- مع استمرار أعمال العنف في المناطق الناطقة بالإنجليزية في الشمال الغربي والجنوب الغربي من الكاميرون، لا يزال الناس يكافحون من أجل الحصول على الرعاية الصحية.
- أدى تعليق السلطات الكاميرونية لأنشطة أطباء بلا حدود في المنطقة الشمالية الغربيية إلى تفاقم الأوضاع خلال الأشهر السبعة الأخيرة.
- تدعو منظمة أطباء بلا حدود الحكومة الكاميرونية إلى وضع احتياجات السكان أولاً، ورفع التعليق على أنشطتنا للسماح لنا باستئناف أنشطتنا الطبية المنقذة للحياة.
ياوندي- بينما يكافح آلاف الأشخاص للحصول على الرعاية الصحية الحيوية في المنطقة الشمالية الغربية المضطربة من الكاميرون، لا تزال منظمة أطباء بلا حدود ممنوعة من استئناف خدمات الرعاية الصحية في المنطقة بعد ستة أشهر من التعليق القسري لأنشطتها من قبل السلطات الكاميرونية. وتدعو منظمة أطباء بلا حدود حكومة الكاميرون إلى رفع هذا التعليق على الفور ووضع الاحتياجات الطبية للسكان في مقدمة الأولويات.
لأكثر من أربع سنوات حتى الآن، أدى العنف الشديد في المناطق الناطقة بالإنجليزية في الكاميرون في الشمال الغربي والجنوب الغربي إلى خلق وضع كارثي للسكان، حيث أصبحت المداهمات على القرى وعمليات الخطف والتعذيب وتدمير الممتلكات والقتل خارج نطاق القانون هي الوضع الطبيعي الجديد والذي يُعرف باسم "أزمة الناطقين بالإنجليزية".
قامت منظمة أطباء بلا حدود في عام 2018 وبالاتفاق مع وزارة الصحة في الكاميرون بإطلاق استجابة طارئة للوضع الصحي الحرج في منطقتي الشمال الغربي والجنوب الغربي، وذلك من خلال دعم المرافق الصحية واستحداث خدمات الإسعاف المجانية الوحيدة التي تعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، بالإضافة إلى دعم المتطوعين الصحيين المجتمعيين في الوصول إلى سكان المناطق النائية وأولئك الذين يكافحون للوصول إلى مرافق الرعاية الصحية.
ولكن في 8 ديسمبر/كانون الأول 2020، تم تعليق عمل منظمة أطباء بلا حدود في المنطقة الشمالية الغربيةالقرار الإقليمي 996 RD / E / GNWR.22 / IGRS الذي يقضي بتعليق الشراكة بين منظمة أطباء بلا حدود وسانت ماريا سوليداد وكذلك الشراكات ذات الصلة مع المنشآت الصحية الأخرى العاملة في المنطقة الشمالية الغربية، قيد النظر لتحديد إطار عملٍ لأنشطة منظمة أطباء بلا حدود من قبل وزير الصحة العامة، حيث اتهمت السلطات الكاميرونية المنظمة غير الحكومية بأنها قريبة جدًا من الجماعات المسلحة غير الحكومية في المنطقة. ورغم من أشهر من المناقشات للرد على هذه الادعاءات، إلا أن منظمة أطباء بلا حدود لم تتمكن من استئناف عملياتها، مما ترك عشرات آلاف الأشخاص بدون رعاية صحية مجانية منقذة للحياة.
بينما نتحدث، يشهد موظفو الصحة المجتمعية التابعين للمنظمة على وفاة ومعاناة أشخاص بسبب نقص العلاج المتاح في القرى والمجتمعات النازحة.إيمانويل لامبيرت، منسق عمليات أطباء بلا حدود لوسط أفريقيا
يقول منسق عمليات أطباء بلا حدود لوسط أفريقيا، إيمانويل لامبيرت، "تم منع تقديم الخدمات الطبية الحيوية لمدة ستة أشهر حتى الآن، علماً بأن ذلك يتسبب في خسائر غير مقبولة في صفوف المواطنين الكاميرونيين، الذين فر الكثير منهم إلى الأدغال لأنهم غير قادرين على تحمل مشاهد وأصوات وتهديدات العنف لفترة أطول. يمثل هذا القرار ضربة كبيرة لوصول المساعدات الطبية والإنسانية".
ويردف، "وبينما نتحدث، يشهد موظفو الصحة المجتمعية التابعين للمنظمة على وفاة ومعاناة أشخاص بسبب نقص العلاج المتاح في القرى والمجتمعات النازحة، ولا يزال مركز اتصال سيارات الإسعاف لدينا يتلقى طلبات الطوارئ التي يضطرون إلى رفضها. فما هو الأساس المنطقي الذي يمكن أن يبرر هذه الوفيات غير الضرورية؟".
ويضيف، "ندعو حكومة الكاميرون مرة أخرى إلى وضع احتياجات السكان أولاً، وإعادة الخدمات الطبية الأساسية التي تقدمها منظمة أطباء بلا حدود في الشمال الغربي على الفور، إذ لا يمكن أن تظل عملياتنا معلقة إلى أجل غير مسمى".
أزمة صحية هائلة
في الوقت الذي تصدرت فيه أعمال العنف المسلح وانتهاكات حقوق الإنسان عناوين الصحف في السنوات الماضية، غالبًا ما تم تجاهل تأثير هذه الأزمة على الاحتياجات الطبية الأساسية للناس في وسائل الإعلام الدولية. ومع ذلك، وفقًا لأحدث إحصائيات الأمم المتحدة، فإن اندلاع العنف في المناطق الناطقة بالإنجليزية في الكاميرون دفع أكثر من 700,000 شخص إلى الفرار من ديارهم، بينما فر أكثر من 60,000 شخص إلى نيجيريا المجاورة. أما اليوم، فقد تأثرت الظروف المعيشية للناس بالأزمة بشكل كبير، ويُعتبر أكثر من 1.4 مليون شخص بحاجة إلى دعم إنساني في شمال غرب وجنوب غرب الكاميرون.
ووفقاً لإيمانويل لامبيرت، "إن الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية هو مصدر قلق كبير في المناطق الشمالية الغربية والجنوبية الغربية. وبسبب انعدام الأمن وحالات الإغلاق وحظر التجول واستهداف المرافق الصحية، فإن الوصول إلى الرعاية الصحية محدود للغاية، حيث أن واحداً من كل خمسة مرافق على الأقل لا يعمل. وبالكاد يجرؤ السكان النازحون على الانتقال إلى المرافق الصحية، كما أن الركود الاقتصادي زاد من صعوبة الذهاب إلى المستشفى أو حتى تحمل تكاليف العلاج. ومما لا يثير الدهشة أن معدل الوفيات بين الفئات المستضعفة مثل النساء والأطفال قد ازدادوفقًا للّمحة العامة على الاحتياجات الإنسانية للأمم المتحدة، مارس/ آذار 2021، وتسبب تعليق دعمنا الطبي في زيادة الطين بلة".
في حين كانت فرق أطباء بلا حدود تعالج المرضى من آثار الاغتصاب والتعذيب والحروق وطلقات الرصاص، كانت الغالبية العظمى من المرضى بحاجة إلى المساعدة الطبية لحالات الولادة أو الملاريا أو الإسهال، وخاصة في مجتمعات النازحين. وفي العام الماضي، أجرى العاملون الصحيون المجتمعيون الذين تدعمهم منظمة أطباء بلا حدود أكثر من 150,000 استشارة طبية للمجتمعات المحلية في المنطقتين.
تم منع تقديم الخدمات الطبية الحيوية لمدة ستة أشهر حتى الآن، علماً بأن ذلك يتسبب في خسائر غير مقبولة في صفوف المواطنين الكاميرونيين... يمثل هذا القرار ضربة كبيرة لوصول المساعدات الطبية والإنسانية.إيمانويل لامبيرت، منسق عمليات أطباء بلا حدود لوسط أفريقيا
انعدام الأمن وتقييد المجال الإنساني
أثبت الدعم الذي قدمته منظمة أطباء بلا حدود وغيرها من المنظمات الإنسانية أن له أهمية كبرى، إذ أن انعدام الأمن والهجمات على الموظفين قد حدّا من عدد المنظمات الموجودة على المستوى الميداني لتقديم خدمات إنقاذ الأرواح.
يقول إيمانويل لامبيرت: "نحن إحدى المنظمات الطبية القليلة الموجودة في هاتين المنطقتين للاستجابة للاحتياجات الطبية الطارئة للأشخاص في سياق صعب للغاية. ومنذ أن بدأنا تدخلاتنا، واجه طاقمنا الطبي والمتطوعون والمرضى بانتظام تهديدات وأشكالاً من العنف من قبل كل من الجماعات المسلحة الحكومية وغير الحكومية، لم يظهروا سوى القليل من الاحترام للمبادئ الإنسانية، والنزاهة والحياد. حيث تم إطلاق النار على سيارات الإسعاف وسرقتها، وتعرض العاملون الصحيون المجتمعيون للاعتداء الجنسي والقتل وقام رجال مسلحون بإطلاق النار داخل المرافق الطبية، كما واجه زملاؤنا تهديدات بالقتل. وعلى الرغم من هذه المواقف الصعبة للغاية، إلا أن موظفينا استمروا في تقديم الرعاية للمحتاجين يومًا بعد يوم".
في عام 2020، قامت فرق منظمة أطباء بلا حدود في المنطقة الشمالية الغربية بعلاج 180 ضحية عنف جنسي، وتم تقديم 1,725 استشارة نفسية؛ كما تم إجراء 3,272 عملية جراحية، وتمت إحالة 4,407 مريض إلى المستشفيات بواسطة سيارات الإسعاف، من بينهم أكثر من 1,000 امرأة كن في طور المخاض؛ وقدم متطوعو الصحة المجتمعة 42,578 استشارة طبية، يتعلق معظمها بعلاج الملاريا والإسهال والتهابات الجهاز التنفسي.
ورغم تواجد منظمة أطباء بلا حدود في العديد من البلدان التي تتصادم فيها القوات الحكومية والجماعات المسلحة غير الحكومية، إلا أنها تلتزم بميثاقها الذي يتطلب توفير الرعاية الصحية دون تمييز أو مراعاة للانتماءات السياسية أو الدينية أو للعرق أو الجنس.
تعمل منظمة أطباء بلا حدود في الكاميرون منذ عام 1984؛ واليوم ندير مشاريع طبية إنسانية في أقصى الشمال وفي المناطق الجنوبية الغربية من البلاد، علماً بأننا موجودون في أقصى الشمال منذ عام 2012 لنقدم خدمات مثل الرعاية الجراحية ورعاية الأمومة والتوليد والرعاية الطبية والرعاية النفسية. كما نعمل في الشمال الغربي والجنوب الغربي منذ عام 2018 لتوفير رعاية الأمومة والولادة وتقديم الرعاية الجراحية، إضافة إلى علاج أمراض مثل الملاريا والكوليرا وكوفيد-19.
كما تتوفر خدمة سيارات الإسعاف على مدار 24 ساعة طوال أيام الأسبوع لنقل الأشخاص إلى المستشفى في حالات الطوارئ. قامت السلطات الكاميرونية في ديسمبر/كانون أول 2020 بتعليق أنشطتنا في الشمال الغربي. إننا نعمل في كل منطقة من هذه المناطق بناءً على تقييمنا لاحتياجات الناس، كما أنّ جميع أشكال الرعاية التي تقدمها منظمة أطباء بلا حدود مجانية ويتم تنفيذها وفقًا لأخلاقيات مهنة الطب.