الوصمة والتمييز قد تراجعا بشكل ملموس في بعض المرافق الصحية العامة، من ضمنها مستشفيات الجمهوري، والسبعين، والزبيري، والزهراوي، والعُلُفي، حيث أقامت السلطات الصحية اليمنية دورات تدريبية خلال السنة الماضية بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية.
ويقول الدكتور حميدان محمد حميدان، رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود في اليمن: "أدى النقص في المعرفة بشأن فيروس نقص المناعة البشرية والجوانب الثقافية المتعلقة به إلى التمييز ضد مرضى الفيروس. كما أن المواضيع المتعلقة بفيروس نقص المناعة البشرية والإيدز ليست مدرجة بالكامل في مناهج الكليات الطبية في اليمن. لذا لا يملك معظم العاملين الطبيين المعرفة المناسبة عن الفيروس، ويخافون التعامل مع المرضى المصابين به؛ غير أننا نشهد تحسناً ملموساً وجب الإشارة إليه".
كما سُجل ارتفاع في عدد المرضى المسجلين في عيادة العلاج المضاد للفيروسات الرجعية في المستشفى الجمهوري في صنعاء، حيث تعمل المنظمة منذ بداية سنة 2010 بالتعاون مع البرنامج الوطني للإيدز. فبلغ عدد الأشخاص المسجلين في برنامج العلاج المضاد للفيروسات الرجعية 164 مريضاً في النصف الأول من سنة 2014 فقط، مقارنة مع 105 مريضاً سجلوا في البرنامج خلال سنة 2010. تشير هذه الأرقام إلى ارتفاع معدل تغطية العلاج بنسبة 115 في المئة خلال ثلاث سنوات. واستقبل المستشفى أيضاً عدداً أكبر من المرضى المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية والإيدز وصل في الأشهر التسعة الأولى من سنة 2014 إلى 25 مريضاً، مقارنة مع 14 مريضاً سنة 2013.
كما ارتفع عدد العمليات والولادات لدى المرضى المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية والإيدز سنة 2014 مقارنة مع السنوات السابقة.
يقول ناصر عبدوتم تغيير الاسم للحفاظ على خصوصية المريض وهو متزوج من امرأة مصابة بفيروس نقص المناعة البشرية بعد أن رفضت عدة مستشفيات استقبالها عندما كانت في مرحلة المخاض سنة 2008: "زرت مع زوجتي جميع المستشفيات العامة في صنعاء ومن ضمنها المستشفى الجمهوري. وعندما ذكرت إصابتها بفيروس نقص المناعة البشرية، قاموا بإخراجنا من المستشفى فوراً. فتوجهنا إلى مستشفى خاص ولم نفصح عن إصابتها بالفيروس ووَلدت هناك بشكل طبيعي".
لكن الوضع تغير سنة 2014 عندما حملت زوجة ناصر من جديد. وهو يقول: "تغير الوضع كثيراً هذا العام عندما خضعت زوجتي إلى عملية قيصرية في المستشفى الجمهوري. فلم تواجه أي تمييز عندما رافقتها إلى غرفة العمليات في المستشفى وأبلغت الطبيبة عن إصابتها بفيروس نقص المناعة البشرية. ووافقت الطبيبة على إجراء العملية لزوجتي، لكنها طلبت تأمين بعض وسائل الاحتياط مثل القفازات، والنظارات والملابس التي قامت منظمة أطباء بلا حدود بتوفيرها."
خدمات صحية مجانية للمرضى المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية والإيدز
ويضيف الدكتور حميدان: " أظهرت السلطات الصحية اليمنية التزاماً متزايداً تجاه المرضى المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية والإيدز. ويوفر النظام الصحي اليوم العلاج اللازم لفيروس نقص المناعة البشرية وإصابات العدوى الانتهازية إلى مئات المرضى في خمسة مواقع في اليمن. في هذا الصدد، تعمل منظمة أطباء بلا حدود مع البرنامج الوطني للإيدز لتحسين نوعية الرعاية الصحية المتوفرة."
منح قانون صادر سنة 2009 خدمات صحية مجانية للأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية ولحظ عقوبات جزائية على العاملين الصحيين الذين يمارسون التمييز ضد هؤلاء المرضى. ويقول الدكتور حميدان: "يجب على الحكومة أن تحرص على الترويج لهذا القانون الذي يحمي المرضى المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية والإيدز، وتطبيقه على جميع المستويات في البلاد. بالإضافة إلى ذلك، يجب على وزارة التربية إدراج المواضيع المتعلقة بفيروس نقص المناعة البشرية والإيدز في المناهج الدراسية الخاصة بكليات الطب في اليمن".
يواجه المجتمع الذي لا يعرف الكثير عن الفيروس، وطريقة انتقاله، وسبل الوقاية منه المشكلة نفسها. في هذا الصدد، تقوم منظمة أطباء بلا حدود بحملات توعية، وتوفر التدريبات اللازمة للعاملين الطبيين في مستشفيات عدة في صنعاء، وداخل المجموعات التي تعنى بالفيروس، وفي الجمعيات الخاصة بمرضى فيروس نقص المناعة البشرية والإيدز.
وعند بروز حالات تمييز ضد المرضى، تتعاون هيئة الدفاع عن مرضى فيروس نقص المناعة البشرية المؤلفة من البرنامج الوطني للإيدز ومنظمات غير حكومية دولية ومحلية للتأكد من حصول المرضى على العلاج والرعاية اللازمة، ومنع ممارسة التمييز ضدهم من قبل المجتمع.
تعمل منظمة أطباء بلا حدود مع البرنامج الوطني للإيدز في اليمن منذ سنة 2013، للمساعدة على الحد من الوصمة والتمييز ضد المرضى المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية. ويوفر البرنامج خدمات صحية في خمسة مواقع في المحافظات الخمس الرئيسية في البلاد، حيث يحصل 1,000 مريض على العلاج ضد فيروس نقص المناعة البشرية وأكثر من 1,700 مريض على العلاجات المجانية ضد إصابات العدوى الانتهازية. وتخطط المنظمة لتوسيع تعاونها مع البرنامج الوطني للإيدز ليشمل ميادين جديدة في المستقبل.