Skip to main content
Condemned to drown at sea or be locked up in Libya

رسالة مفتوحة إلى الأمم المتحدة حول وضع اللاجئين والمهاجرين العالقين في ليبيا

رسالة مفتوحة إلى المبعوث الخاص ورئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة

السيد غسان سلامة المحترم،

خلال مقابلة إعلامية أخيرة أجريت معكمقابلة حصرية مع قناة فرنسا 24 الإنكليزية بتاريخ 21 نوفمبر 2018. متوفرة على الإنترنت: https://www.france24.com/en/f24-interview/20181121-libya-united-nations-envoy-ghassan-salame، تطرَّقت إلى وضع نحو 90 لاجئاً ومهاجراً كانوا على متن السفينة التجارية "نيفين".

بعد إنقاذ هؤلاء الأشخاص في البحر المتوسط من قبل طاقم السفينة، أعيدوا إلى ليبيا، وعند وصولهم إلى ميناء مصراتة يوم 10 نوفمبر/تشرين الثاني رفضوا النزول.

بعدها بعشرة أيام، يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني، قامت قوات الأمن الليبية باقتحام السفينة وأنزلت جميع من عليها بالقوة.

وقد أشرتَ إلى المفاوضات التي جرت بين هيئات الأمم المتحدة وأطباء بلا حدود مع الأشخاص الذين كانوا على متن السفينة، والذين بدا أنك اعتبرتهم "منقسمين" ومسؤولين جزئياً عن اقتحام السفينة بسبب عنادهم الناجم عن وضعهم الاضطراري والتمسك بحقوقهم.

وقد صرَّحتَ بأنك "تمكنت من استخراج 14 شخصاً بسلام" مشيراً بذلك إلى مجموعة من الأشخاص فضَّلوا بعد أربعة أيام من المواجهات الحادة النزول طواعيةً من السفينة الراسية.

إغفال كلّ مَن يحاول فهم ما حصل

وكونك لم تأتِ على ذكر أنه بعد نزول هؤلاء الأشخاص الأربعة عشر – وبينهم أم وطفلها ذو الأربعة أشهر ويافعون وأشخاص لديهم إصابات طفيفة – تم أخذهم من سفينة الشحن إلى مركز احتجاز مازالوا فيه حتى هذا اليوم.

وقد كان إغفال ذلك الأمر إغفالاً غير قليل بالنسبة لكل من يحاول فهم ما حدث في مصراتة وفهم الواقع الغاشم الذي ينتظر الذين يتم إرجاعهم إلى ليبيا سواءً ممن يتم اعتراضهم في البحر أو إنقاذهم منه.

لم تلعب فرقنا العاملة في مصراتة أي دور تفاوضي مع اللاجئين والمهاجرين على متن السفينة. ناهيك عن محاولة إقناعهم بأن البقاء إلى أجل غير مسمى في أحد مراكز الاحتجاز الرسمية في ليبيا سيكون الحل لمحنتهم. 

دورنا كان تقديم الرعاية الطبية. وبين الحادي عشر والثامن عشر من نوفمبر/تشرين الثاني تفاوضنا مع خفر السواحل الليبي ومع قوات أخرى كانت حاضرة كي نتمكن من الوصول إلى سفينة نيفين الراسية وتقديم العلاج الطبي للذين على متنها. قدمنا أكثر من 90 استشارة كانت معظمها لمعالجة حروق ناجمة عن مزيج الوقود المتسرب وماء البحر، إضافة إلى أمراض جلدية وآلام عامة.

كما أخطرنا السلطات الليبية والمنظمات الدولية حيال ضرورة تقديم حل للوضع لضمان أن لا يكون العنف والاحتجاز هو كل ما ينتظر هؤلاء الأشخاص، لكن مساعينا لم تلقَ آذاناً صاغية.

يأسٌ ومعاناة 


قبل بدء عملية إنزال الركاب القسري في 20 نوفمبر/تشرين الثاني، كنا على متن السفينة نرى بأعيننا يأس وضعف هؤلاء الناس.

 لقد مرُّوا بفترات احتجاز في ليبيا تراوحت بين بضعة أشهر إلى عدة سنوات في مراكز احتجاز رسمية تابعة لوزارة الداخلية حيث يقبع حالياً أكثر من 5 آلاف لاجئ ومهاجر ليس للمنظمات الدولية كمنظمتنا سوى وصول محدود إليهم.

وآخرون احتُجزوا في أماكن سرية يديرها مهربو بشر يستخدمون التعذيب لابتزاز أكبر قدر ممكن من المال من الأسرى المحتجزين لديهم ومن عائلات هؤلاء الأسرى. إن الندبات التي رأتها فرقنا الطبية على العديد من المرضى على متن السفينة تشهد على مستويات العنف البالغة التي عايشوها.

وتضاف المعاناة التي شهدوها في الحجز إلى ما تعرضوا له من خطر واستغلال وإساءة على طول خط رحلتهم.

بضعة عشر شخصاً منهم مسجلون كلاجئين لدى مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين وبعضهم أطفال في سن الثالثة عشرة.

هم أيضاً ناجون من عبور البحر الذي زاد فيه خطر الموت أضعافاً بسبب الخطة التي دُبِّرَت من قبل إيطاليا ودول أوروبية أخرى ونُفِّذَت بالتعاون مع خفر السواحل الليبي من أجل إعادة أكبر عدد ممكن من هؤلاء الناس في ليبيا. 
 

إن هؤلاء أشخاص ما كان ينبغي أن تتم إعادتهم إلى ليبيا ، وبرفضهم أن يعودوا مجدداً إلى سجون ليبيا إنما هم يتمسكون بحقوقهم – حق الهرب وطلب الحماية والنزول في مكان يمكن معاينة مطالبهم فيه ولا تكون حياتهم فيه معرضة للخطر. وليام هينيكوين

الامتناع عن تقديم المساعدات المنقذة للحياة

ومن حينها أغلقت إيطاليا ومالطا موانئهما في الصيف، وبدأ عدم تقديم المساعدة المنقذة للحياة يجد أرضية له في البحر المتوسط، حيث باتت السفن التجارية تختار الإبحار بعيداً عن القوارب المطاطية الهائمة تجنباً لبقائها عالقة في البحر أو لأن تضطر لإعادة الأشخاص الذين أنقذتهم إلى ليبيا في انتهاك لقانون الملاحة البحرية الدولي والقوانين الدولية الإنسانية. وقد أفادت مجموعة اللاجئين والمهاجرين هؤلاء أن ما لا يقل عن ست سفن تفادتهم قبل أن تقترب منهم سفينة نيفين.

إن هؤلاء أشخاص ما كان ينبغي أن تتم إعادتهم إلى ليبيامفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين، موقف المفوضية من الإعادة إلى ليبيا (التحديث 2)، سبتمبر 2018. متوفر على الإنترنت: https://www.refworld.org/docid/5b8d02314.html، وبرفضهم أن يعودوا مجدداً إلى سجون ليبيا إنما هم يتمسكون بحقوقهم – حق الهرب وطلب الحماية والنزول في مكان يمكن معاينة مطالبهم فيه ولا تكون حياتهم فيه معرضة للخطر. ما الذي فعلته الوكالات المكلَّفة بضمان حماية هذه الحقوق خلال الأزمة التي استمرت لعشرة أيام أو نحو ذلك؟

قلتم بأن مركز الاستقبال والعبور الذي تديره مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والذي مازال ينتظر أن يفتح أبوابه في طرابلس منذ أشهر، لم يكن جزءاً من الحلول. وقد قلتَ مقابلة حصرية مع قناة فرنسا 24 الفرنسية بتاريخ 21 نوفمبر 2018. متوفرة على الإنترنت: https://www.france24.com/fr/lentretien-france-24/20181121-ghassan-salame-envoye-special-onu-libye-migrants-elections-securite?ref=tw_i أنه "لا يوجد هنالك ارتباط بين المركز وبين هذه الحادثة الصغيرة". إذاً لماذا نوقش مركز العبور إذا لم يكن يُعتبر خياراً ممكناً؟ وقد افتُتح المركز بعد أسبوعين من الهجوم على السفينة، وبحلول ذلك الوقت كنتم قد استبعدتم مسبقاً دوره في تقديم مخرج ممكن للأشخاص الذين على السفينة.

الناجون محتجزون الآن في مراكز الاحتجاز الرسمية، أو لدى الشرطة أو في مرافق مشابهة، بينما هنالك آخرون أيضاً في المراكز الطبية. بعضهم يواجه تهماً في ليبيا بالقرصنة. ولا يتوفر لدينا سوى القليل من المعلومات عن أوضاعهم ولا يُسمح لنا بزيارتهم أو تقديم الرعاية الطبية لهم، بما في ذلك متابعة حالات من عالجناهم على متن سفينة نيفين.
 

إن هذا الأمر أكثر من مجرد "حادثة"، فالإخفاق الذي تكلل بالهجوم العنيف أظهر استحالة تقديم الحماية للاجئين والمهاجرين في ليبيا، والتي يحتاجونها بشدة. وليام هينيكوين

إن كل ما تقدَّم يوضح إحجامنا عن تصديقك عندما تؤكد على أن الجرحى، بعد مرورهم بكل ما مروا به، "بصحة جيدة". فالتجارب التي عايشوها كانت مروعة وتضاف إلى كل ما عانوه في ليبيا وما عانوه أثناء رحلاتهم. 

بعد اقتحام السلطات لسفينة نيفين، شاهدنا سيارات إسعاف تغادر منطقة الميناء مسرعةً لكن العدد الدقيق للجرحى غير واضح. تشير معلوماتنا إلى أن أربعة أشخاص على الأقل نُقِلوا إلى المستشفى نتيجة إصابات بالرصاص. وحتى الرصاص المطاطي يمكن أن يسبب إصابات خطيرة إذا ما أُطلق من مسافة قريبة.

إن هذا الأمر أكثر من مجرد "حادثة"، فالإخفاق الذي تكلل بالهجوم العنيف أظهر استحالة تقديم الحماية للاجئين والمهاجرين في ليبيا، والتي يحتاجونها بشدة. وإن للسياسات الأوروبية التي يتم تنفيذها بالتعاون مع السلطات الليبية من أجل إعادة أكبر عدد ممكن إلى ليبيا عواقب كارثية تشهدها فرقنا كل يوم. 


حان الوقت لأن نطالب دون مواربة بوقف هذه السياسة الباطلة وأن تستخدم الأمم المتحدة كل الوسائل المتاحة لتحقيق تقدم ملموس حيال طرق حماية اللاجئين والمهاجرين العالقين في ليبيا وتعزيز آليات الإجلاء القائمة خارج البلد. 

وليام هينيكوين 
أطباء بلا حدود - باريس
المسؤول عن عمليات أطباء بلا حدود في ليبيا وفرنسا وتشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى
 

المقال التالي
ليبيا
تصريح 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2018