Skip to main content
Vaishnavi's mother, Vishakha prepares TB medication

أطباء بلا حدود تطلق مشروعا غير مسبوق لعلاج السل لدى الأطفال

يعد مرض السل آفة صامتة في صفوف الأطفال، إذ يتوفى طفل واحد كل ثلاث دقائق جراء مرض السل كما أنّ أكثر من نصف الأطفال المصابين بالسل لا يتم تشخيصهم على الإطلاق. وفي هذا السياق، اغتنمت منظمة أطباء بلا حدود فرصة الإعلان عن مجموعة التوصيات الجديدة الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، وأطلقت مشروعًا عالميًا يهدف إلى زيادة عدد الأطفال الذين يتم تشخيص إصابتهم بالسل وكذلك تحسين تجربة علاجهم ومنع حدوث إصابات جديدة.

وستدعم هذه المبادرة غير المسبوقة المسماة TACTIC "فحص وتجنُّب وعلاج السل لدى الأطفال" المشاريع في تنفيذ هذه التوصيات الجديدة في أكثر من اثني عشر بلدًا في إفريقيا وآسيا. وبالإضافة إلى ذلك، يهدف المشروع إلى المساهمة في بناء المعرفة من خلال العديد من الدراسات متعددة البلدان حول صحة التوصيات وإمكانية تطبيقها، مع الدعوة إلى تنفيذها على نطاق واسع وتطوير أدوات أفضل لتشخيص مرض السل لدى الأطفال.

أنشطة أطباء بلا حدود في الهند
فايشنافي هي طفلة مريضة بالسل المقاوم للأدوية تبلغ من العمر سبع سنوات، تتناول دواء السل. الهند، في مارس/آذار 2022.
Prem Hessenkamp

مرض السل لدى الأطفال: الحقائق المخيفة

ويستند مشروع TACTiC الذي أُطلق في نهاية عام 2023 إلى ملاحظة مخيفة: إنّ معظم الأطفال المصابين بالسل لا يتلقون التشخيص أبدًا، كما أنّ 96 في المئة من الأطفال الذين يتوفون جراء السل لم يتلقوا العلاج المناسب أبدًا. وتعدّ أسباب نقص تشخيص السل لدى الأطفال متعددة العوامل، فقد يتردّد الأطباء في بدء علاج طويل الأمد للسل لدى الأطفال من دون وجود اختبار يؤكد التشخيص.

فلسوء الحظ، يصاب الأطفال بالمرض بمستويات منخفضة من البكتيريا المسببة للسل، وهذا يعني أن الاختبارات الحالية المتاحة لتشخيص السل غير قادرة على تأكيد وجود الجراثيم المسببة للمرض. بالإضافة إلى ذلك، فقد طُوّرت الاختبارات المتاحة حاليًا للبالغين، وفي حين أنّها تعتمد غالبًا على عينات مثل البلغم، يصعب على معظم الأطفال إخراجه عن طريق السعال.

ويضاف إلى هذه العوائق الافتقار إلى الموارد البشرية اللازمة لفحص السل وتشخيصه في العديد من مرافق الرعاية الصحية الأساسية، فضلاً عن الافتقار إلى الوصول إلى أدوات التشخيص مثل الأشعة السينية والاختبارات الجزيئية. كما يعدّ التأخّر في تشخيص السل لدى الأطفال أمرًا شائعًا، وبما أن الأطفال هم الأكثر عرضة للإصابة بأخطر أشكال السل، فإن هذا التأخّر غالبًا ما يكون مميتًا.

يمكن أن تكون التوصيات الأخيرة الصادرة عن منظمة الصحة العالمية بشأن تشخيص مرض السل لدى الأطفال بمثابة نقطة تحول في زيادة عدد الأطفال الذين يتم تشخيصهم ووضعهم على المسار العلاجي الصحيح. د. كاثي هيويسون، رئيسة مجموعة عمل أطباء بلا حدود المعنية بالسل

زيادة تشخيص السل لدى الأطفال

في هذا السياق، تقول رئيسة مجموعة عمل أطباء بلا حدود المعنية بالسل، الدكتورة كاثي هيويسون، "يمكن أن تكون التوصيات الأخيرة الصادرة عن منظمة الصحة العالمية بشأن تشخيص مرض السل لدى الأطفال بمثابة نقطة تحول في زيادة عدد الأطفال الذين يتم تشخيصهم ووضعهم على المسار العلاجي الصحيح. فهي تزوّد الأطباء وبرامج السل بالثقة لاتخاذ قرار علاج السل لدى الأطفال باستخدام العلامات والأعراض السريرية من دون الاعتماد على نتائج الفحوصات المختبرية أو الأشعة السينية إذا لم تكن متاحة أو عندما تكون نتائج الاختبار سلبية".

وتضيف، "إن تنفيذ هذه الخوارزميات البسيطة لاتخاذ القرارات العلاجية من شأنه أن يساعد الأطباء وبرامج مكافحة السل الوطنية في تشخيص وعلاج المزيد من الأطفال. وقد أظهرت تجاربنا الأولية في المشاريع التجريبية أن عدد الأطفال الذين تم تشخيص إصابتهم بالسل يمكن أن يتضاعف خمسة أضعاف بفضل هذه التوصيات الجديدة. ومع ذلك، فإن التوصيات الجديدة لا تُطبّق على نطاق واسع حتى الآن، لذا فهناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به".

يهدف مشروع TACTiC إلى مساعدة مشاريع وفرق أطباء بلا حدود، وخصوصًا تلك غير المتخصصة في إدارة مرض السل، في البدء بتنفيذ التوصيات الجديدة لمنظمة الصحة العالمية واستخدام خبراتها لتعزيز عملية توسيع نطاقها داخل منظمة أطباء بلا حدود وخارجها.

وتُردف هيويسون، "من المؤكد أنه من الأفضل أن يكون بحوزتنا اختبارات تشخيصية بسيطة وموثوقة وغير مكلفة وسهلة المنال للكشف عن السل لدى الأطفال. ولكن، في ظل غياب هذه الاختبارات، ندعو إلى زيادة هائلة في الموارد اللازمة للبحث والتطوير لإيجاد اختبارات جديدة ومكيفة لتشخيص السل لدى الأطفال".

أنشطة أطباء بلا حدود في الهند
براشي، ممرضة في منظمة أطباء بلا حدود، تجري فحصًا جسديًا لفيدانت، شقيق فايشنافي، مريضة السل المقاوم للأدوية البالغة من العمر سبع سنوات. الهند، في فبراير/شباط 2022.
Prem Hessenkamp

ما بعد التشخيص: نهج يركز على المريض

لا يهدف برنامج TACTiC إلى تحسين تشخيص مرض السل لدى الأطفال فحسب، بل يهدف أيضًا إلى علاج مرض السل والوقاية منه ضمن هذه الفئة العمرية المعرضة للخطر.

وقد أوصت منظمة الصحة العالمية باتباع نهج يركز على المريض في علاج السل لدى الأطفال. واستنادًا إلى نظام النقاط المستمدة من تقييم أعراض الطفل، فإن التوصيات الجديدة تمكّن من الكشف المبكر عن المرض وبدء العلاج في أسرع وقت، فعند تجاوز حد معين من النقاط، يوصى ببدء العلاج المناسب ضد السل. وبالنسبة للمرضى الذين يعانون من أشكال السل غير الحادة، يمكن اعتماد علاج  موصى به حديثًا لمدة أربعة أشهر باستخدام التركيبات الصديقة للأطفال نفسها والمتوفرة على نطاق.

يُشكّل النظام العلاجي الذي يستغرق شهرين أقلّ من النظام العلاجي المعتمد راحة كبيرة بالنسبة للأطفال والأسر، إذ يقلّل من تكاليف السفر ووقت المتابعة، فضلاً عن تحسين تجربة العلاج للطفل.

غالبًا ما يصاب الأطفال دون سن الخامسة الذين يعيشون في أماكن قريبة من البالغين المصابين بالسل ويعدّون عرضة بشكل كبير لخطر الإصابة بمرض السل النشط. وعلى الرغم من أن تحسين الوصول إلى العلاج الوقائي للسل هو هدف عالمي قائم منذ فترة طويلة، إلا أن يتمكّن واحد فقط من كل اثنين من المخالطين لمصابين بمرض السل الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات من الحصول على العلاج. وقد سهلت منظمة الصحة العالمية الآن حماية الأطفال في هذه الظروف من الإصابة بالمرض، من خلال التوصية بعلاجات قصيرة لمدة ثلاثة أشهر لوقاية هذه الفئة المعرضة للخطر. كما يهدف مشروع TACTiC إلى زيادة المعرفة بهذه الأنظمة العلاجية وتحسين الوصول إليها.

أنشطة أطباء بلا حدود في الهند
تتحدث براشي، ممرضة من منظمة أطباء بلا حدود، مع راميش نارسينج، والد تشيتان راميش كاراتمول، وهو مريض مصاب بالسل المقاوم للأدوية. الهند، في فبراير/شباط 2022.
Prem Hessenkamp

المساهمة في سد فجوات المعرفة والتنفيذ

سوف تُجرى أبحاث عملياتية بقيادة فريق علماء الأوبئة التابع لمنظمة أطباء بلا حدود (Epicentre) لتقييم جدوى وقبول وأداء خوارزميات اتخاذ القرار العلاجي في المجتمعات التي نعمل فيها.

وقد بدأت الدراسات أساسًا في تسجيل المرضى في خمسة مشاريع تابعة لمنظمة أطباء بلا حدود منذ خريف عام 2023: في ميدوغوري بنيجيريا ومادارونفا بالنيجر وكوناكري بغينيا وملكال بجنوب السودان ومبارارا بأوغندا. وستتيح هذه المواقع توثيق أي صعوبات تواجهها المنظمة في تنفيذ البرنامج واقتراح الحلول عند تنفيذ المشروع في ما يصل إلى 25 بلدًا أخرى.

وسيجري تدريب فرق أطباء بلا حدود ووزارة الصحة وشركاء البرنامج الوطني لمكافحة السل حول خوارزميات اتخاذ القرار العلاجي وتفسير الأشعة السينية والاستخدام الموصى به حديثًا لعينات البراز والعثور على الأشخاص المصابين ومتابعتهم، والتوعية الصحية.

وباستخدام خبرة المشاريع المشاركة، سيتم تطوير مجموعة أدوات من المواد الملائمة للظروف التي تعمل فيها منظمة أطباء بلا حدود وشركاؤها. بالإضافة إلى ذلك، سيشارك مشروع TACTiC أيضًا في حشد الدعم على المستويات العالمية والدولية والوطنية والمحلية لتسريع تنفيذ التوصيات الحالية والدعوة إلى تطوير أدوات تشخيص أكثر ملاءمة.

ومن خلال مشاركة النتائج مع المجتمع الدولي المعني بمرض السل، يسعى المشروع إلى إزالة الحواجزالتي تحول دون علاج السل لدى الأطفال، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تقليل عدد الوفيات بين الأطفال المصابين بالسل، وتحسين تجربة علاجهم ومنع المزيد من الإصابات.

المقال التالي
الصومال
تحديث حول مشروع 14 أغسطس/آب 2024