Skip to main content
Mobile Clinics in East Ghouta
عبد اللطيف بوكاي، مسؤول التوعية الصحية في أطباء بلا حدود، يزود المرضى في منطقة الانتظار في العيادة المتنقلة في الغوطة الشرقية، سوريا، بمعلومات أساسية عن الأمراض غير المعدية. تساعد هذه التوعية المرضى على إدارة حالاتهم بشكل أفضل وتعزيز عملية الكشف المبكر وتحسين النتائج الصحية العامة. سوريا، في 30 يناير/كانون الثاني 2025.
© Omar Haj Kadour

عيادات أطباء بلا حدود المتنقلة توفّر الرعاية في الغوطة الشرقية بسوريا بعدما عانت من الإهمال

عبد اللطيف بوكاي، مسؤول التوعية الصحية في أطباء بلا حدود، يزود المرضى في منطقة الانتظار في العيادة المتنقلة في الغوطة الشرقية، سوريا، بمعلومات أساسية عن الأمراض غير المعدية. تساعد هذه التوعية المرضى على إدارة حالاتهم بشكل أفضل وتعزيز عملية الكشف المبكر وتحسين النتائج الصحية العامة. سوريا، في 30 يناير/كانون الثاني 2025.
© Omar Haj Kadour

يقول رئيس بعثة أطباء بلا حدود في سوريا، باتريك ويلاند، "كان ذهابنا إلى الغوطة الشرقية ورؤيتها على هذه الحال مفجعًا بحق. فالدمار هائل والناس بالكاد متماسكون وغارقون في فقر مدقع ويحتاجون إلى الخدمات الطبية بشدة".

بعد سنوات من الإهمال، أصبحت مظاهر الحياة الطبيعية نادرة في الغوطة الشرقية، والتي تبعد 10 كيلومترات عن دمشق. فقدت الشوارع التي تتراكم على جانبيها أنقاض المباني أي أثر للحياة. كما يواجه السكان هنا أعباء اقتصادية ثقيلة، فيما تركت سنوات من إغلاق المرافق الصحية احتياجات طبية هائلة وسط محدودية الخدمات المتاحة. لا تزال معاناة الغوطة الشرقية بعيدة كل البعد عن نهايتها، وهناك حاجة ماسة للدعم العاجل في الوقت الراهن.

في أعقاب سقوط حكم بشار الأسد الذي دام 24 عامًا، تمكنت أطباء بلا حدود أخيرًا من الوصول إلى دمشق لأول مرة منذ أكثر من عقد. وفي 21 يناير/كانون الثاني، بدأنا بتشغيل عيادات متنقلة لتوفير الرعاية الصحية الأساسية، مثل الاستشارات المرتبطة بالتهابات الجهاز الهضمي. ومنذ ذلك الوقت، تمكّنا من معاينة 576 مريضًا بينهم 77 طفلًا تحت سن الخامسة.

أنشطة أطباء بلا حدود في سوريا
مشهد للدمار يظهر جزءًا من الغوطة الشرقية، بالقرب من العاصمة دمشق، حيث سوّيت أحياء بأكملها بالأرض. سوريا، 30 يناير/كانون الثاني 2025.
© Omar Haj Kadour

الأسر تعيش في هياكل المباني

كانت الغوطة الشرقية منطقة خصبة وخضراء تمتد على مساحة 110 كيلومترات مربعة، وتملؤها المزارع والأشجار المثمرة. لكن سنوات القصف الجوي العنيف من قِبل قوات الحكومة السورية السابقة أحالت الغوطة إلى ركام. لم يبقَ من هذه المنطقة التي طالما كانت مصدرًا للإنتاج الزراعي إلا أرضًا مدمرة، تكسوها هياكل المباني الرمادية، بلا أسطح أو نوافذ أو أي أثر للحياة. ومع ذلك كله، ما زالت الأسر موجودةً هنا وتعاني لتدبّر أمورها.

ويوضح المرجع الطبي في مشروع أطباء بلا حدود بسوريا، بلال السراقيبي، "تعيش عائلات بأكملها في ركام المباني المدمّرة التي تبدو وكأنها أتت من العصور الوسطى. لا يمكن تصور مستوى الإهمال في هذه المنطقة كما أنّ الاحتياجات الطبية هائلة، فقد بات السعي للحصول على الرعاية الصحية أشبه بسباق يائس مع الزمن".

يعيش الناس في ظروف بالغة الصعوبة، إذ تفتقر المنطقة إلى المياه النظيفة والطعام الكافي، ولا تتوفر بنية تحتية مناسبة للصرف الصحي أو وسائل تدفئة في المنازل، مما يعرّض السكان لمختلف المخاطر الصحية.

أنشطة أطباء بلا حدود في سوريا
محمد جوباسي، عامل في المجال الصحي في منظمة أطباء بلا حدود، يقدم وصفة طبية لأب برفقة طفليه في عيادة متنقلة في الغوطة الشرقية. سوريا، في 30 يناير/كانون الثاني 2025.
© Omar Haj Kadour

فصل جديد من الأمل

منذ يناير/كانون الثاني 2025، أرسلت أطباء بلا حدود عدة فرق إلى مدن مختلفة في الغوطة الشرقية، بما في ذلك دوما وحرستا وزملكا وحمورية وعين ترما وكفربطنا، حيث تقدم فرقنا الرعاية الصحية الأساسية، مثل الاستشارات الطبية والدعم النفسي عبر العيادات المتنقلة.

لطالما سعينا للعمل في الغوطة خلال حكم بشار الأسد، لكن فرقنا مُنعت مرارًا من دخول المنطقة، مما أدى إلى تقليل فرص حصول السكان على الرعاية الصحية التي هم في أمسّ الحاجة إليها.

وفي هذا السياق، يقول محمد رياض الذي زار إحدى العيادات المتنقلة التابعة لأطباء بلا حدود، "عندما يصاب الناس بالمرض أو بالجروح، يواجهون صعوبات جمة للحصول على الرعاية الصحية، فليس هنالك سيارات إسعاف وأسعار الأدوية باهظة. تمثل العيادات المتنقلة فكرة رائعة. وإذا استطاعت أن تغطي جميع المناطق، فإنها ستوفر الكثير من العناء على الناس".

تقدّم فرقنا المساعدة للمرضى الذين يعانون من الحالات الصحية المختلفة. وتشمل أكثر الحالات شيوعًا التهابات الجهاز التنفسي والربو والتهاب المعدة والأمعاء بسبب تلوث الطعام. نستقبل أيضًا أشخاصًا متعايشين مع الأمراض غير المعدية كالسكري وارتفاع ضغط الدم وغيرها من أمراض القلب والأوعية الدموية.

تعمل فرقنا أيضًا على تقييم الوضع الطبي والإنساني العام في هذه المدن. ويجري العمل حاليًا على فهم عمق احتياجات الناس هنا بعد سنوات من غيابنا عن المنطقة.

أنشطة أطباء بلا حدود في سوريا
مشهد للدمار يظهر جزءًا من الغوطة الشرقية، بالقرب من العاصمة دمشق، حيث سوّيت أحياء بأكملها بالأرض. سوريا، في 30 يناير/كانون الثاني 2025.
© Omar Haj Kadour

تحت الحصار والنيران

عندما سيطرت قوات المعارضة على الغوطة الشرقية في عام 2012، فرضت القوات المسلحة السورية حصارًا خانقًا على المنطقة. واستهدف القصف البري والجوي المتواصل المنازل والأسواق والمستشفيات، فيما منع دخول الغذاء والماء والأدوية بشكل متعمد كأسلوب من أساليب الحرب.

وتظهر الخسائر المدمرة التي لحقت بالسكان في تقرير أصدرته الأمم المتحدة. فبين 18 فبراير/شباط و11 مارس/آذار 2018، أسفرت الهجمات التي شنتها قوات الحكومة السابقة عن مقتل 1,100 شخص وإصابة أربعة آلاف آخرين. وخلال الفترة نفسها، أدى قصف جماعات مسلحة مختلفة على مدينة دمشق إلى مقتل وإصابة مئات الأشخاص الآخرين.

أنشطة أطباء بلا حدود في سوريا
يقوم الفريق الطبي بإعداد ورقة بيانات طبية حتى يتمكنوا من متابعة المرضى في العيادة المتنقلة التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود في الغوطة الشرقية. سوريا، في 30 يناير/كانون الثاني 2025.
© Omar Haj Kadour

المكافحة لإنقاذ حياة الناس

يقول عثمان الرفاعي، وهو أحد سكان الغوطة الشرقية، "بعد فرض الحصار في عام 2013، أصيب الكثير من الناس وفقدوا أطرافهم نتيجة الغارات الجوية اليومية. وكان الأطباء يسافرون إلى الخارج بسبب تدني الرواتب، وما زلنا نواجه تداعيات ذلك حتى اليوم".

وبين عامي 2013 و2018، قدمت أطباء بلا حدود الدعم عن بُعد للمسعفين السوريين في الغوطة الشرقية، حيث أرسلنا الإمدادات الطبية والدعم المالي بالإضافة إلى تقديم التوجيه الفني. كانت هذه هي الطريقة الوحيدة لمساعدة الفرق الطبية هناك نظرًا لعدم قدرتنا على العمل في المنطقة بشكل مباشر.

وفي عام 2013، دعمنا 20 عيادة ومستشفى، ولكن مع تصاعد العنف على مدار السنوات، انخفض هذا العدد إلى عيادة واحدة بحلول عام 2018. أما المرافق التسعة عشر الأخرى فإما أغلِقت أو هُجِرت بعد سيطرة قوات الحكومة السابقة على المنطقة. وفي مرحلة ما، لم يتبقَ أي مرفق يمكننا أن ندعمه.

ويضيف بلال السراقيبي، "اليوم، تبعث العيادات المتنقلة حسًّا بالارتياح لأناس قاسوا الكثير في الغوطة الشرقية على مدى السنوات الماضية. ورغم ما مروا به، لا يزال الناس قادرين على الابتسام. لقد عانوا كثيرًا، وهم في حاجة ماسة إلى الدعم لاستعادة حياتهم من جديد".

المقال التالي
سوريا
تحديث حول مشروع 24 ديسمبر/كانون الاول 2024