- تشهد منظمة أطباء بلا حدود على نقص حاد في توفير الإغاثة في شمال كيفو للأشخاص المعرّضين لخطر سوء التغذية والأمراض القاتلة
- جمعت فرقنا بيانات تؤكد أن معدلات سوء التغذية تتخطى عتبة حالة الطوارئ
- من الضروري أن تترجم وكالات الأمم المتحدة نواياها بزيادة الإغاثة على أرض الواقع وتوفّر خدمات حماية تتوافق واحتياجات النازحين
يعيش نحو 600,000 لاجئٍ في ظروفٍ بائسة دون ما يكفيهم من طعام ومعرضين للعنف في مخيماتٍ تحيط بمدينة غوما في إقليم شمال كيفو. وقد شهدت الفرق الطبية التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود ارتفاع معدلات سوء التغذية والوفيات في بعضٍ من تلك المخيمات حتى بلغت مستويات تنذر بالخطر.
أعلنت وكالات الأمم المتحدة مؤخراً عن أنها ستعزز جهودها كي تلبي احتياجات الناس في شرق البلاد. لكن لا بد من ترجمة هذه النوايا على وجه السرعة إلى مساعداتٍ إضافية وخدمات حماية تتوافق واحتياجات النازحين.
هذا وتلاحظ طواقم أطباء بلا حدود منذ أشهرٍ عديدة بطء إرسال المساعدات وعدم كفايتها لتلبية احتياجات الناس الذين تركوا بيوتهم هرباً من القتال الذي اندلع إثر عودة مجموعة إم 23 المسلحة.
ورغم زيادة المساعدات الإنسانية إلى حدٍّ ما خلال الأسابيع المنصرمة، لا يزال نحو 600,000 نازح مقيم حالياً في مواقع عديدة تحيط بمدينة غوما يعانون من نقص المساعدات ولا سيما مساعدات الغذاء والمأوى التي لا تزال غير كافية بكمّيتها نوعيّتها.
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت يوم الجمعة الموافق 16 يونيو/حزيران عن أنها سترفع من تصنيفها لحدّة الأزمة إلى أعلى مستوى على المقياس الذي تتبعه منظّماتُها، الأمر الذي يقدم دلالةً إيجابيةً، لكن لا بد من ترجمة هذا الوعي على أرض الواقع وبسرعة عاجلة بحيث يتجسّد في زيادة كبيرة وسريعة وملموسة في المساعدات التي تصل إلى الناس في المخيمات.
وكانت أطباء بلا حدود قد نفّذت في أبريل/نيسان دراسةً استقصائية في مخيمات روسايو وشابيندو ودون بوسكو سلّطت الضوء على أعداد الوفيات التي وقعت في الفترة الممتدة من يناير/كانون الثاني حتى أبريل/نيسان، وكشفت عن معدلاتٍ مقلقة للوفيات بين الأطفال دون سن الخامسة.
ففي مخيم روسايو الذي يقطنه 85,000 إلى 100,000 شخص بحسب التقديرات، توفّي ما معدّله أكثر من ثلاثة أطفال كل يوم (1.6 وفاة لكل 10,000 طفل يومياً) لأسباب عديدة خلال تلك الفترة.
أما في مخيم إيلوهيم الذي كان يقطنه حوالي 4,000 شخص عند تنفيذ دراسةٍ سريعةٍ للأوضاع الغذائية في نهاية مايو/أيار، فقد جمعت طواقم أطباء بلا حدود بياناتٍ كشفت عن معدلات سوء تغذية أعلى بكثير من عتبات الطوارئ، حيث وصل معدل سوء التغذية الحاد الشديد إلى 4.9 بالمئة بين الأطفال دون سن الخامسة.
الأوضاع كارثية بل وعصية على الفهم نظراً لقرب المخيمات من مدينة غوما الرئيسية ما يسمح بتوزيع المساعدات فيها بسهولة.د. غايغاي مانانغاما رئيس برامج الطوارئ في أطباء بلا حدود
وفي شهر مايو/أيار، كانت طواقم المنظمة تعالج طفلًا من بين كل أربعة أطفال في مخيم إيلوهيم من سوء التغذية، علماً أن الكثير من النازحين المقيمين في هذا المخيم يقولون بأنهم لم يتلقّوا أية مساعدات غذائية منذ وصولهم إليه، مع أن بعضهم وصل في شهر يناير/كانون الثاني.
أما في مخيمات أخرى مثل روسايو وشابيندو، فقد جرى توزيع بعض المواد الغذائية لكنها لم تصل إلى جميع السكان. يشار إلى أن هذه الأوضاع المقلقة تفاقمت بفعل العديد من عوامل الخطورة مثل حالات الحصبة والكوليرا التي يشهدها المخيم.
يؤثر نقص الغذاء في صحة البالغين ولا سيما النساء اللواتي يُجبَرن في كثير من الأحيان على الخروج من المخيمات نهاراً للبحث عن الطعام أو الحطب، مما يعرّضهن لمخاطر العنف وتحديداً العنف الجنسي.
ففي أوائل مايو/أيار، دقّينا نواقيس الخطر إنذارًا بارتفاع أعداد النساء اللواتي عالجتهنّ طواقمنا إثر تعرضهنّ للعنف الجنسي. كشفت 674 امرأة من مخيمات بولينغو ولوشاغالا وكانياروتشينيا وإيلوهيم ومونيغي وروسايو بأنهن تعرضن للعنف الجنسي في فترة أسبوعين.
يصل عدد النساء اللواتي يبلّغن حالياً عن وقوعهن ضحايا للعنف الجنسي في هذه المواقع ذاتها إلى ما معدّله حوالي 40 امرأة كل يوم. ورغم أن المنظمات الإنسانية تبدو مدركةً لخطورة الموقف، إلا أن المساعدات وإجراءات الإغاثة لا تصل حالياً سوى إلى جزءٍ ضئيل من ضحايا العنف الجنسي، ولا بد من ضمان سلامة المدنيين داخل المخيمات وخارجها على وجه السرعة.
وفي هذا الصدد، قال رئيس برامج الطوارئ في أطباء بلا حدود د. غايغاي مانانغاما: "الأوضاع كارثية بل وعصية حتى على الفهم نظراً لقرب المخيمات من مدينة غوما الرئيسية ما يسمح بتوزيع المساعدات فيها بسهولة. وثمة جهود لإعداد أنشطة إغاثة هنا وهناك، لكن دون أي تنسيق أو فهم شامل للأوضاع في المخيمات".
مستوى التعبئة في نظام المساعدات بعيدٌ كل البعد عن سدّ الاحتياجات كما أنه بطيء للغاية. ثمة أيضاً نقصٌ صارخ في المعلومات حول المساعدات المتوفرة وعدد الناس الذين هم بحاجةٍ إلى الدعم.د. غايغاي مانانغاما رئيس برامج الطوارئ في أطباء بلا حدود
ويضيف، "مستوى التعبئة في نظام المساعدات بعيدٌ كل البعد عن سدّ الاحتياجات كما أنه بطيء للغاية. ثمة أيضاً ضعفٌ واضح في الرؤية ونقصٌ صارخ في المعلومات حول المساعدات المتوفرة وعدد الناس الذين هم بحاجةٍ إلى الدعم، مع أن هذه المعلومات ضرورية لتحقيق التنسيق الكافي بين منظمات الإغاثة".
هذا وقد وصل الكثير من النازحين إلى المخيمات بعد أن تعرضوا لحوادث عنف خطيرة. إذ كشفت دراسة أطباء بلا حدود الاستقصائية لأعداد الوفيات التي وقعت في مخيمات روسايو وشابيندو ودون بوسكو بأن العنف كان السبب الرئيسي للوفيات بين الرجال (بما يصل إلى 40 في المئة في بعض المخيمات)، حيث كانت تقع وفيتان بين كل 10,000 شخص يومياً في الفترة الممتدة من يناير/كانون الثاني حتى نهاية أبريل/نيسان.
دوامات العنف هذه تفشّت بمعظمها إما في المناطق التي قدم الناس منها أو أثناء ترحالهم للوصول إلى غوما، علماً أن هذا ضِعفُ معدّل عتبة الطوارئ البالغ حالة وفاة واحدة لكل 10,000 شخص يومياً.
وأضاف د. مانانغاما: "بلغ نطاق ومدة النزوح مستوى تاريخياً حتى بالنسبة لشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية. يعطينا ذلك فكرة عن الاستجابة الملائمة. ومع هذا لا يزال القائمون على الإغاثة يهملون إلى حدٍّ كبير مئات الآلاف من الناس رغم تزايد الوعي بالنظام الإنساني".
هذا وكانت الاستجابة الإنسانية خلال أشهر النزاع الأولى من عام 2022، بما في ذلك جهود أطباء بلا حدود، أبطأ من أن تجاري الواقع. واصلت منظمتنا منذ ذلك الحين تنفيذ عمليات استجابة لاحتياجات الناس، حتى أننا حشدنا اليوم مليون يورو إضافية لتوفير الأغذية العلاجية الجاهزة للعائلات الأكثر حاجة ولا سيما من لديها أطفال دون سن الخامسة ويعانون من سوء التغذية الحاد.
يشار إلى أن الأوضاع الإنسانية صعبة أيضاً في مناطق أخرى تابعة لإقليم شمال كيفو مثل لوبيرو وماسيسي وروتشورو. وعلى الرغم من ذلك، أطباء بلا حدود تكون في بعض الأحيان المنظمة الوحيدة العاملة في المواقع التي يعاني من يقطنها من نقصٍ حادّ في الإغاثة.
لمحة عن عمليات الطوارئ التي نفذتها أطباء بلا حدود
تعمل فرق أطباء بلا حدود في 12 مخيماً للنازحين في محيط مدينة غوما، حيث تؤمن الرعاية الطبية المجانية وتوفر مياه الشرب وتشيّد المراحيض والحمامات بناءً على الاحتياجات الأكثر إلحاحاً. كما استجابت فرق المنظمة لأوبئة الكوليرا والحصبة التي ضربت بعض المخيمات، حيث عالجت المرضى ونظمت حملاتٍ للتطعيم.
تقدم فرق أطباء بلا حدود أيضاً الرعاية الطبية في مدنٍ أخرى تابعة لإقليم شمال كيفو، وتعمل أيضاً في منطقتي مينوما ونومبي التابعتين لإقليم جنوب كيفو والتي التجأ إليهما عشرات الآلاف من النازحين. أخيراً فإن فرق أطباء بلا حدود العاملة في شمال كيفو تواصل توفير خدمات الرعاية الصحية الأساسية في روتشورو وكيبيريزي وبامبو وبينزا ومويسو وماسيسي وواليكالي.