- أظهرت دراسة أجرتها أطباء بلا حدود أن نظامًا علاجيًا فمويًا جديدًا يعدّ أكثر أمانًا وفعالية في علاج السل المقاوم للأدوية المتعددة مقارنة الخيارات الحالية.
- وتظهر نتائج الدراسة التي نُشرت في مجلة نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين اليوم أنّ النظام العلاجي الجديد يؤدي إلى شفاء نحو 90 في المئة من المرضى المصابين بالسل المقاوم للأدوية.
- ولضمان حصول الجميع على النظام العلاجي الجديد، تدعو أطباء بلا حدود شركة جونسون آند جونسون إلى خفض سعر الدواء الأساسي الذي يتضمنه النظام العلاجي، أي البيداكويلين.
لندن - كشفت نتائج دراسة أطباء بلا حدود التي نُشرت اليوم في مجلة نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين عن نظام علاجي جديد أكثر سلامة وفعالية في علاج السل المقاوم للأدوية المتعددة مقارنةً بالخيارات الأخرى المتاحة للمصابين، وهو علاج فموي بالكامل ويستمر لستة أشهر.
كانت هذه النتائج حصيلة التجربة العشوائية المحكومة والأولى من نوعها TB-PRACTECAL والتي أجرتها أطباء بلا حدود في عدة بلدان للبحث في فعالية نظام علاجي فموي بالكامل واختبار مستوى سلامته. وتجدر الإشارة إلى أن المبادئ التوجيهية العالمية المتعلقة بعلاج السل التي حدثتها منظمة الصحة العالمية الأسبوع الماضي توصي بهذا النوع من العلاج. ويشارك هذا المنشور نتائج تجربة TB-PRACTECAL للمرة الأولى في مجلة طبية خاضعة لمراجعة الأقران.
حتى وقت قريب نسبيًا، لم تظهر أي علاجات جديدة للسل لمدة تزيد عن 50 عامًا. ويكمن السبب في أن المرض لا يؤثر على الأشخاص الذين يتمتعون بالموارد اللازمة للتعامل معه.بيرن توماس نيانغوا، مدير الشؤون الطبية في أطباء بلا حدود والمسؤول عن التجربة
ويوضح مدير الشؤون الطبية في أطباء بلا حدود والمسؤول عن التجربة، بيرن توماس نيانغوا، "يسعدنا نشر نتائج التجربة في مجلة نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين بعدما خضعت لمراجعة دقيقة من قبل الأقران. سيوفر هذا المنشور أدلة أعمق لواضعي السياسات ومقدمي العلاج الذين يبحثون في استخدام نظام TB-PRACTECAL، إلى جانب توصيات منظمة الصحة العالمية في هذا السياق. فحتى وقت قريب نسبيًا، لم تظهر أي علاجات جديدة للسل لمدة تزيد عن 50 عامًا. ويكمن السبب في أن المرض لا يؤثر على الأشخاص الذين يتمتعون بالموارد اللازمة للتعامل معه. وقد مثلت هذه التجربة محاولة لأطباء بلا حدود في سد تلك الفجوة. وأصبح من الضروري اليوم ضمان توفر العلاج الجديد لكل من يحتاج إليه".
أُغلقت أبواب التسجيل في التجربة في مارس/آذار 2021 بمجموع 552 مريضًا وأُجريت في سبعة مواقع موزعة بين بيلاروسيا وجنوب إفريقيا وأوزبكستان. واليوم، بدأت خمس دول تقدّم أطباء بلا حدود فيها الدعم اعتماد الأنظمة العلاجية الأقصر أمدًا مع نحو 400 مريض قد بدأوا العلاج، ومن المقرر أن تعتمده ثمان بلدان أخرى في عام 2023.
أُطلقت تجربة TB-PRACTECAL في عام 2017، فاختبرت ثلاث مجموعات من العلاجات الجديدة وقارنتها مع الرعاية المعيارية المقبولة محليًا، وكانت النتيجة لصالح العلاجات الثلاثة مقارنة بالرعاية المعيارية. تضمنت العلاجات الثلاثة نظامًا يمتد لستة أشهر وقوامه البيداكويلين والبريتومانيد واللينيزوليد، والموكسيفلوكساسين (BPaLM) وقد أثبت المستوى الأعلى من الفعالية والسلامة، علمًا أن التجربة اختبرت أيضًا نظامًا يقوم على البيداكويلين والبريتومانيد واللينيزوليد (BPaL) وآخر يقوم على البيداكويلين والبريتومانيد واللينيزوليد والكلوفازيمين (BPaLC).
ويشرح الدكتور نيانغوا، "لقد بدأنا تجربة TB-PRACTECAL السريرية قبل تسع سنوات، إذ عجزنا عن الوقوف مكتوفي الأيدي. كان المرضى يصفون الأنظمة العلاجية السابقة بالطويلة وغير الفعالة والمرهقة، ويخبروننا بأن الآثار الجانبية أسوأ من المرض نفسه. لم تثبت الأنظمة المعيارية فعالية كبيرة، إذ شفي باستخدامها مريض واحد من أصل مريضين. أما النظام الجديد الذي يُدعى BPaLM، فتصل عبره معدلات الشفاء إلى 89 في المئة، وهو أكثر سلامة وأقصر أمدًا ويمكن للمرضى تحمله بشكل أكبر بعدد أقل بكثير من الحبوب".
وقد وجدت التجربة السريرية التي أجرتها منظمة أطباء بلا حدود في المرحلة الثانية/الثالثة أن نظام العلاج الجديد الأقصر أمدًا BPaLM قد أثبت فعالية كبيرة في علاج السل المقاوم للريفامبيسين (RR-TB)، وتبين أنه أكثر سلامة مقارنة بالرعاية المعيارية الحالية.
أما بالنسبة إلى معدلات الشفاء، فقد بلغت نسبتها 89 في المئة من المرضى الذين خضعوا لنظام BPaLM العلاجي، مقارنة بنسبة 52 في المئة من الخاضعين للرعاية المعيارية، وسُجلت آثار جانبية أقل بين المشاركين في مجموعة BPaLM. وتجدر الإشارة كذلك إلى أن النظامين العلاجيين BPaLC و BPaL حققا بدورهما نتائج أفضل بكثير مما حققته الرعاية المعيارية.
أما النظام الجديد الذي يُدعى BPaLM، فتصل عبره معدلات الشفاء إلى 89 في المئة، وهو أكثر سلامة وأقصر أمدًا ويمكن للمرضى تحمله بشكل أكبر بعدد أقل بكثير من الحبوب.بيرن توماس نيانغوا، مدير الشؤون الطبية في أطباء بلا حدود والمسؤول عن التجربة
كان عبد الرحمن البالغ من العمر 24 عامًا طالبًا في مجال الرياضيات في أوزبكستان، لكنه اضطر إلى التوقف عن دراسته عندما شُخصت إصابته بالسل. ويحكي تجربته قائلًا، "عندما علمت أنني مصاب بالسل، لم أصدق ما سمعت. كان التشخيص مفجعًا. اخترت الانضمام إلى التجربة السريرية TB-PRACTECAL واختير اسمي بشكل عشوائي لتلقي دورة علاج قصيرة مدتها ستة أشهر مقارنةً بالمدة المعيارية التي تمتد لسنتين أو أكثر. مررت بفترات صعبة، لكنها كانت محتملة بالمقارنة مع عامين من العلاج. انتهيت من علاجي الآن، وعدت إلى الجامعة".
وفي حين أن النظام الجديد يبعث الأمل في نفوس نحو 500,000 شخص يصابون بالسل المقاوم للأدوية كل عام، فإن أدنى سعر يُقدّم إلى المرفق العالمي للأدوية في الوقت الحالي يبلغ حوالي 600 دولار لدورة علاجية من BPaLM مدتها ستة أشهر، ما يعني أن السعر العالمي الحالي يتجاوز السقف البالغ 500 دولار الذي دعت إليه أطباء بلا حدود.
أما دواء البيداكويلين، وهو أحد أدوية السل الحديثة من تطوير شركة جونسون آند جونسون بدعم حكومي وخيري كبير، فيبلغ سعره 270 دولارًا كأدنى سعر عالمي لمدة ستة أشهر، مع العلم أن الباحثين قدّروا سعره بأقل من 102 دولارًا مع أخذ سعر الإنتاج والبيع والربح في الاعتبار.
في الواقع، يرجح أن تقلل الأنظمة العلاجية الثلاثة التي اختبرتها تجربة TB-PRACTECAL من تكاليف العلاج مقارنة بالرعاية المعيارية الحالية.
ويقول صيدلاني يعمل على كسب التأييد حول مرض السل ضمن حملة أطباء بلا حدود لتوفير الأدوية الأساسية، كريستوف بيرين، "إن طرح نظام علاج BPaLM الذي تبين أنه أقصر مدة وأكثر سلامة وفعالية نتيجة تجربة TB-PRACTECAL يمكن أن يغير حياة المصابين بالسل، شريطة أن تتوفر الأدوية بسعر معقول".
ويضيف، "ونظرًا لمساهمة أموال عامة في دفع تكاليف تطوير دواء البيداكويلين بصورة كبيرة، فإننا ندعو شركة جونسون آند جونسون إلى خفض سعر هذا الدواء كي لا تتجاوز الدورة العلاجية الكاملة للسل المقاوم للأدوية 500 دولار للشخص الواحد. لقد تُوفي أشخاص كثر بفعل هذا المرض الفتاك، ويستحق المصابون بالسل الوصول العاجل إلى علاجات أقصر وأكثر سلامة بأسعار معقولة".
تعدّ منظمة أطباء بلا حدود أحد أبرز المقدمين غير الحكوميين لعلاج السل في جميع أنحاء العالم. في عام 2021، بدأت أطباء بلا حدود بتوفير علاج السل لمجموع 17,221 شخصًا، من بينهم 2,309 أشخاص مصابين بالسل المقاوم للأدوية. وتعمل منظمة أطباء بلا حدود بشكل وثيق مع برامج مكافحة السل المحلية ووزارات الصحة وأصحاب المصلحة الرئيسيين لضمان وصول المصابين بالسل المقاوم للأدوية إلى هذا النظام في أسرع وقت ممكن.