تسبّبت الزلازل التي ضربت جنوب تركيا وشمال غرب سوريا في دمار لا يوصف. وكانت منظمة أطباء بلا حدود في وقت وقوع الكارثة توفر الدعم في شمال غرب سوريا للأشخاص الذين طالت معاناتهم جراء أكثر من 12 عامًا من الحرب. في ما يلي، يُطلعنا منسق مشروع منظمة أطباء بلا حدود في منطقة إدلب، أحمد رحمو، على آخر المستجدات حول الوضع على الأرض.
"بعد أربعة أيّام من وقوع الزلازل، تواصل فرقنا توفير الاستجابة الطارئة في شمال غرب سوريا ولم نتلقَ حتى الآن دعمًا دوليًا يُذكر. يُعد عملنا ضروريًا ولكنه أيضًا مجرد قطرة في محيط، إذ أنّ الاحتياجات هائلة في المنطقة. نحن نعمل على تلبية الاحتياجات الأساسية من خلال توفير الغذاء والماء والرعاية الطبية.
ونظرًا إلى الافتقار إلى التمويل اللازم لتقديم المساعدات الإنسانية وإلى صعوبة الوصول إلى هذه المنطقة غير الساحلية، فإن معظم المستشفيات السورية كانت تواجه أساسًا قبل حدوث هذه الكارثة صعوبات عديدة ونقصًا في الموارد. فقد شكّل نقل الإمدادات والأدوية من تركيا إلى سوريا تحديًا هائلاً بالفعل، إذ يعدّ معبر باب الهوى نقطة العبور الوحيدة للقوافل الإنسانية إلى شمال غرب سوريا وقد كان عرضة لتوترات سياسية قبل الكارثة.
إلا أن هذا المعبر أُغلق لمدة ثلاثة أيام بعد الزلازل وأُعيد فتحه يوم أمس فقط (9 فبراير/شباط)، ويشهد حركة مرور ضعيفة للغاية حتى الآن. إنّ المنظمات الإنسانية العاملة داخل شمال غرب سوريا منهمكة في توزيع مخزونات الطوارئ المتاحة لديها في الموقع، بما أنه لا مجال لإضاعة الوقت في الوصول إلى سكان هذه المنطقة، ويأتي توزيع المساعدات على رأس الأولويات، إذ يعيش مليونا شخص في مخيمات النازحين، وغالبًا في خيام تعصف بها الرياح.
وكانت عاصفة ثلجية قد ضربت المنطقة قبل أسبوع من الزلازل لتتدهور على إثر ذلك الظروف المعيشية بشكل كبير. تبرعنا بمعدات التدفئة والبطانيات والمراتب، التي تعتبر بمجملها ضرورية في هذه الظروف الجوية، نظرًا لانخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر خلال الليل.
واليوم، أُجبر عدد متزايد من الأشخاص على الانضمام إلى هذه المخيمات، بينما تم فتح مراكز استقبال لاستيعاب المزيد من الأشخاص الذين شرّدهم الزلزال. يبلغ عدد مراكز الاستقبال في محيط إدلب 15 مركزًا حاليًا، وقد أقمنا عيادات متنقلة لتقديم الاستشارات الطبية في خمسة منها، بينما نعمل على توسيع نطاق هذا النشاط في الأيام القادمة.
استجابت فرقنا أيضًا من خلال التبرع بالمواد الطبية لأكثر من 10 مستشفيات. نحن نستجيب لمجموعة متنوعة من الاحتياجات المرتبطة بالكسور أو رعاية التوليد أو غسيل الكلى.
وعلاوة على ذلك، أرسلنا جزءًا من طاقمنا الطبي من مستشفانا في أطمة، المتخصص في رعاية ضحايا الحروق، لدعم المستشفيات الأخرى المزدحمة بأعداد غفيرة من الجرحى بما يتجاوز قدرة الموظفين. كما نشرنا سيارات الإسعاف التابعة لنا ليتم استخدامها في عمليات النقل بين المستشفيات.
كان أناس كثر يدفنون أطفالهم بينما مازال آخرون تحت الأنقاض. لم تنج أي عائلة من الموت، فقد فقدت كل عائلة واحدًا من أفرادها أو أكثر. إنّ عملية إخراج الناس من تحت الأنقاض تستغرق وقتًا طويلًا.سمر، مشرفة التوعية الصحية في أطباء بلا حدود
تشاركنا فرقنا كل يوم قصصًا مأساوية. فقد فقَدَ بعض الناجين كل ما يملكون، منازلهم وملابسهم وإمكانية الحصول على الغذاء وأحيانًا أفرادًا من عائلاتهم وأموالهم، كل شيء... وهم يعيشون الآن في خيام. إنهم بحاجة إلى الملابس ومستلزمات النظافة والماء والغذاء، إنهم بحاجة إلى كل شيء.
كما يتعيّن على المنظمات الإنسانية حماية هؤلاء الأشخاص من الكوليرا التي تفشت مؤخرًا في المنطقة منذ سبتمبر/أيلول الماضي والتي تنتشر في مثل هذه الظروف المحفوفة بالمخاطر، حيث تنعدم إمكانية الوصول إلى المياه النظيفة. وخلال الأشهر الماضية، عالجت فرقنا هذا المرض، إلا أننا لا نستطيع تغطية جميع الاحتياجات، وخصوصًا في ظلّ تردّي الوضع العام. فبالنسبة للعديد من سكان هذه المنطقة، أضحت الظروف المعيشية أشد صعوبة من أي وقت مضى".