- في الأسبوع الفائت، شكل عدد الإصابات بكوفيد-19 في البرازيل 11 في المئة من إجمالي الإصابات حول العالم، لكن البلاد تفتقر إلى استجابة صحية فعالة لمكافحة الجائحة.
- باتت تدابير الصحة العامة في البرازيل خاضعة لمعارك سياسية طاحنة ولم تستند الحكومة على العلم لتبني سياسات تسيطر على تفشي فيروس كورونا المستجد.
- تناشد منظّمة أطباء بلا حدود السلطات البرازيلية للإقرار بخطورة الأزمة على وجه السرعة ووضع خطط استجابة مركزية ونظام تنسيق لمكافحة كوفيد-19، وذلك في سبيل الحؤول دون وقوع وفيات يمكن تجنبها.
بعد مرور أكثر من 12 شهرًا على إعلان حالة الطوارئ في البرازيل من جراء تفشي كوفيد-19، مازالت البلاد تفتقر إلى استجابة صحية فعالة تتسم بالمركزية والتنسيق. فيلقى البرازيليون حتفهم بالآلاف في ظل غياب إرادة سياسية تستجيب للأزمة على نحوٍ مؤاتٍ. في هذا الصدد، تناشد منظّمة أطباء بلا حدود السلطات البرازيلية للإقرار بخطورة الأزمة على وجه السرعة ووضع خطط استجابة مركزية ونظام تنسيق لمكافحة كوفيد-19، وذلك في سبيل الحؤول دون وقوع وفيات يمكن تجنبها.
في الأسبوع الفائت، شكل عدد الإصابات في البرازيل 11 في المئة من إجمالي الإصابات حول العالم، وبلغت حصة البرازيل من الوفيات العالمية 26.2 في المئة. وفي 8 أبريل/نيسان، وصلت حصيلة الوفيات إلى 4,249 شخص خلال 24 ساعة، بينما بلغ عدد الإصابات الجديدة 86,652 إصابة. إن دلّت هذه الأرقام على شيء، فإنما تدل على فشل السلطات في إدارة الأزمة الصحية والإنسانية في البلاد وإخفاقها في حماية البرازيليين من المرض، لا سيما الأكثر حاجة منهم.
ويقول الرئيس الدولي لأطباء بلا حدود الدكتور كريستوس كريستو، "باتت تدابير الصحة العامة خاضعة لمعارك سياسية طاحنة. بالتالي، أصبحت السياسات المستندة على العلم تخضع للآراء السياسية أكثر منه للحاجة إلى حماية الأفراد والمجتمع من كوفيد-19".
ويتابع الدكتور كريستو قائلًا، "ترفض الحكومة الفدرالية اعتماد المبادئ الصحية التوجيهية التي تتسم بالشمولية وتقوم على الأدلة، تاركةً الطاقم الطبي في البلاد ليدير الحالات شديدة المرض في وحدة العناية المركزة وليرتجل حلولًا عند عدم توفر الأسرة. تعيش البرازيل اليوم في حالة حداد مستمر ويكاد هذا الوضع يودي بنظامها الصحي نحو الانهيار".
تقول المديرة العامة لمنظمة أطباء بلا حدود ميني نيكولاي، "لا بد من أن تبدأ الاستجابة في البرازيل من المجتمع وليس من وحدة العناية المركزة. ففي حين يشكل وصول الإمدادات الطبية كالأوكسجين والمهدئات ومعدات الوقاية الشخصية إلى الأماكن اللازمة ضرورةً قصوى، إلا أنّ ذلك لا يقل أهمية عن تعزيز التدابير الوقائية في المجتمع وتطبيقها. فلا بد من ارتداء الكمامات والالتزام بالتباعد الجسدي وتدابير النظافة الصارمة وتقييد الحركة والأنشطة غير الضرورية بما يتوافق مع الوضع الوبائي المحلي".
وتردف نيكولاي قائلةً، "لا بد من تحديث المبادئ التوجيهية المتعلقة بمعالجة كوفيد-19 لتشمل أحدث الأبحاث الطبية. كما يجب أن تًتاح اختبارات المستضدات السريعة على نطاق واسع لتسهيل الرعاية بالمرضى والسيطرة على تفشي المرض".
بلغت وحدات العناية المركز الأسبوع الأخير قدرتها الاستيعابية القصوى في 21 من أصل 27 عاصمة في البرازيل . وتقاسي المستشفيات في جميع أنحاء البلاد نقصًا في الأوكسيجين اللازم لمعالجة المرضى ذوي الحالات الحرجة والشديدة، وشحًّا في الأدوية المهدئة الضرورية لتنبيب المرضى ذوي الحالات الحرجة. بالنتيجة، شهدت فرقنا المرضى يُتركون من دون عناية مؤاتية، علمًا أن هذه العناية قد تكون كفيلة بإنقاذ حياتهم.
في إطار الاستجابة لتفشي المرض، يقول منسق الطوارئ لدى أطباء بلا حدود في البرازيل بيير فان هيديجيم، "لقد بات واقع أغلب المناطق في البرازيل شبيه بواقع ولاية الأمازون الأليم التي شهدته فرق المنظمة في بداية الأزمة. وينطوي غياب التخطيط والتنسيق بين السلطات الصحية الفيدرالية ونظيراتها في الولايات والبلديات على عواقب حياةٍ أو موت".
ويردف فان هيديجيم، "إضافةً إلى الموت الّذي يحدق بالمرضى بسبب عجزهم عن الوصول إلى الرعاية الصحية، لقد أنهك الوضع الطاقم الطبي الّذي بات يعاني من صدمات نفسية وعاطفية شديدة بسبب الظروف التي يعمل فيها".
علاوة على ذلك، يعيق النقص في الاختصاصيين الصحيين من السكان المحليين مسار الاستجابة الصحية. ولا يُسمح بعمل الطواقم الطبية الأجنبية أو البرازيليين الّذين يحملون شهادات أجنبية في البرازيل.
إضافةً إلى الموت الّذي يحدق بالمرضى بسبب عجزهم عن الوصول إلى الرعاية الصحية، لقد أنهك الوضع الطاقم الطبي الّذي بات يعاني من صدمات نفسية وعاطفية شديدة بسبب الظروف التي يعمل فيها.بيير فان هيديجيم، منسق الطوارئ لدى أطباء بلا حدود في البرازيل
إن أبرز ما يؤجج معدلات الإصابة والوفيات في البرازيل هو الكم المهول من المعلومات المضللة التي تُتداول في المجتمعات المحلية في أرجاء البلاد. فيرفض السكان الالتزام بالإجراءات الوقائية كارتداء الكمامات والالتزام بالتباعد الجسدي والتقيد بالقيود على الحركة والأنشطة غير الضرورية تارةً وتُسيّس هذا الإجراءات تارةً أخرى. علاوة على ذلك، يعمد السياسيون إلى وصف دواء هيدروكسي كلوروكين (دواء مضاد للملاريا) ودواء الإيفيرمكتين (دواء مضاد للطفيليات) على أنهما الدواء الشافي، كما يصفه الأطباء لعلاج كوفيد-19 والوقاية منه.
بالإضافة إلى ما سبق، تزيد وتيرة حملات التلقيح الوضع سوءًا في البرازيل. فلا تبذل البرازيل جهودًا على حملات التلقيح ضد كوفيد-19 كتلك المبذولة عام 2009 عندما لقحت ٩٢ مليون شخصًا ضد إنفلوانزا H1N1 (إنفلوانزا الخنازير) خلال ثلاثة أشهر. إنّ حملة التلقيح ضد كوفيد-19 تتقدم بنصف سرعة هذه الأخيرة. حتى الآن، تلقىَ نحو 11 في المئة من السكان جرعة واحدة من اللقاح على الأقل، ما يعني أن ملايين البرازيليين داخل حدود الوطن وخارجها يرزحون تحت وطأة خطر الإصابة بأحد أنواع الفيروس التسعين المنتشرة في البلاد في الوقت الراهن، عدا عن الأنواع التي يمكن أن تظهر في المستقبل.
في هذا الصدد، يقول الدكتور كريستو، "شهدت السلطات البرازيلية التفشي الحاد لكوفيد-19 خلال العام الماضي. لكنها رفضت فرض تدابير صحية قائمة على الأدلة ما حكم على الكثيرين بالموت المبكر. تحتاج الاستجابة الصحية في البرازيل إلى إعادة تأهيل عاجلة وعلمية وسليمة التنسيق للحؤول دون وقوع وفيات يمكن تجنبها وتدمير النظام الصحي البرازيلي الّذي لطالما كان مرموقًا".