بانغي، جمهورية إفريقيا الوسطى - قدم فريق أطباء بلا حدود في الفترة الممتدة من 2018 حتى 2022 العلاج لأكثر من 19,500 من الناجين من العنف الجنسي في جمهورية إفريقيا الوسطى حسبما أفاد تقرير صدر اليوم عن المنظمة.
وفي هذا الصدد، يقول مدير أطباء بلا حدود في جمهورية إفريقيا الوسطى، خالد فقيه، "يُعتبر العنف الجنسي في جمهورية إفريقيا الوسطى حالة طوارئ صحية عامة وهي من المحرّمات ولا يمكن التصدي لها على أنها مجرد مشكلة مرتبطة بالنزاع المسلح. وبالرغم من بعض التقدم الإيجابي الذي حدث على مرّ السنوات الخمس الماضية، مازال الكثير من الناجين من العنف الجنسي (95 في المئة منهم نساء) لا يبلّغون عن الحالات ولا يلتمسون العلاج. فأدركنا أن عدد المرضى الذين نراهم ليس إلا قطرةً في البحر، إذ يتعين على حكومة جمهورية إفريقيا الوسطى وبقية المنظمات الإنسانية الوطنية والدولية اتخاذ مزيدٍ من الخطوات الملموسة من أجل تحسين الوضع".
لا بد من اتباع مقاربةٍ جامعة أقوى وأشمل كي يكون عملنا أكبر وأسرع وأفضل.خالد فقيه، مدير أطباء بلا حدود في جمهورية إفريقيا الوسطى
هذا وتحلّل منظمة أطباء بلا حدود في تقريرها الذي يحمل عنوان "جراحٌ خفية" مجموعةً من البيانات الكمية الواردة من عشرات المشاريع وعمليات الطوارئ التي تدعمها أو تديرها في جمهورية إفريقيا الوسطى. ومع أن المساعدات باتت متاحةً لعددٍ أكبر من الناجين من حوادث العنف الجنسي على مرّ السنوات الخمس الماضية، لكن لا تزال هناك العديد من الثغرات، مثل الرعاية الطبية الشاملة والرعاية الطبية الأساسية والدعم النفسي الاجتماعي والرعاية الطبية النفسية المتقدمة المخصصة للحالات المعقدة. كما يفتقر الناجون إلى الحماية والدعم الاجتماعي والاقتصادي والقانوني.
وفي هذا الصدد، تقول المستشارة الصحية في أطباء بلا حدود، ليليانا بالاسيوس، "يواجه المرضى العديد من الحواجز التي تعترضهم عند التماسهم الرعاية في الوقت المناسب، ومنها الخوف وعدم توفر وسائل النقل أو المال الكافي وعدم كفاءة إجراءات تأمين الرعاية وما شابه ذلك. وكانت فرق أطباء بلا حدود قد استقبلت في بعض المواقع مرضى قطعوا مسافة 130 كيلومترًا، أي ساعات طويلة جدًا أو حتى أيامًا نظرًا لسوء حال شبكة الطرق في جمهورية إفريقيا الوسطى. كما أن بعض المرضى لم يلتمسوا الرعاية إلا بعد سنوات من المعاناة تحت وطأة الاعتداءات".
يشار إلى أن العنف الجنسي في جمهورية إفريقيا الوسطى لا يتوقف إطلاقًا خلال النزاع. فقد كشفت تحليلات أطباء بلا حدود عن أن بعض المعتدين كانوا مسلحين (حوالي 20 في المئة) كما أن الأغلبية الساحقة منهم كانوا أشخاصًا يعرفهم الضحايا معرفة جيدة (حوالي 70 في المئة). لكن وللأسف لا تُدانُ سوى قلّةٌ قليلة من الجناة في ظل الإفلات السافر من العقاب، بينما يواجه الناجون وصمة عار حادة وتعترضهم عقبات كبيرة تمنعهم من مواصلة حياتهم الطبيعية في مجتمعهم. ولا بد أن يحصل هؤلاء الناجون على الدعم القانوني والاجتماعي والاقتصادي كي يتسنى لهم الاندماج مجددًا في المجتمع وكي لا يواجهوا العقاب عند التماس المساعدة.
وكانت أطباء بلا حدود قد شهدت في الفترة الممتدة من 2018 حتى 2022 زيادةً في أعداد الناجين من العنف الجنسي بنحو ثلاثة أمثال، في حين شهدت منظمات أخرى زيادةً قدرها الضعف، علمًا أن أكثر من 34,400 شخص ممّن عانوا من العنف الجنسي تلقوا الرعاية في جمهورية إفريقيا الوسطى خلال هذه السنوات الخمس، وكانت فرق أطباء بلا حدود مسؤولةً عن رعاية أكثر من نصفهم (57 في المئة).
ويختتم فقيه قائلًا، "لا بد من اتباع مقاربةٍ جامعة أقوى وأشمل كي يكون عملنا أكبر وأسرع وأفضل وأن تكون مقاربةً تتمحور حول الناجين وتقوم على السرية والتعاطف والاحترام".