Skip to main content
Collective Shelter for IDPs in Saida, South Lebanon

خمسة أشهر من التصعيد على الحدود الجنوبية وازدياد في احتياجات النازحين

أسفرت خمسة أشهر من النزاع المسلح على طول الحدود الجنوبية للبنان عن مئات الوفيات وتسببت في اضطرابات هائلة في حياة السكان، مما أجبر أكثر من 91,000 شخص على إجلاء منازلهم، الأمر الذي أثقلهم بأعباء مادية كبيرة وأثّر بشكل كبير على استقرارهم المالي وسلامتهم النفسية.

وقد بدأ تبادل إطلاق النار عبر الحدود بين القوات الإسرائيلية وحزب الله ومجموعات أخرى في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023 ولا مؤشرات حتى الآن على وقف مرتقب لإطلاق النار، بل اتسعت رقعة النزاع مؤخرًا إلى شمال شرق لبنان عندما قصفت القوات الإسرائيلية محافظة بعلبك الهرمل. 

ترك عديد من النازحين منازلهم من دون أن يأخذوا معهم أي ممتلكات، وهم يعانون الآن للحصول على الاحتياجات الأساسية مثل الطعام والبطانيات. تعيش أكثر من 60 عائلة في فندق مهجور حُوِّل إلى مأوى في المروانية، والتي تقع  على بعد حوالي 60 كيلومترًا من الحدود.

أنشطة أطباء بلا حدود في لبنان
تقيم حاليًا أكثر من 60 عائلة من بلدات مختلفة في جنوب لبنان في فندق مهجور حُوّل إلى مأوى في المروانية، بالقرب من صيدا، والذي أصبح الآن بمثابة أكبر مأوى جماعي للنازحين. لبنان، في فبراير/شباط 2024.
MSF/Maryam Srour

حاورنا أحد القاطنين في المأوى واسمه علي حمود، وهو حلاق وأب لثلاثة أطفال من بلدة رب الثلاثين. حدثنا وهو يغالب دموعه عن مأساة عائلته، "تعرض ابني الأكبر لثلاثة انهيارات نفسية. نحن ننام ونستيقظ ونعيد الكرّة كل يوم. نخشى من أن يعاني أطفالنا من مشاكل نفسية بسبب هذا الوضع. ذلك أن الروتين نفسه، يومًا بعد يوم، يمثل عبئًا أثقل على الأطفال من الكبار."

تقدم فرق من أطباء بلا حدود الإسعافات النفسية الأولية للنازحين من المنطقة الحدودية.

وفي هذا الصدد، تحذر مديرة أنشطة الصحة النفسية في أطباء بلا حدود، فيليسيتاس شتاينهوف، من الأثر النفسي للتهجير المطول، "نحن نشهد زيادة في حالات الاكتئاب واضطرابات القلق. فيما يتعلق بالصحة النفسية، أعتقد أن الناس قادرون على التعامل بشكل جيد مع الضغوطات لفترة قصيرة، ولكننا هنا نرى عائلات هُجِّرت من بيوتها لأكثر من خمسة أشهر والتي تقاسي الكثير من عدم اليقين حول موعد عودتها أو حتى إمكانيتها".

تعرض ابني الأكبر لثلاثة انهيارات نفسية. نخشى من أن يعاني أطفالنا من مشاكل نفسية بسبب هذا الوضع. ذلك أن الروتين نفسه، يومًا بعد يوم، يمثل عبئًا أثقل على الأطفال من الكبار. علي حمود، نازح من جنوب لبنان

كذلك يقدم فريق طبي متنقل من أطباء بلا حدود الرعاية للأشخاص الذين يعانون من الأمراض المزمنة ويجري زيارات منتظمة إلى عيادة في محافظة النبطية، قرب الحدود، حيث قدم الفريق 373 استشارة منذ بداية عام 2024 في كلا الموقعين.

تخبرنا مناهل رمّال، التي أجلت منزلها في بلدة عديسة الحدودية في 8 أكتوبر/تشرين الأول، إن الأطفال والشباب هم الأشد معاناة. وتقول في هذا الصدد، "يجلس بيننا الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و20 عامًا من دون أي فكرة عما سيفعلون. مستقبلهم ضاع. ضاع مستقبل الشباب".

تدرس ابنة مناهل في بيروت لحسن حظها، لكن مناهل غير قادرة على زيارتها هناك بسبب تكلفة النقل المرتفعة. كانت مناهل تعاني أساسًا لتأمين قوت يومها قبل الأزمة الحالية، شأنها شأن كثر في جميع أنحاء لبنان، إلا أن التهجير قد فاقم مشاكلها المالية.

يعاني لبنان من أزمة اقتصادية حادة في عامها الرابع،  ما دفع ثلثي سكانه إلى الفقر. هذا وأثر العنف الحالي بشكل كبير على سبل عيش كثيرين أو تسبب حتى بشلّها، مما جعلهم غير قادرين حتى على تلبية الاحتياجات الأساسية.

أنشطة أطباء بلا حدود في لبنان
ـُجري مديرة أنشطة الصحة النفسية والمثقف في مجال الصحة المجتمعية في أطباء بلا حدود جلسة مفتوحة حول الصحة النفسية لمجموعة من النساء النازحات في مأوى جماعي بالقرب من صيدا. لبنان، في فبراير/شباط 2024.
MSF/Maryam Srour

لجأ علي في البداية إلى بيروت، ولكن بعد نفاد مدخراته، انتقل إلى المأوى في المروانية. فيقول، "تركنا منازلنا بلا شيء سوى القمصان التي نرتديها. وخلال الهدنة [التي دامت أربعة أيام في نوفمبر/تشرين الثاني 2023]، عدنا لأخذ بعض الضروريات والملابس فقط للدفء... كان لدي بعض المدخرات، لكنها نفدت كلها. بقيت في بيروت لمدة شهرين وأنفقت كل مالي قبل أن أنتقل في النهاية إلى هذا المأوى".

وجدت العائلات الملتجئة بعض الدفء والأمان بين جدران الفندق المهجور، إلا أنها وبشكل واضح، شأنها شأن آلاف النازحين الآخرين في جميع أنحاء لبنان، بحاجة إلى مساعدة شاملة ومستدامة فيما تواجه مستقبلًا غامضًا.

ويضيف علي، "إذا التقيت بجني المارد في هذه اللحظة، لكنت تمنيت أن أعود إلى قريتي. ليس في متناولنا حل، والله وحده يعلم إلى أين نحن متجهون".

المقال التالي
فلسطين
بيان صحفي 6 سبتمبر/أيلول 2024