Skip to main content
Domiz refugee camp

تداعيات الحرب: يوم في حياة النزاع السوري

نيويورك - أطلقت المنظمة الطبية الإنسانية الدولية أطباء بلا حدود اليوم وثائقي متعدد الوسائط يحمل عنوان "تداعيات الحرب"، يبرز يوم في حياة النزاع القائم في سوريا، من منظار العاملين الطبيين والمرضى واللاجئين.

دخلت الحرب في سوريا سنتها الرابعة، وقد أودت بحياة أكثر من 150,000 شخص، وهجّرت أكثر من تسعة ملايين شخص، ثلثهم نزح عن البلد. وعلى الرغم من هول هذه الأرقام، إلا أنها تخفق في نقل مدى النزاع والوقع المستمر على حياة الأفراد. ومن خلال التركيز على يوم واحد، تظهر "تداعيات الحرب" قسوة النزاع السوري والكم الهائل للاحتياجات الطبية الواجب تلبيتها في كل لحظة في مواقع مختلفة وفي آن واحد.

وتقول الدكتورة جوان ليو، الرئيسة الدولية لمنظمة أطباء بلا حدود: "الحرب طاحنة لدرجة أنه من السهل نسيان وقعها على السوريين كأفراد. وخلال عملي في سوريا نهاية العام المنصرم، رأيت أطفالاً أصيبوا بجروح من جراء انفجارات، وآخرون عانوا من أمراض يمكن الوقاية منها، وعائلات من دون مأوى لائق، ونساء لم يستطعن إنجاب أطفالهن في بيئة آمنة. وبشكل عام، نشعر كلنا بنقص في الإنسانية عندما نتحدث عن سوريا، إذ نتناول عادة الأرقام. ويبرز هذا المشروع الوقع الشخصي لنزاع قاس وعنيف".

وتنقل أفلام قصيرة ومقالات مصورة وتقرير سردي الأبعاد الشخصية للنزاع، كما يعيشها المرضى من اللاجئين السوريين، وأفراد الفريق المعالج لهم التابع لمنظمة أطباء بلا حدود. وكان من المستحيل توثيق هذه القصص داخل سوريا جراء انعدام الأمن السائد.

وخلال إنتاج "تداعيات الحرب"، تعاونت منظمة أطباء بلا حدود مع مصورين فوتوغرافيين ومصورين فيديو حائزين على جوائز عالمية، لا سيما كايت بروكز، ويوري كوزيريف، ومويسيس سامان، ودانيل إتير، وتون كوين. وفي أواخر السنة الماضية، زاروا عيادات ومستشفيات منظمة أطباء بلا حدود في أماكن إقامة اللاجئين في دوميز في العراق، وسهل البقاع في لبنان، والرمثا وعمّان في الأردن، من أجل توثيق ظروف العيش والعمل الذي أُنجز خلال يوم واحد.

ويمنح كل موقع لمحات حول التحديات والعوائق والهواجس اليومية التي تواجه النازحين السوريين، كما تسمح قصصهم بالاطلاع على الوضع داخل سوريا.

وفي مدينة الرمثا شمال الأردن، يصل سوريون – بمن فيهم أطفال - مصابون إصابات بالغة بشكل مستمر إلى برنامج جراحة الإصابات البالغة التابع لمنظمة أطباء بلا حدود. وتبعد البلدة خمسة كيلومترات فقط عن الحدود السورية، ما يسمع بسماع الانفجارات الحربية. ويصل خبر وصول ثلاثة مصابين إصابات خطرة، فيقطع الدكتور حيدر علوش، وهو جراح يعمل مع منظمة أطباء بلا حدود ولاجئ عراقي سابق، جلسة تدريب للتحضير للعمليات. ويشير إلى "أن العمل يتطلب الكثير، غير أن الأهم هو ما يحتاج إليه المريض اليوم، إذ أن ذلك لا يحتمل التأجيل إلى الغد أو إلى الأسبوع المقبل".

وفي مخيم اللاجئين المكتظ في دوميز في شمال غرب العراق، والذي يضم ما لا يقل عن 60,000 لاجئ سوري، ينتظر العشرات دور معاينتهم في غرفة الانتظار خارج عيادة منظمة أطباء بلا حدود. ويقول الدكتور مصطفى خليل، وهو لاجئ سوري يعمل مع منظمة أطباء بلا حدود: "يتكرر المشهد نفسه كل صباح". وتتبعه آلة التصوير خلال يوم حافل في معالجة المرضى، كما تتبع الكاميرا عاملتين صحيتين في مسيرتهما بين الخيم المتلاصقة، وهما تزوران العائلات لإعلامها بالخدمات الصحية المتوفرة.

أما في سهل البقاع، فاللاجئون السوريون مشتتون، يبحثون عن مأوى حيثما توفر، أكان في خيمة أو مدرسة مهجورة. وتتنقل حنان الحجيري، وهي عاملة صحية تعمل مع منظمة أطباء بلا حدود، في المنطقة من أجل الاطلاع على الشروط الطبية السائدة ومن أجل مشاطرة المعلومات حول الخدمات التي تقدمها المنظمة في عيادة محلية. وتقول حنان: "أنا حامل، لذا أتعاطف بشكل أفضل مع وضعهن"، في إشارة إلى النساء اللواتي تلتقي بهن. وتضيف: "عندما أخبرتني امرأة أن وليدها توفي، كان الوضع في غاية الصعوبة. تصورت نفسي في الوضع عينه".

وفي مشروع الجراحة التقويمية التابع لمنظمة أطباء بلا حدود في العاصمة الأردنية عمّان، مزقت شظية ساق أحد مرضى الدكتور أشرف البستنجي منذ أكثر من ستة أشهر. وتم علاج المريض في سوريا من قبل طبيب أسنان، الطبيب الوحيد المتوفر في ذلك الحين. وعلى الطبيب في بعض الأحيان تصويب أمل المرضى بشفاء سريع.

ويشير مويسيس سامان، وهو مصور من وكالة ماغنوم عمل على المشروع في لبنان: "ما التقطناه في يوم واحد ليس إلا عينة بسيطة عن الثمن الإنساني المتنامي للنزاع السوري. وفي يوم واحد، يمكنك لمس العذاب الهائل الذي تسببه الحرب في سوريا، من دون أن يغيب عن بالك أنه ليس سوى يوم واحد في نزاع يدوم منذ أكثر من ثلاث سنوات، من دون أي خاتمة له في المدى المنظور".

والجدير بالذكر أن منظمة أطباء بلا حدود بدأت العمل في سوريا بعيد اندلاع الحرب. ودعمت أولاً المرافق الطبية من خلال التبرع بالأدوية والمواد، ومن ثم أطلقت مرافقها الخاصة حيثما كان الأمر ممكناً. وسعت المنظمة إلى الحصول على موافقة الحكومة في دمشق من أجل العمل في سوريا، ولكنها لم تفلح في ذلك. وأنشأت الفرق الصحية مشاريع في المناطق الخاضعة للمعارضة، وبشكل خاص في المناطق الحدودية الشمالية للبلاد. كما أطلقت المنظمة برامج طبية وإنسانية واسعة النطاق للاجئين السوريين في البلدان المجاورة.

ونظراً لشراسة المعارك وانهيار النظام الطبي السوري الذي كان معروفاً بفعاليته، باتت الاحتياجات الملحة لا تحصى ولا تعد، خاصة في ظل استهداف المستشفيات والعاملين الصحيين في سوريا.

وكان من المخطط إطلاق "تداعيات الحرب" في يناير/كانون الثاني 2014، إلا أن الأمر تأجل بعدما تم أخذ أعضاء من فريق منظمة أطباء بلا حدود من قبل مجموعة مسلحة في شمال سوريا يوم 2 يناير/كانون الثاني. إذ كانوا يعملون في مستشفى تديره منظمة أطباء بلا حدود لتوفير الرعاية الصحية الأساسية للسكان المتضررين جراء النزاع. وأطلق سراح ثلاثة من الأفراد المأخوذين في 4 أبريل/نيسان، فيما أطلق الاثنان المتبقيان يوم 14 مايو/أيار.

وتقول الدكتورة ليو: "يكمن التحدي الأساسي في سوريا في توفير المساعدات الآمنة من دون تعريض فرقنا أو مرضانا إلى مخاطر داهمة. والحقيقة هي أننا لا نستطيع الوصول إلى أغلب المدنيين. فنسعى إلى تقديم الرعاية إلى المرضى الذين هم في أمس الحاجة إليها والذين نستطيع الوصول إليهم".

منذ يونيو/حزيران 2012، تدير منظمة أطباء بلا حدود مستشفيات ومراكز صحية في جميع أرجاء الشمال السوري. وأجرت هذه المرافق 10,151 عملية جراحية، و63,440 مداخلة في غرفة الطوارئ، و109,214 استشارة خارجية، و2,373 ولادة ناجحة. كما تدعم المنظمة 48 مستشفى و38 مركزاً طبياً تديرها الشبكات الطبية السورية في سبع محافظات.

ويشكل انعدام الاستقرار تحدياً في توفير الخدمات الطبية مباشرة، وفي الوقت الذي تقوم فيه المنظمة بحصر بعض أنشطتها، غير أنها ما زالت تعطي الأولوية التامة للمساعدات المباشرة أينما كان ذلك ممكناً. وفي كل من العراق والأردن ولبنان، تدير المنظمة مشاريع طبية واسعة النطاق للاجئين السوريين، وقد أجرت أكثر من 500,000 استشارة طبية حتى الآن.

المقال التالي
سوريا
بيان صحفي 23 ديسمبر/كانون الاول 2015