- بعد مرور عشرة أشهر على النزاع في السودان، لا يزال أكثر من نصف مليون شخص فروا إلى جنوب السودان عالقين في ظروف مروعة ويكافحون من أجل البقاء.
- تحث منظمة أطباء بلا حدود المنظمات والسلطات على تعزيز المساعدات الإنسانية للتخفيف من معاناة الناس مع تزايد خطر تفشي الأمراض في مواقع العبور المكتظة.
جوبا - حذرت أطباء بلا حدود اليوم من أنّ أزمة إنسانية تتصاعد في بولوكات والرنك، وهما من أكثر مراكز العبور ازدحامًا في ولاية أعالي النيل في جنوب السودان. ويعاني آلاف الأشخاص الذين فروا من النزاع في السودان من نقص شديد في الضروريات التي تتضمن المياه النظيفة والغذاء والمأوى والرعاية الصحية. وتحذر أطباء بلا حدود من أنّ الاكتظاظ والظروف المعيشية غير الصحية في مركزيّ العبور تزيد من خطر تفشي الأمراض.
منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل/نيسان الماضي، فرّ أكثر من نصف مليون شخص إلى جنوب السودان، ومن بينهم قرابة 80 في المئة من الجنوب سودانيين العائدين إلى موطنهم. وليس لدى الكثير منهم وجهة محددة، إذ يمكثون أسابيع أو حتى أشهرًا في مراكز العبور وحولها، ويكافحون من أجل البقاء في ظل ندرة المساعدات الإنسانية.
وفي هذا الصدد، يقول رئيس بعثة أطباء بلا حدود في جنوب السودان، زكريا مواتيا، "نشعر بقلق بالغ إزاء الوضع في مراكز العبور في وقت نتوقع خلاله وصول المزيد من الأشخاص بسبب اشتداد القتال في السودان. ونظرًا للتأثير المتزايد لأزمة السودان على الاحتياجات الإنسانية للسكان في جنوب السودان، هناك حاجة ملحّة لتوسيع نطاق تقديم المساعدات. تحث أطباء بلا حدود المنظمات الدولية والسلطات على تعزيز المساعدات الإنسانية للتخفيف من معاناة الأشخاص المتضررين من الأزمة".
يوجد في الرنك مركزا عبور، وكلاهما مكتظ بشكل خطير، حيث يعيش نحو 30,000 شخص في منطقة لا تتسع لأكثر من 12,000 شخص. أمّا مركز العبور في بلوكات فهو أصغر مساحةً - واستضاف باستمرار نحو 5,000 شخص في الوقت ذاته منذ يوليو/تموز الماضي – إلا أن الظروف المعيشية للناس هناك قاسية بالقدر ذاته. فقد فر الكثير من الناس من منازلهم حاملين بعضًا من ممتلكاتهم أو خاليي الوفاض، وهم الآن عرضة للجوع وسوء التغذية والمرض، وهي مشكلات تتفاقم بسبب المآوي غير الملائمة ونقص المياه النظيفة ومرافق الصرف الصحي.
يعيش البعض في الخارج في الحقول المفتوحة، لذا ليس لديهم بطانيات أو مكان للنوم. ولا يتغطون إلا بالناموسيات التي تقدمها فرق أطباء بلا حدود.مبومي زوكوفا، مدير التوعية الصحية في منظمة أطباء بلا حدود في الرنك
تدير فرق أطباء بلا حدود عيادتَيْن متنقلتَيْن في الرنك منذ مايو/أيار وعيادة واحدة في بولوكات منذ يوليو/تموز لتوفير الرعاية الصحية الأساسية للعائدين واللاجئين والمجتمعات المضيفة. وتعالج العيادة المتنقلة في بولوكات وحدها نحو 150 مريضًا يوميًا، وقد قدّمت أكثر من 28,000 استشارة خارجية.
وتدعم فرق أطباء بلا حدود كذلك جناح الأطفال وقسم المرضى المقيمين للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في مستشفى الرنك المدني. وفي عام 2023، استجابت فرق أطباء بلا حدود لتفشي مرض الحصبة، وعالجت أعدادًا مقلقة من الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، واستجابت لارتفاع حالات الملاريا بين الأشخاص المقيمين في مراكز العبور. وخلال موسم الأمطار، وصل عدد الإصابات بالملاريا إلى 70 في المئة، حيث لم يتمكّن معظم النازحين من شراء الناموسيات أو الحصول على العلاج الوقائي. هذا ووزعت أطباء بلا حدود 44,730 ناموسية على الوافدين الجدد إلى مراكز العبور بين نوفمبر/تشرين الثاني 2023 ويناير/كانون الثاني 2024.
وفي هذا الصدد، يقول مدير التوعية الصحية في منظمة أطباء بلا حدود في الرنك، مبومي زوكوفا، "يعيش كثيرون خارج مراكز العبور لعدم وجود مساحة كافية في الداخل. ويعيش البعض في الخارج في الحقول المفتوحة، لذا ليس لديهم بطانيات أو مكان للنوم. ولا يتغطون إلا بالناموسيات التي تقدمها فرق أطباء بلا حدود".
وفي موقعيْ العبور في الرنك، يمثّل نقص المياه تحديًا خطيرًا. يجب أن يحصل كلّ شخص على 11 لترًا من الماء كحدّ أقصى يوميًا، في حين أنّ الكمية الموصى بها في حالات الطوارئ هي 20 لترًا يوميًا للحفاظ على صحة الشخص. ويلجأ الكثيرون إلى استخدام مياه النهر للشرب والاستخدام اليومي، ممّا يعرضهم لخطر الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه.
ولا تزال فرق أطباء بلا حدود في حالة تأهب للاستجابة لتفشي الحصبة والأمراض المنقولة بالمياه في الأشهر المقبلة، وقد أنشأت جناحَيْن لعزل المرضى المصابين بالحصبة والكوليرا في الرنك.
ويقول مواتيا، "إنّ النقص الحالي في المياه والصرف الصحي والنظافة يشكل تهديدًا خطيرًا للصحة العامة. يجب تعزيز تدابير النظافة والصرف الصحي وحملات التطعيم بشكل أفضل - عند نقطة الدخول إلى جنوب السودان، وكذلك في مواقع العبور في الرنك وبلوكات - لمنع التفشي المحتمل للأمراض. وفي الوقت نفسه، يعدّ النقل السريع للأشخاص أمرًا ضروريًا لمنع الإقامة لفترات طويلة في مراكز العبور".