تجتمع العديد من التطورات المثيرة للقلق في ليبيا، بين نزاع مسلح ذو وتيرة متزايدة، ووصول وباء كوفيد-19 إلى بلد مزقته الحرب بالفعل وذو نظام رعاية صحية منهار، إلى تقليص المساحة الإنسانية المتاحة للمنظمات بسبب القيود المفروضة على السفر والأمن، تتكشّف في ليبيا أزمة ضمن أزمة أخرى والتي يمكن أن تتحول في النهاية إلى كارثة إنسانية.
تجد ليبيا نفسها بمواجهة حالات الطوارئ المتعارضة التي تتمثل في النزاع الذي تتزايد وتيرته وتفشي فيروس كورونا المستجد كوفيد-19.من الصعب إدارة كل واحدة من حالات الطوارئ وحدها في بلد يعاني من انهيار نظامه الصحي، فما بالكم إذا اجتمعت هذه العوامل مع بعضها؟
النزاع المتزايد يعرض الناس للخطر
على الرغم من الاجتماعات الدولية رفيعة المستوى التي تم عقدها في يناير/كانون الثاني من هذا العام، والدعوات التي تم إطلاقها منادية بتعليق القتال لفترة قصيرة لأسباب إنسانية في سبيل مكافحةكوفيد-19، وبعد أكثر من عام، لا يزال النزاع في ليبيا محتدماً مع اشتداد حدة المواجهات البرية، والاشتباكات والهجمات الجوية، والقصف العشوائي مؤخراً.
كما تم استهداف البنى التحتية المدنية بشكل متعمد، الأمر الذي أدى إلى انقطاع المياه والكهرباء، ليترَك الكثيرون دون إمكانية الحصول على الخدمات الأساسية. كما استمر قصف واستهداف المستشفيات، تزامنًا مع قصف مستشفى الخضراء العام في طرابلس في أوائل نيسان/أبريل، مما أدى إلى إلحاق أضرار بمستشفى يضم 400 سرير يعمل بكامل طاقته.
كوفيد-19 يفاقم أزمة الرعاية الصحية لأكثر الفئات ضعفاً
تم تأكيد 156 حالة مصابة بمرض كوفيد-19 في ليبيا حتى 1 حزيران/يونيو، بما في ذلك خمس حالات وفاة . ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فقد تم تصنيف ليبيا من بين الدول ذات الخطورة العالية في ما يتعلّق بتفشي كوفيد-19 في المنطقة. ولكن مع محدودية إمكانية الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية في العديد من المناطق المتأثرة بسبب النزاع المستمر، ومحدودية القدرة على إجراء الفحوصات حاليًا (حيث لا يوجد سوى مختبرين فقط لإجراء الاختبارات في طرابلس وبنغازي)، ومحدودية إمكانية تتبع الأشخاص المخالطين لمصابين بالمرض، وصعوبات الوصول إلى الكثير من السكان، ومخاوف الوصم بالعار من قبل المجتمع يثني الناس عن البحث عندما يشعرون بالمرض – فإننا نخشى أن يكون عدد حالات كوفيد-19 أعلى بكثير من هذا الرقم.
وفي ضوء تأكيد الحالات الأولى وإعلان الإغلاق، تم إغلاق العديد من مراكز الرعاية الصحية بسبب نقص التدريب، وعدم توافر معدات الوقاية الشخصية أو توافر تعليمات وإرشادات واضحة. أمّا في المرافق المفتوحة، فثمة نقص في الأدوية والمعدات والموظفين اللازمين لتقديم الخدمات الحيوية.
وفي الوقت ذاته، ليس من الواضح ما إذا كانت المجموعات الأكثر حاجة – مثل النازحين واللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين في المناطق الحضرية ومراكز الاحتجاز الرسمية – ستتمكن من الحصول على خدمات الرعاية الصحية في حالة تفشي المرض وكيف سيتم ذلك.
عالقون بين النزاع وكوفيد-19
إننا قلقون للغاية على كافة المدنيين المعرضين لخطر الموت أو الإصابة جرّاء القصف العشوائي. كما أننا قلقون أيضًا على الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بكوفيد-19 أو الذين قد يواجهون صعوبات في الحصول أو الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية لعلاج أمراض أخرى.
إن منظمة أطباء بلا حدود قلقة بشكل خاص على المجموعات الرئيسية التالية:
- الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية سابقة: الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الإصابة بأعراض حادة من كوفيد-19 والتأثر به بشكل كبير هم كبار السن، ولكن بشكل خاص هم الأشخاص الذين يعانون أيضًا من مشاكل طبية، مثل مرض السكري أو الأمراض غير المعدية أو السل.
- النازحون: ما يقرب من 40 في المائة من النازحين في ليبيا توجد لديهم احتياجات إنسانية حادة بسبب التعرض للأذى الجسدي والنفسي والتدهور الجزئي أو الكلي في ظروف معيشتهم وإمكانية حصولهم على الخدمات الأساسية.
- اللاجئون وطالبو اللجوء والمهاجرون رهن الاحتجاز: يتم احتجاز الأشخاص البالغ عددهم 1,500 شخص حاليًا في مراكز الاحتجاز في جميع أنحاء ليبيا في ظل ظروف مكتظة للغاية مع صعوبة في الحصول على الغذاء والمياه الكافية ومواد النظافة، وعدم وجود إمكانيات فعلية للتباعد الجسدي. وقد تم تقليص تواجد المنظمات الإنسانية في مراكز الاحتجاز هذه بسبب القيود المفروضة على الحركة بسبب كوفيد-19 وتزايد وتيرة النزاع.
- اللاجئون وطالبو اللجوء والمهاجرون الموجودن في المناطق الحضرية: بالنسبة لمئات الآلاف من اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين الذين يقدر بأنهم موجودن في ليبيا، فإن الغالبية العظمى منهم يعيشون في ظروف محفوفة بالمخاطر ويواجهون خطر الاعتقال والاحتجاز التعسفيين، والاتجار بالبشر، والاستغلال. كما أنهم معرضون لخطر الحصار في مناطق القتال أو الهجمات العشوائية.
- المهاجرون واللاجئون وطالبو اللجوء الذين يحتاجون إلى الإجلاء/إعادة التوطين: أوقفت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة مغادرة اللاجئين وإعادة توطينهم خارج ليبيا، متخلّية عن الأشخاص الأكثر عرضة للخطر لتتقطع بهم السبل.
- المهاجرون واللاجئون وطالبو اللجوء والمواطنون الليبيون الذين ليس لديهم خيار آخر سوى أن يعبروا البحر: الخيار الوحيد للخروج من ليبيا حاليًا هو عبر البحر. جميع الحدود مغلقة وجميع حالات العودة إلى الوطن وإعادة التوطين والإجلاء تم إيقافها.
ما الذي تفعله منظمة أطباء بلا حدود لتقديم المساعدة
تأثرت أنشطتنا في ليبيا بسبب القيود والحدود التي فرضتها الاستجابة لكوفيد-19 وتزايد وتيرة النزاع. وفي الوقت ذاته، فإن هذه العوامل ذاتها هي سبب زيادة الاحتياجات الإنسانية في البلاد. وبغض النظر عن القيود، تلتزم أطباء بلا حدود بمواصلة تقديم الدعم الأشخاص الأكثر احتياجًا في ليبيا، كما عملنا على تكثيف جهودنا لدعم النظام الصحي الوطني للتعامل مع تفشي كوفيد-19.
تعمل فرقنا في طرابلس على:
- تقديم المساعدة الطبية والإنسانية للمهاجرين واللاجئين في أحد مراكز الاحتجاز، (تم إخلاء أو إغلاق المراكز الأخرى بسبب تفشي كوفيد-19 وتزايد وتيرة النزاع)
- تقديم المساعدة الطبية والإنسانية للمهاجرين واللاجئين الذين يعيشون في المناطق الحضرية
- إجراء التدريب المتعلق بكوفيد-19 على الوقاية من العدوى ومكافحتها والعلاج ورفع مستوى الوعي في العديد من المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأساسية.
تعمل فرقنا في مصراتة والمنطقة الوسطى على:
- توفير خدمات الرعاية الصحية الأساسية، وخدمات الدعم النفسي الاجتماعي، ومراقبة الحماية، وإحالة الحالات الفردية
- توزيع المكملات الغذائية ومستلزمات النظافة على اللاجئين والمهاجرين المحتجزين بشكل تعسفي في مراكز الاحتجاز في سوق الخميس وزليتن ودير الجبل.
- توفير خدمات الإسعافات الأولية الطبية وتوزيع المواد غير الغذائية مثل البطانيات في موقع الإنزال في مدينة الخمس للأشخاص الذين يحاولون المغادرة إلى أوروبا.
- توفير خدمات الرعاية الصحية الأولية والإحالة الطبية في بني وليد للمهاجرين الفارين من الأسر والناجين من التعذيب والاتجار بالبشر
- توفير التدريبات المتعلقة بكوفيد-19 للعامين في مجال الرعاية الطبية في زليتن ومصراتة والخمس ويفرين وبني وليد، وكذلك تعزيز تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها في مراكز الاحتجاز.