برودجوت روي، 29 عاماً، هو مشرف صحة نفسية في أطباء بلا حدود، ويعمل ضمن فريق مركز نايابارا للرعاية الصحية الأولية في تكناف في بنغلاديش منذ يونيو/حزيران 2018. وقد لاحظ أثناء تلك الفترة الوصمة المرتبطة بتلقي خدمات الصحة النفسية في مجتمع الروهينغا، لكنه في المقابل شاهد أشخاصاً يجدون الطمأنينة في خدمات "شانتي خانة".
ويقول روي: "أحياناً يأتون سراً، فهم لا يرغبون أن يعرف أحد أن لديهم مشاكل. وبالرغم من أنهم يعرفون أننا سنحافظ على سرية معلوماتهم لكن عندما نسألهم إن كانوا يعرفون أشخاصاً آخرين لديهم نفس المشكلة تراهم لا يرغبون في الخوض في الموضوع. هم يحرصون على أن تبقى المشكلة ضمن علم أفراد الأسرة فقط وليس باقي الناس".
شاهد روي أثر الوصمة بنفسه خلال زيارة إلى مركز أونشيبرانغ للرعاية الصحية الأولية. عندما يسجل مريض في مركز صحي لأطباء بلا حدود يتم إعطاؤه بطاقة تشير إلى نوع الخدمة الصحية التي يحتاجها. وفي هذه الحالة كانت تشير البطاقة إلى أن المريضة جاءت إلى المركز الصحي لتلقي خدمات الصحة النفسية. وقد قامت منظِّمة الدور بدعوتها للمجيء إلى غرفة استشارة الصحة النفسية. لاحظ روي أن هذا جعل المريضة تشعر باستياء بالغ.
ويضيف روي: "شرحت المريضة أن كلمة ’نفسي‘ تعني مجنون. نقلت تجربتي تلك إلى الفريق ومن حينها طلبت منهم أن لا يستخدموا كلمة ’نفسي‘ في المرفق أو في المجتمع".
وبدلاً من ذلك بات أفراد الطاقم والمتطوعون يستخدمون كلمة "شانتي خانة". ويقول روي: "شانتي تعني السلام. والروهينغا الآن يعرفون الصحة النفسية باسم ’مركز السلام‘. هم لا يحبون الصحة النفسية لكنهم يحبون شانتي خانة".
بدأت أنشطة التوعية الصحية والتثقيف النفسي التي يقوم بها المتطوعون في المجتمع بتخفيف الوصمة المرتبطة بالصحة النفسية. وقد تضاعف عدد مرضى الصحة النفسية الذين يراجعون مركز نايابارا الصحي في الأشهر الأخيرة.
لدى المرضى خليط من المشاكل، فالعنف الذي مروا به ورأوه ترك أثره. يعاني الكثيرون من اضطراب ما بعد الصدمة أو من الاكتئاب الحاد. أضف إلى ذلك وضعهم الحالي والمصاعب اليومية للعيش في مخيم للاجئين وغموض مستقبلهم.
ويقول روي: "تعاودهم ذكريات ما مروا به. ولا يستطيعون النوم. لا يستطيعون التفريق بين الحاضر والمستقبل. عندما تعاودهم ذكريات ما مروا به ترتجف أجسامهم. عندما يرون الجيش البنغالي لا يستطيعون تمييزه عن الجيش الميانماري، فيهربون... وأحياناً يأتيهم الذهان".
يحكي روي قصة إحدى الحالات الصعبة عن امرأة شابة كانت تفكر في الانتحار. لسوء الحظ كانت في بداية الحمل ولذلك لم تكن قادرة على أخذ الدواء الذي كان يمكن أن يفيدها في الوضع الطبيعي. عمل روي معها برفقة مختص آخر على مدى أشهر حيث قدما لها الدعم وكانت تتحسن ببطء. لاحقاً عندما أصبح ممكناً إعطاؤها أدوية نفسية وصف لها الطبيب النفسي تلك الأدوية.
ويضيف روي: "كل يوم نرى نفس المرضى، يأتون للمتابعة، ويأتون لأنهم يعانون من مشاكل. واليوم الذي يتحسن حالهم فيه يكون يوماً مميزاً بالنسبة لنا نحن العاملون في مجال الصحة النفسية".
منذ أغسطس/آب 2017، قدمت أطباء بلا حدود أكثر من 16,000 استشارة صحة نفسية فردية و 18,000 جلسة صحة نفسية جماعية. تقدم جميع مرافق أطباء بلا حدود الصحية خدمات الصحة النفسية وخدمات الإرشاد النفسي والطب النفسي. ومازالت محدودية خدمات الصحة النفسية وبالأخص الخدمات المتقدمة منها، بما فيها الطب النفسي في هذه المنطقة من بنغلاديش تشكل مصدر قلق كبير لأطباء بلا حدود.