Skip to main content
MSF in Poua hospital

"ضحايا مزدوجة" – المصابون بفيروس نقص المناعة البشرية هم يعانون مرتين في مناطق النزاع

شهد العقد الماضي تقدماً كبيراً في توفير علاجات فيروس نقص المناعة البشرية المنقذة للحياة - ولكن سكان جمهورية أفريقيا الوسطى أو جنوب السودان أو مناطق من اليمن معذورون للاعتقاد بأن شيئا لم يتغير. في الواقع، لا تزال خدمات فيروس نقص المناعة البشرية معدومة على نطاق واسع في المناطق غير المستقرة. فالأشخاص المصابون بهذا الفيروس الذين يعيشون في مناطق النزاع يعانون مرتين، أولاً من الفيروس ذاته، وثانياً من عدم توفر الخدمات الصحية، ما يجعل الحصول على العلاج مستحيلاً.

هناك اعتقاد سائد بأن معدلات انتشار فيروس نقص المناعة البشرية في البلدان غير المستقرة منخفضة - ولكن في الحقيقة هناك مناطق يزيد معدل انتشار الفيروس فيها عن 10 في المئة. وفي الوقت عينه، غالبا ما تكون تغطية العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية في هذا السياق أقل من 20 في المئة، نظراً لوجود الكثير من التحديات في وجه تقديم العلاج.

في مناطق النزاع أو الحرب، قد يضطر المرضى والعاملون الصحيون إلى الفرار من منازلهم بسبب العنف، كما أن التغيير في الخطوط الأمامية قد يؤدي الى وقف إمدادات الأدوية. ويترتب على ذلك عواقب صحية وخيمة، ففيروس نقص المناعة البشرية يتطلب مستويات عالية من الالتزام بالعلاج للسيطرة على المرض.

كما أن الآثار الجانبية للنزاع - بما في ذلك انعدام الأمن الغذائي والمياه الملوثة والأمراض والإجهاد البدني والنفسي نتيجة العيش في منطقة حرب – قد تؤثر سلباً على تطور المرض.

وبالنسبة لتنقل النازحين عبر الحدود، فلذلك تداعيات خطيرة على استمرارية تلقيهم الرعاية. خلال النزاع في جمهورية أفريقيا الوسطى، فرت أعداد كبيرة من الناس إلى تشاد والكاميرون وإثيوبيا وأوغندا واستقروا في مخيمات مؤقتة للاجئين. ومع كثرة الأولويات الصحية المتنافسة، لا يزال علاج فيروس نقص المناعة البشرية غير متوفر في المخيمات، كما لا يمكن للاجئين طلب العلاج لهذا الفيروس في البلدان المضيفة.

وينبغي القول أن تقديم العلاج في أماكن النزاع صعب لكنه غير مستحيل. خلال السنوات العشر الماضية، تمكن فريقنا من الوصول إلى مرضى فيروس نقص المناعة البشرية المحاصرين في مناطق النزاع وتقديم العلاج لهم.

وقد تمكنا من القيام بذلك من خلال تكييف أنشطتنا مع نمط حياة مرضانا وأوضاع معيشتهم، باستخدام عروض الرعاية المبسطة وأدوات المراقبة سهلة الاستخدام. فالنهج الذي نعتمده يرتكز على المريض، وتوفير الأدوية بالقرب من منازل المرضى، وتقديم الوصفة الطبية على ثلاثة إلى ستة أشهر كل مرة. كما أن تقديم الاستشارة وتمكين المريض يلعبان دوراً هاماً.

وقمنا أيضاً بوضع عدد من الاستراتيجيات المبتكرة، مثل "حزمة الهروب" داخلها مخزون من الأدوية في حال أُجبر المريض على الفرار - ونقل المرضى إلى العيادات في المناطق الأكثر استقراراً. في بوغيلا، وجمهورية أفريقيا الوسطى، تقدم منظمة أطباء بلا حدود العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية إلى نحو 500 شخص مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية، إلا أن أعمال العنف الأخيرة، حالت دون حصول أكثر من 200 مريض على الدواء.

قبل النزاع في جنوب السودان، والذي بدأ قبل عام، قدمت منظمة أطباء بلا حدود الرعاية والعلاج من فيروس نقص المناعة البشرية في لانكين وبانتيو وناصر ولير، إلى 293 مريضاً بمضادات الفيروسات القهقرية. إلاّ أنه نتيجة العنف المستشري أُجبر المرضى على النزوح إلى مناطق لا يوجد فيها رعاية صحية بديلة وانقطع عنهم العلاج. مجدداً، ساعدت "حزمة الهروب" مرضانا في متابعة علاجهم حتى خلال اختبائهم في الأدغال.

وفي اليمن، حيث احتدم النزاع العنيف منذ العام 2011، قدمنا ​​العلاج إلى 350 مريضاً. خلال الاضطرابات، قامت فرق منظمة أطباء بلا حدود بتقديم بطاقات معلومات إلى المرضى مع أرقام هواتف موظفي المنظمة حتى يتمكنوا من ترتيب لقاءات واستلام أدويتهم، حتى خلال الاختباء.

تُعلمنا التجارب أن الظروف الصعبة لا تشكل أبدا ذريعة للتقاعس عن العمل. فقد أثبتنا أن توفير الرعاية لمرضى فيروس نقص المناعة البشرية في مناطق النزاع ممكن. والآن يجب على الحكومات والجهات المانحة والمنظمات الصحية غير الحكومية مواجهة التحدي وبذل المزيد من الجهد لتلبية الاحتياجات الصحية والإنسانية للأشخاص الذين يعانون من فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، وتحسين فرص حصولهم على العلاج وضمان استمرارية الرعاية المقدمة لهم.

وعلى الرغم من النجاحات حتى الآن، يتعين على جميع الجهات المعنية، بما فيها منظمة أطباء بلا حدود بذل المزيد من الجهود لتلبية الاحتياجات الصحية الطارئة للأشخاص المستهدفين مرتين نتيجة للنزاع.

سيسيليا فيريرا الاستشارية الطبية لمنظمة أطباء بلا حدود حول فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز.

المقال التالي
اليمن
بيان صحفي 3 ديسمبر/كانون الاول 2015