في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، تتخذ الأزمة الإنسانية أبعادًا مأساوية في عام 2023 مع بلوغ العنف والنزوح مستويات هائلة.
وفي كيفو الشمالية، أجبرت الاشتباكات المرتبطة بعودة جماعة إم 23 المسلحة نحو مليون شخص على الفرار من منازلهم.
ورغم بُعْد مقاطعتي إيتوري وكيفو الجنوبية عن الأضواء، فإنهما تعانيان من أعمال عنف لا هوادة فيها، ما يتسبب في تداعيات خطيرة على سكان كثر. وفي ظل الوضع الإنساني الكارثي، تبقى المساعدات محدودة للغاية في حين لم تُلبَّ معظم احتياجات السكان.
وفي أواخر أكتوبر/تشرين الأول، قدرت الأمم المتحدة عدد النازحين في جمهورية الكونغو الديمقراطية بسبعة ملايين نازح مع تمركز نحو خمسة ملايين منهم في الجزء الشرقي من البلاد، وهو رقم قياسي غير مسبوق في هذا السياق.
وفي كيفو الشمالية، أدى العنف بين الجماعات المسلحة، وعلى رأسها حركة إم 23، إلى موجة انتقال مستمر وواسع النطاق للسكان في روتشورو ونيراغونغو وماسيسي. ولم يؤدِ اشتداد حدة النزاع منذ أكتوبر/تشرين الأول إلا إلى تفاقم الكارثة الإنسانية.
وفي هذا الصدد، يقول ممثل أطباء بلا حدود في غوما، جيرماين لوبانغو كابيمبا، "إنّ الوضع في المقاطعة كارثي حاليًا. وأينما وقعت أنظاركم، تجدون حاجة ملحة للاستجابة".
في الوقت نفسه، أدى العنف في كيفو الشمالية إلى موجات نزوح عديدة إلى كيفو الجنوبية، لا سيما في مينوفا والقرى المحيطة بها حيث كانت ظروف النظافة هشة في الأساس وتؤدي اليوم إلى ازدياد حالات الكوليرا. وفي ظل إغلاق المرافق الصحية في كيفو الشمالية بسبب انعدام الأمن، اضطر المرضى الذين يحتاجون إلى الرعاية الصحية المستمرة إلى الانتقال نحو الجنوب.
هذا ونزح ثلث السكان في إيتوري نتيجة سنوات من النزاع. ويقاسي الأشخاص الذين طال نزوحهم أضرارًا بالغة على الصعيدين النفسي والجسدي.
وفي هذا الصدد، تشرح رئيسة بعثة أطباء بلا حدود في إيتوري، أليرا هاليدو، "في إيتوري، شهدنا خلال السنوات الثلاثين الماضية تراجعًا كبيرًا في الاستثمار حتى في الخدمات الطبية الأساسية والبنى التحتية، وقد أمسى الوصول إلى الخدمات الطبية إشكاليًا للغاية حتى وإن لم يكن النزاع مندلعًا".
نداء الصحوة
تشهد فرق أطباء بلا حدود كل يوم تداعيات الظروف المعيشية القاسية على الأشخاص الذين نزحوا بسبب أعمال العنف، إذ يعيشون في ملاجئ مؤقتة من دون مستلزمات أساسية كالغذاء الكافي ومياه الشرب الآمنة وخدمات الصرف الصحي الأساسية، وقد أمسوا معرّضين للإصابة بالأمراض، لا سيما المعدية منها كالكوليرا والحصبة. وفي هذا السياق، تتعرض النساء لحوادث العنف الجنسي التي شهدناها بأعداد هائلة.
وتضيف هاليدو، "إنّ الاحتياجات الإنسانية موجودة في كل حدب وصوب بمستويات هائلة، وبصفتنا منظمة طبية، لا يمكننا الاستجابة إلا للاحتياجات الأكثر إلحاحًا".
وتردف قائلة، "اليوم، أكثر من أي وقت مضى، تحتاج المجتمعات النازحة إلى إجراءات ملموسة وواضحة من المنظمات الإنسانية الدولية لمواجهة حالة الطوارئ الآخذة بالتفاقم. إننا نسمع ونواجه النداءات المتزايدة للمجتمعات وهي تطلب تكثيف المساعدات لتلبية احتياجاتها الأساسية. وفي حين لا يعدّ تضاؤل الوجود الإنساني جديدًا في مناطق عديدة في شرق البلاد، إلا أن تزايد الاحتياجات بهذه الوتيرة يجب أن يكون نداء صحوة للجميع".
وعلى الرغم من دعوات أطباء بلا حدود المتكررة لحشد المساعدات، إلا أن التقدم المحرز في هذا السياق ما زال غير كافٍ. فالأزمة التي تجتاح جمهورية الكونغو الديمقراطية تتطلب استجابة دولية عاجلة وموحدة. حان الوقت لتسليط الضوء على أشخاص ومجتمعات تمس حاجتهم للدعم وضمان الإجهار بأصواتهم وأصوات مرضانا حتى تُسمَع والإقرار بها.