بعد ست سنوات من بدء النزاع العنيف في شمال موزمبيق، لا يزال الناس في كابو ديلغادو يعيشون في خوف. ففي عام 2024 وحده، اضطر أكثر من 80,000 شخص إلى الفرار بعد هجمات من جماعات مسلحةhttps://dtm.iom.int/reports/mozambique-movement-alert-report-101-08-25-feb-2024. وتعاني الأسر النازحة من حاجة ماسة إلى الغذاء والمأوى ومواد الإغاثة والرعاية الصحية وكذلك الرعاية النفسية.
وفي هذا الصدد، تقول الاختصاصية النفسية في أطباء بلا حدود في ماكوميا، إسبيرانشا تشينهانجا، وهي واحدة من أكثر المناطق تضررًا في كابو ديلغادو، "لقد تعرض النازحون لصدمات شديدة بسبب العنف. ويعاني بعض الناس من القلق ونوبات الهلع والأرق والعزلة وعودة ذكريات الصدمة. ويقول بعضهم إنهم فقدوا معنى الحياة ويذكرون أفكار اليأس من الحياة".
منذ عام 2017، نزحت العائلات عدة مرات. وقد شهد معظمهم أحداث عنف شديد بما في ذلك القتل والعنف الجنسي والاختطاف والابتزاز وإحراق القرى، أو وقعوا هم أنفسهم ضحايا لذلك. وقد تعرض أقارب وجيران الكثيرين للاغتيال أو قطع الرأس أو القتل بالرصاص، وفقد بعضهم عائلاتهم بأكملها.
العنف لا ينحسر، ويضطر الناس للفرار مرارًا وتكرارًا. واعتبارًا من يناير/كانون الثاني 2024، كان هناك نحو 76,000 شخص يعيشون في ماكوميا كانوا قد نزحوا خلال السنوات الماضية. وفي فبراير/شباط، نزح نحو 3,600 شخص حديثًا بعد حدوث هجمات متعددة في المنطقة. وتعدّ قصصهم مروعة.
جواكيم*، 42 عامًا، نازح منذ عام 2022، وهو الآن مسؤول عن تسجيل الواصلين الجدد إلى مخيم للعائلات النازحة في ماكوميا. يسجل جواكيم أسماء جميع الوافدين الجدد ويحمل قصصهم وتجاربهم واحتياجاتهم وإحباطاتهم. فيقول، "في الليل، لا يستطيع الكثير من الناس النوم لأنهم لا يزالون خائفين. يفضل الكثيرون البقاء مستيقظين لضمان أن كل شيء على ما يرام ولا شيء سيحدث". ويؤكد جواكيم على أن الغذاء يعدّ الحاجة الأكثر إلحاحًا بالنسبة للعائلات النازحة.
اضطر أمادي *، وهو مزارع يبلغ من العمر 60 عامًا، للفرار من قريته في بانجان في فبراير/شباط. ويقيم حاليًا في مخيم في قرية ماكوميا، على بعد حوالي 45 كم من بلدته. ويقول أمادي أثناء زيارته لعيادة أطباء بلا حدود، "عندما سمعنا إطلاق نار، بدأنا نركض. كانت هذه هي المرة الرابعة التي أفر فيها من الهجمات في قريتي منذ عام 2020. ليس لدينا أي طعام ونعتمد على كرم الآخرين. لقد فقدت الكثير من الوزن لدرجة أن سروالي يسقط لأنه لم يعد يناسب مقاسي. في الليل لا أستطيع النوم بسبب الجوع وذكريات الهجمات".
على غرار أمادي، نزحت إرنستينا جيريمياس، وهي قابلة تبلغ من العمر 32 عامًا، من تشاي في فبراير/شباط وهي حاليًا في قرية ماكوميا، على بعد حوالي 40 كم من منطقتها الأصلية. وتقول، "لقد دمرت الهجمات كل ما كان لدينا، بما في ذلك سبل معيشتنا. هذه هي المرة الثالثة التي أهرب فيها من تشاي. كانت الهجمات الأخيرة الأكثر وحشية لأنها حدثت بشكل متكرر لمدة أسبوعين. أنا في مركز للنزوح منذ وصولي إلى ماكوميا. هنا، أقدم الدعم للنساء الحوامل من مجتمعي اللواتي فررن أيضًا من الهجمات، وأُحيل الحالات الأكثر خطورة إلى عيادات أطباء بلا حدود. هذا ما يجعلني أستمر".
شاركت أتيجا، وهي أم تبلغ من العمر 28 عامًا، ما يلي أثناء مرافقة طفليها إلى عيادة أطباء بلا حدود في نانغا، "كنت حاملاً عندما تعرضت قريتنا للهجوم في منطقة ميلوكو في عام 2022. رأيت منزلي يحترق، وفقدنا كل ما كان لدينا في ذلك اليوم. هربت أنا وعائلتي إلى الأدغال ومشينا لمدة يومين. منذ ذلك الحين، وأنا لست كما كنت من قبل وما زلت أعاني من نوبات الهلع والأرق وأريد أن أكون وحدي معظم الوقت. أستمد قوتي لمواصلة العيش من أطفالي ومن سعيي لإيجاد طعام لنا. أنا أعمل في حقول الآخرين، وفي المقابل يعطوني الكسافا المجففة".
ليس لدينا أي طعام ونعتمد على كرم الآخرين. لقد فقدت الكثير من الوزن لدرجة أن سروالي يسقط لأنه لم يعد يناسب مقاسي.أمادي، مزارع اضطر إلى الفرار من قريته في بانجان
لا يزال للنزاع تأثير كبير على الخدمات العامة، لا سيما مع دمار المرافق الصحية، مما يفرض قيودًا كبيرة على إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية. في ماكوميا، من بين سبعة مراكز صحية قائمة كانت تديرها وزارة الصحة قبل النزاع، هناك مركز واحد فقط يعمل. تدعم منظمة أطباء بلا حدود ثلاث عيادات في قرية ماكوميا وتقدم المساعدة المنقذة للحياة والرعاية الطبية للنازحين، سواء الذين نزحوا سابقًا أو حديثًا.
لا يزال الوضع الأمني متقلبًا في كابو ديلغادو ومن السابق لأوانه الحديث عن الاستقرار وعودة الحياة إلى طبيعتها. اعتبارًا من ديسمبر/كانون الأول 2023، ما زال أكثر من 540,000 شخص نازحين، بينما عاد 600,000 شخص إلى قراهم . وفي عدة حالات، لا يزال العائدون إلى مناطقهم الأصلية يعيشون في خوف بسبب الصدمة التي عاشوها وخطر أن يصبحوا نازحين مرة أخرى بسبب هجمات جديدة.
* تم تغيير الأسماء حفاظًا على هوية الأشخاص الذين تمت مقابلتهم.
تعمل منظمة أطباء بلا حدود في كابو ديلغادو منذ عام 2019. وفي الوقت الحاضر، نعمل في مناطق ماكوميا وموسيمبوا دا برايا ومويدا ومويدومبي ونانغادي وبالما حيث نقدم مساعدات إنسانية وطبية مستقلة ومحايدة للمجتمعات النازحة والعائدين إلى مناطقهم الأصلية. في عام 2023، وصلت منظمة أطباء بلا حدود إلى أكثر من 85,000 شخص في أنشطة جماعية للصحة النفسية وقدمت 5,000 جلسة صحة نفسية فردية في كابو ديلغادو.