أجبرت أعمال العنف المنتشرة على نطاقٍ واسع في بوركينا فاسو نحو 840 ألف إنسان<a href="https://reliefweb.int/map/burkina-faso/burkina-faso-r-partition-des-personnes-d-plac-es-internes-par-districts-au-25-mars">موقع ريليف ويب</a> على الفرار من منازلهم خلال الأشهر القليلة الأخيرة. بلدة دجيبو هي بلدة في منطقة الساحل كان عدد سكانها في عام 2012 يبلغ 36 ألف نسمة، أصبحت اليوم تؤوي ما يزيد على 140 ألف شخصٍ من النازحين.
لقد جعل ذلك الحصول على الرعاية الطبية أمراً أصعب مما كان عليه في السابق. إذ تم إغلاق أكثر من مئة مركزٍ طبي في مختلف أنحاء البلاد في الأماكن المتضررة من أعمال العنف بينما تعمل مراكز أخرى بطاقتها الدنيا.
تعمل منظمة أطباء بلا حدود في قسم الجراحة وغرفة الطوارئ في مركز دجيبو الطبي منذ مارس/آذار 2018 حيث تساعد على تحسين تَوَفُّر وجودة خدمات الرعاية الصحية التخصصية لكلٍ من النازحين والمجتمعات المضيفة.
كما افتتحت المنظمة مركزين صحيين متطورين للرعاية الصحية الأساسية، يقدمان الاستشارات الطبية حول الملاريا واستشارات الحمل وتقوم أيضاً بتوزيع المياه النظيفة لمساعدة النازحين والمجتمعات المضيفة على تحمل الأوضاع التي يعيشونها.
مع تدهور الوضع الأمني في محيط دجيبو في الأشهر الأخيرة، ازدادت صعوبة وصول الناس الذين يعيشون في ضواحي المدينة إلى الخدمات الصحية. وللوصول إلى هؤلاء السكان دربت منظمة أطباء بلا حدود شبكةً من العاملين الصحيين المجتمعيين لمعالجة الأطفال دون سن الخامسة الذين يعانون من الأمراض المنتشرة كالملاريا والإسهال والتهابات المجرى التنفسي البسيطة.
حين تذهب إلى المركز الطبي يمكن أن تقضي النهار بأكمله منتظراً دورك للحصول على استشارةٍ طبية لأن هناك عدداً كبيراً من المرضى. ولكننا مع ذلك ممتنون لإمكانية الحصول على رعاية طبية.سلام، أحد المرضى الذين قدموا إلى مركز دجيبو الطبي مع ولديه
الاستعداد لموسم الأمراض في ظل انتشار فيروس كوفيد-19
تقدم الفرق الطبية التابعة لأطباء بلا حدود الخدمات الصحية الأساسية للسكان في كلٍ من بارسالوغو وكايا في مركز المنطقة الشمالية، وغايري وماتياكولي في المنطقة الشرقية وتيتاو وأوينديغو في الشمال.
وبالإضافة إلى دعم المركز الصحي الحضري في تيتاو، تدير منظمة أطباء بلا حدود عياداتٍ متنقلة لتقديم الرعاية الصحية لسكان المناطق النائية. وأحد أهم المشاكل الصحية التي تعاينها فرقنا الطبية هي الملاريا وهي مشكلة ستتفاقم على الأغلب أثناء موسم ذروة حالات الملاريا السنوي والذي يبدأ في يونيو/حزيران.
ويقول رئيس بعثة أطباء بلا حدود في بوركينا فاسو حسن مايكاي: "في العام الماضي كانت الملاريا هي المشكلة الصحية الأكثر شيوعاً لدى مرضانا. ونحن الآن نخشى حدوث الأسوأ مع اقتراب موسم ذروة تفشي الملاريا والذي يمتد بين مايو/أيار وأكتوبر /تشرين الأول، إذ أن العديد من المراكز الصحية قد أغلقت أبوابها، والناس محاصرون في أماكن لا يمكن الوصول إليها، وإمكانية وصولهم إلى الخدمات الصحية تبدو محدودة للغاية".
نخشى حدوث الأسوأ مع اقتراب موسم ذروة تفشي الملاريا والذي يمتد بين مايو/أيار وأكتوبر /تشرين الأول، إذ أن العديد من المراكز الصحية قد أغلقت أبوابها، والناس محاصرون في أماكن لا يمكن الوصول إليها، وإمكانية وصولهم إلى الخدمات الصحية تبدو محدودة للغاية.حسن مايكاي، رئيس بعثة أطباء بلا حدود في بوركينا فاسو
وفي الوقت ذاته يكافح سكان هذه المناطق للاستمرار في العيش في ظروفٍ معيشية غير مستقرة حيث يصعب الحصول على المياه أو على ما يكفي من الطعام. وفقاً لتقارير برنامج الغذاء العالمي فإن عدد السكان الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي يمكن أن يتضاعف من حوالي مليون بقليل إلى 2.1 مليون مع اقتراب الموسم السنوي للقحط الذي يحل في يونيو/حزيران .
لقد كان محصول العام الماضي شحيحاً أي أن الناس بالأصل في وضع هش وضعيف. بين شهري يناير/كانون الثاني ومارس/آذار، أي قبل بداية "موسم الجوع" بأشهر قليلة، عالجت فرقنا الطبية أكثر من 400 طفل مصابين بسوء التغذية في بارسالوغو وغايري وماتياكولي.
ويشرح مايكاي الأمر قائلاً، "في هذه الظروف غير المستقرة، وضمن نظامٍ صحيٍ منهك مع صعوبة في الوصول إلى السكان تجد المنظمات الإنسانية، ومن بينها أطباء بلا حدود، صعوبةً في الاستعداد للفترة الحرجة القادمة. كما سيجعل تفشي كوفيد-19 مهمتنا أصعب بكثير".
تكامل استجابة كوفيد-19 مع باقي الأنشطة
منذ أن أكدت بوركينا فاسو وقوع أول إصابة بفيروس كورونا في 9 مارس/آذار، شهدت البلاد زيادة سريعة في تفشي المرض في تسعة أقاليم من أصل 13 إقليماً.
وتستعد أطباء بلا حدود لدعم استجابة السلطات الصحية لمرض كوفيد-19 من خلال عدد من المبادرات تشمل التثقيف الصحي وتدريب الكوادر وتعزيز قدرة المرافق الصحية على إدارة ورعاية مرضى كوفيد-19.
ويشمل هذا إجراءات الوقاية من العدوى ومكافحتها وتخصيص مناطق لعزل المرضى. كما نستعد لدعم إدارة الحالات في العاصمة واغادوغو وقد بدأنا رعاية المرضى في مرفق مخصص في بوبو ديولاسو، ثاني أكبر مدن بوركينا فاسو.
علينا أن نوضح لجميع الجهات المعنية والمتبرعين أن أي استجابة ضد مرض كوفيد-19 يجب أن تكون متكاملة مع برامج صحية كبرى أخرى، بما فيها الحصبة والملاريا وسوء التغذية.حسن مايكاي، رئيس بعثة أطباء بلا حدود في بوركينا فاسو
وستكون إحدى أولويات فرق أطباء بلا حدود مواصلة أنشطتنا الطبية المعتادة في بوركينا فاسو، وفي الوقت ذاته التكيف مع التحديات الجديدة الناجمة عن التفشي. في فادا نغورما الواقعة في الإقليم الشرقي، على سبيل المثال، اضطر الفريق لتعليق أنشطته مؤقتاً وإعادة تنظيم حملة لقاح شاملة ضد الحصبة تبعاً لقوانين جديدة تخص التجمعات الكبيرة. وستُستأنَف حملة اللقاح في الأيام القادمة.
وفي غرب بوركينا فاسو، وهي منطقة متأثرة بالفعل بتفشي كوفيد-19، أكمل فريق من أطباء بلا حدود برنامج لقاح ضد الحصبة في منطقة موهون، حيث حصل على اللقاح أكثر من 72,000 طفل دون سن العاشرة في ديدوغو، وما يقارب 37,000 طفل دون سن الرابعة عشرة في بورومو.
ويؤكد ماياكي: "إن التوقف المؤقت للبرامج الوقائية كالوقاية الكيميائية ضد الملاريا الموسمية أو لقاحات الحصبة قد تؤدي إلى تفشيات جديدة. علينا أن نوضح لجميع الجهات المعنية والمتبرعين أن أي استجابة ضد مرض كوفيد-19 يجب أن تكون متكاملة مع برامج صحية كبرى أخرى، بما فيها الحصبة والملاريا وسوء التغذية".
"قريباً ستؤثر الصدمات الموسمية كفترة نقص الغذاء وذروة الملاريا الموسمية في الناس في أنحاء بوركينا فاسو، وبالأخص الأطفال الصغار. يجب أن نكون مستعدين بالكامل لوضع ما بعد كوفيد-19، إذ أن تداعياته غير المباشرة قد تؤدي إلى مرحلة جديدة من الأزمات الطارئة إذا لم تُلبى الاحتياجات الأساسية".
تعمل منظمة أطباء بلا حدود في بوركينا فاسو منذ عام 1995. وقد كانت فرق المنظمة حاضرة في دجيبو منذ عام 2018 حيث تدعم قسم الطوارئ في المركز الطبي. وفي عام 2019 زادت أطباء بلا حدود من حجم أنشطتها في أنحاء البلد. تعمل فرقنا الآن في بارسالوغو وفي كايا وعلى وشك بدء أنشطة في كونغوسي. كما تواصل أطباء بلا حدود مساعدتها للناس في تيتاو، ووينديغي، وماتياكولي، وغايري، وناغاري، وفادا نغورما. في مارس/آذار إثر وقوع هجمات في إقليم ياتينغا بدأت فرقنا تقديم الاستشارات الطبية والماء لآلاف الناس الذين التجأوا إلى واهيغويا، عاصمة الإقليم الشمالي.