Skip to main content
Borno State – Gwoza

أمراض عديدة لا تزال تفتك بولاية بورنو في ظل جائحة كوفيد-19

بعد أكثر من عقد من النزاع المسلح وتفشي سوء التغذية الحاد والملاريا والحصبة والكوليرا، يواجه نحو 1.5 مليون نازح في ولاية بورنو اليوم خطراً آخر هو شبح مرض كوفيد-19. إذ يعيش الكثير من الأشخاص في مخيمات مكتظة للغاية تضم مرافق مياه وصرف صحي سيئة، وإمدادات محدودة من مستلزمات النظافة مثل الصابون والمياه، وغالبًا تفتقد لمساحات فردية على الإطلاق. كما أن البنية التحتية الصحية العاملة في بورنو أمرٌ نادر، والقدرة على إحالة المرضى محدودة للغاية. 

ومع وجود العديد من الأشخاص المعرضين بالفعل لتفشي الأمراض، من الضروريّ الحفاظ على تقديم المساعدات الإنسانية الأساسية، كما ينبغي تحسين مرافق المياه وخدمات الصرف الصحي في مخيمات النازحين، وتشتدّ الحاجة إلى تجهيز العاملين في القطاع الصحي على الخطوط الأمامية، والذين سيعتمد عليهم السكان، عبر توفير على معدات الوقاية الشخصية لهم.

تعمل منظمة أطباء بلا حدود في ولاية بورنو منذ عام 2014، وقد شهدنا خلال فترة عملنا في الولاية ظروفاً مؤسفة مر بها النازحون، والذين يعاني الكثير منهم بالفعل من أمراض موجودة أصلاً في التجمعات المكتظة جدًا، مثل الأمراض المنقولة بالمياه والتهابات الجهاز التنفسي مثل الالتهاب الرئوي، والذي تم تحديده على أنه تهديد كبير عند اقترانه بمرض كوفيد-19.

ولاية بورنو في نيجيريا
امرأة تصبّ المياه غير النظيفة التي جمعتها من البئر. في ولاية بورنو، تُستعمل هذه المياه للاستحمام وغسل الثياب. نيجيريا في فبراير/شباط 2020
Scott Hamilton/MSF

الحفاظ على الأنشطة الطبية المنقذة للأرواح

كان لكوفيد-19 تأثير مدمر على أنظمة الرعاية الصحية والأنظمة الاقتصادية والسكان في جميع أنحاء العالم، وهو يشكل تهديدًا كبيرًا في ولاية بورنو. ومع ذلك، حتى لو لم يكن المرض موجودًا في نيجيريا، فستظل الاحتياجات إلى المساعدة الإنسانية في بورنو هائلة. سيبدأ موسم الأمطار بعد فترة تزيد عن شهر بقليل، مما سيصاحبه زيادة في حالات الملاريا وسوء التغذية.

تعمل مستشفياتنا في مايدوغوري ونغالا وبولكا وغوزا على مدار 24 ساعة في اليوم وسبعة أيام في الأسبوع، وخلال موسم الأمطار ستكون جميعها ممتلئة بالحالات. ففي عام 2019 وحده، عالجت فرق منظمة أطباء بلا حدود أكثر من 10 آلاف مريض يعاني من سوء التغذية في بورنو وأكثر من 33 ألف حالة إصابة مؤكدة بالملاريا، كما استقبلنا أكثر من 40 ألف مريض في غرف الطوارئ التابعة لمنظمتنا.

ولاية بورنو في نيجيريا
مخيم مكتظّ للنازحين في مايدوغوري في ولاية بورنو. نيجيريا في مارس/آذار 2020
Scott Hamilton/MSF

لذلك يجب ألا يتم الاستهانة بالتأثير الذي سيحدثه مرض كوفيد-19 على مرضانا، ففي حال أدّت الفوضى الناجمة عن هذا الوباء إلى الحد من المساعدات الإنسانية، فستكون النتائج كارثية.

إن منظمة أطباء بلا حدود قلقة للغاية إزاء انتشار مرض كوفيد-19 والتأثير الكارثي المحتمل الذي سيحدثه على الأشخاص الأكثر احتياجاً. ومع انتشار الفيروس في نيجيريا، فإن أولويتنا تتمثل في الحفاظ على عملياتنا التي تنقذ آلاف الأرواح كل عام، وحماية مرضانا وموظفينا.

وفي سبيل تحقيق هذه الغاية، عززت فرقنا الطبية واللوجستية تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها، وأبلغت المجتمعات المحلية حول أفضل تدابير الوقاية من كوفيد-19، وقامت بإعداد نقاط مخصصة لغسل اليدين في المجتمعات المحلية، وإنشاء مناطق عزل ومواءمة عمليات تصنيف حالات المرضى لتتناسب مع الظرف القائم.

وفي هذا الوقت الذي نشهده من الطلب العالمي غير المسبوق على الإمدادات الطبية، يشكل شراء معدات الحماية الشخصية لموظفي الرعاية الصحية تحديًا كبيرًا، ومع ذلك فهو تحدٍ علينا مواجهته من أجل حماية العاملين الطبيين في الخطوط الأمامية ومواصلة تقديم العلاج لمرضانا.

ولاية بورنو في نيجيريا
مخيم للعبور يعيش فيه النازحون الوافدون حديثاً في بولكا في ولاية بورنو. نيجيريا في نوفمبر/تشرين الثاني 2019
Scott Hamilton/MSF

المياه النظيفة: مورد ثمين ومحدود

في بولكا، حيث تدير منظمة أطباء بلا حدود مستشفىً شاملاً ينفذ أنشطة التوعية، ويضم قدرات جراحية، وخدمات رعاية الأمومة، وعلاج ضحايا العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، فإن الوضع صعب للغاية. وبولكا تعدّ بمثابة حامية عسكرية، أي أنها مركز سكاني يسيطر عليه الجيش النيجيري.

بولكا اليوم موطن لحوالي 63 ألف شخص، 78 بالمائة منهم نزحوا على الأقل مرة واحدة منذ عام 2015. كما يوجد فيها 27 ألف شخص يعيشون في مخيمات مكتظة بالنازحين مع إمكانية وصول محدودة إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك المياه والغذاء وخدمات الرعاية الصحية. ففي كل من بولكا وجوزا (بلدة حامية مجاورة)، فإن مخيمات العبور للقادمين الجدد مكتظة. في غوزا، يبلغ عدد سكان مخيم العبور ثلاثة أضعاف الطاقة الاستيعابية الموصى بها. وفي بولكا، تستضيف الملاجئ الجماعية الناس لشهور أو حتى سنوات على الرغم من تصميمها لتكون حلاً مؤقتًا لمدة أسبوعين فقط.

في تقييم حديث أجري على المياه وخدمات الصرف الصحي، وجدت منظمة أطباء بلا حدود أن حصة المياه يوميًا للفرد في بولكا كانت 11 لترًا فقط، وهي أقل بكثير من الحد الأدنى المطلوب (20 لتراً) حسب المعايير الإنسانية للصحة والنظافة. من هذه الـ 11 لترًا، كان ما معدله لتري ماء فقط مضاف إليها الكلور وآمنة للشرب. كما تم تسجيل كميات منخفضة تصل إلى 4.5 لتر لكل شخص في الاستطلاعات السابقة.

أجيا آدم، نازحة تعيش في بولكا "عليك أن تستيقظ مبكرًا إذا كنت تريد الحصول على ما يكفي من الماء ... لدي سبعة أطفال، وأحيانًا لا يكفينا الماء حتى للشرب – أحيانًا علينا أن نتوسل إلى جيراننا للحصول على مياه الشرب."
Ajia Adam

خدمات المياه والصرف الصحي في مايدوغوري، عاصمة ولاية بورنو، ليست أفضل بكثير. وقد استجابت منظمة أطباء بلا حدود سبع مرات لتفشي الكوليرا في مايدوغوري بين عامي 1999 و2011، وفي عام 2018، تم تشخيص أكثر من 4,000 شخص بالكوليرا في 18 منطقة حكومية محلية في ولايات بورنو وأداماوا ويوبي.

وتقول رئيسة بعثة منظمة أطباء بلا حدود في نيجيريا سهام حجاج، "في جميع الأماكن التي يعيش بها النازحون والتي تعمل بها منظمة أطباء بلا حدود في ولاية بورنو، تؤدي الفجوات في مرافق المياه والصرف الصحي الأساسية إلى تفاقم التهديد الذي يشكله مرض كوفيد-19."

وتضيف، "وتجتمع هذه الفجوات، مع الاكتظاظ، والمشاكل الصحية الموجودة بالأصل، مع عدم وجود البنية التحتية للخدمات الصحية الضرورية، لتريد من مستوى الخطر على السكان. وكما أنه لا شك في الخطر الذي يمثله كوفيد-19، فمع ذلك، هناك شيء واحد نعرفه على وجه اليقين هو أن الأمراض والحالات الطبية الأخرى لن تتراجع أو تهدأ وطأتها. ولا يمكننا أن نترك هذا الوباء يعطل المساعدات الطبية الأخرى – فاستمرار تقديم الخدمات الطبية في هذا الوقت أمر ضروري وسوف ينقذ الأرواح."

لا يمثل مرض كوفيد-19 التهديد الوحيد الذي يواجهه الناس في ولاية بورنو، لكن وجوده في نيجيريا يسلط الضوء على الاحتياجات الشديدة للكثير من الذين عانوا بالفعل من أهوال الحرب والمرض وسوء التغذية. فبالنسبة لهم، فإن التباعد الاجتماعي هو رفاهية مجردة، وغسل اليدين المتكرر يستنفذ مورداً ثميناً بالنسبة لهم. وفي مواجهة هذه الجائحة، أصبحت تداعيات البنية التحتية الصحية الضعيفة في بورنو أكثر وضوحًا من أي وقت مضى. ومن الضروري الحفاظ على المساعدات الإنسانية التي يتم تقديمها لهؤلاء السكان، وعدم النجاح في القيام بذلك ستكون تكلفته العديد من الأرواح.

المقال التالي
العراق
تحديث حول مشروع 25 سبتمبر/أيلول 2020